التجسس لم يعد مجرد شخص يتنصت علي آخر.. أو جهاز مخابراتي يجند أشخاصاً لجمع المعلومات عن شخصيات عامة أو أماكن حيوية معينة فحسب.. فالأمر تطور حتي وصل بنا الحال إلي أن نصبح جميعاً ضحية التطور التكنولوجي ويستطيع أي شخص أن يتجسس علينا ويخترق حساباتنا ويسجل مكالماتنا الشخصية بل ويراقب أدق التفاصيل في غرف النوم بمنازلنا عن طريق اختراق هواتفنا المحمولة "الاندرويد" ببرامج التجسس أو تطبيقات اختراق الخصوصية المختلفة التي تسمح بالتحكم الكامل في الهاتف أو الحاسب اللوحي والتجسس علي جميع اتصالاته ونشاطاته من أي حاسب باستخدام متصفح الويب وكذلك مراقبة جميع أشكال المراسلات الفورية واستخدام التطبيقات وتتبع الأماكن من خلال أجهزة تحديد الموقع "GPS" والاستماع المباشر وتسجيل المكالمات الهاتفية والأصوات الموجودة في محيط الهاتف وإعطاء تنبيهات والابلاغ عن البيانات الهامة واختراق كلمات السر. وللأسف نحن جميعا نساعد في تقديم معلوماتنا الشخصية مجاناً لهذه التطبيقات مقابل خدمة هزيلة فارحين بها دون النظر لحجم الكارثة التي نفعلها والجاسوس نضعه في جيوبنا ومكاتبنا ومنازلنا لمراقبتنا طوال الوقت. بعض أفلام السينما حاولت تسليط الضوء علي مثل هذه الكارثة والتي تهدد الأمن والاقتصاد القومي ولكن دون جدوي فكثير منا يتطلع لاستخدام التطبيقات الحديثة ويقوم بتحميلها علي الهاتف سواء كانت مهمة أو غير مهمة دون النظر لمزاياها وعيوبها أو سياسة خصوصيتها وأيضا الدخول في المسابقات المنتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي والتي تطلب أذونات للوصول إلي المعلومات ونحن نسمح بذلك. فضلا عن الأخطاء التي نرتكبها عندما نقدم علي بيع الهاتف ونقوم بمسح صورنا وملفاتنا بطريقة تقليدية الأمر الذي أدي إلي العديد من حوادث القتل والسرقة وغيرها من الموبقات بسبب تمكن البعض من استعادة تلك المعلومات والصور مرة أخري واستخدامها ضد الشخص ذاته بل وابتزازه في بعض الأحيان أو فضحه. "المساء" تنبهت لهذه الكارثة وحققت فيها لتوعية المواطنين من خطورة هذه البرامج والأخطاء الشائعة وكيفية حماية الأجهزة من الاختراق أو التجسس. في البداية انتقلت إلي شارعي "عبدالعزيز" و"العطار" حيث يوجد العديد من مراكز البيع والشراء للأجهزة الجديدة والمستعملة وكذلك محال الصيانة والبرمجة "السوفت وير" وقطع الغيار.. والمفاجأة كانت رفض المبرمجين للحديث بحجة انشغالهم في العمل.. ولكن الحقيقة غير ذلك حيث قال أحدهم رفض ذكر اسمه: "يا بيه محدش حيقولك علي سر المهنة وأكل عيشه.. ريح نفسك واعرف اللي عايزه من علي الإنترنت". رد فعل أصحاب المحال والمبرمجين زادنا إصراراً علي استكمال التحقيق وتوعية المواطنين حتي لا يقعوا فريسة لهذه البرامج التي تستخدم معلوماتهم الشخصية ضدهم.. وقررنا الحديث مع الخبراء والمتخصصين في هذا المجال وتقديم روشتة تجعلنا نحمي أجهزتنا ونحافظ علي معلوماتنا الشخصية من التجسس أو الاختراق. أكد خبراء الاتصالات وحماية المستهلك أن تأمين الهواتف وحماية الخصوصية شيء صعب جداً فلا يوجد حماية بنسبة 100% خاصة أن مستخدمي تطبيقات "الأندرويد" يقدمون خصوصياتهم مجاناً مقابل مزايا هزيلة. حذر الخبراء من تحميل الألعاب أو التطبيقات المجانية أو الدخول علي واقع مشبوهة أو الاشتراك في المسابقات الموجودة علي مواقع التواصل الاجتماعي حتي لا يقع المستخدمون فريسة للهاكرز أو يتم سرقة معلوماتهم الشخصية والتجسس عليهم. أكد المهندس طلعت عمر "نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات" أن اختراق الخصوصية أصبح من أسهل الاشياء في ظل تقديم مستخدمي الهواتف والبرامج المختلفة معلوماتهم الخاصة مجاناً في مقابل خدمة هزلة يحصلون عليها.. موضحاً أن كل برنامج نقوم باستخدامه يطلب الخصوصية ونحن جميعا نتطوع ونقدمها مجانا.. فلا نلوم غير أنفسنا عندما يستخدم المشغل تلك المعلومات ضدنا. حذر عمر المستخدمين من تحميل أي برامج غير معروفة خاصة أن هناك برامج كثيرة علي مواقع التواصل الاجتماعي وكل من يستخدمها تتم سرقة بياناته فوراً.. علي سبيل المثال: تطبيق فايبر عند بداية انطلاقه كان يمتلكه ويديره إسرائيلي ومع ذلك وجدنا العديد من المستخدمين سعداء بالمزيا التي يقدمها التطبيق وبعد بيعه أعلن صاحبه أن حجم الاستفادة من البرنامج وما حصل عليه من معلومات أضعاف أضعاف ما أنفقه علي الموقع.. إذاً نستطيع أن نقول نحن شريك أساسي في عدم احترام خصوصيتنا. أضاف: لا يمكن حماية الخصوصية بنسبة 100% ولا يمكن حماية المواقع من الاختراق أو التأمين بنسبة 100% علي الرغم من وجود برامج التأمين بدليل اختراق مواقع الدفاع الأمريكية وأكبر مواقع البنوك العالمية نتيجة التطور في برمجيات الهواتف الذكية والتي اصبحت تتيح امكانيات ضخمة جداً حتي تجبرنا علي وضع برامج علي الهاتف تكون متتبعاً شخصياً وأميناً لمن يقوم بتحميله وإرسال كافة بياناته وتصرفاته حتي غرفة نومه إلي الجهة المسيطرة عليه.. ولذلك نحذر أيضا من قبول أي موبايلات هدية من أشخاص أو جهات غير معروفة حتي لا يكون محملاً عليها برامج تجسس وخاصة أن هناك مسابقات تقدم هواتف هدية بمعني أننا "نكسب جاسوس ونضعه في جيوبنا" ويرسل كل شيء ونحن لا نعرف. طالب عمر المستخدمين بالحرص خلال استخدام الهواتف وعدم ترك أي معلومات هامة وعدم تركه مع أي شخص آخر وعدم تحميل برامج مجهولة المصدر أو تجسس عليه وضرورة إغلاقه أثناء النوم وأيضا وضعه بأدراج المكاتب أثناء العمل وفي حالة الشك في وجود ذبذبات وإشارات للهاتف وهومغلق يفضل إعادة ضبط المصنع لأنه من المحتمل أن يكون مخترقاً.. كما طالبهم بحذف الملفات والصور الشخصية بطريقة صحيحة من علي الأجهزة قبل البيع وإبلاغ الشركة المشغلة للجهاز بأن تلك البيانات المحذوفة لا تتعلق بالجهاز منذ لحظة البيع حتي لا يتم استرجاع تلك المعلومات مرة أخري. شدد عمر علي أن وسائل الإعلام عليها دور كبير لتوعية المستخدمين بخطورة هذه البرامج وحجم الكارثة حتي لا يقعون فريسة سهلة للهاكرز. حذر اللواء عاطف يعقوب "رئيس جهاز حماية المستهلك" مستخدمي الهواتف "الأندرويد" من تحميل البرامج غير المعتمدة أو استقبال أي "لينكات" أو رسائل غير معروفة من أشخاص مجهولين أو الدخول علي روابط ومواقع علي سبيل المعرفة لأنها تحمل فيروسات تخترق الأجهزة ويحصلون من خلالها علي جميع المعلومات الشخصية واستخدامها ضد المستخدمين.. مشيرا إلي أن "الجهاز" رصد العديد من الحالات التي تدخل علي واقع المسابقات المجهولة والتي تفتح بطريقة تلقائية مواقع جنسية وبها تضليل كبير وبمجرد فتح الموقع يتم اختراق الأجهزة وسرقة كافة المعلومات الشخصية. أوضح يعقوب أن جهاز حماية المستهلك قام بالتنسيق مع الأممالمتحدة العام الماضي لحماية المستهلك الكترونياً وإرساء مبدأ حق المستهلك في الحماية الالكترونية وبالتالي أصبح علي وزارة الاتصالات ومرفق تنظيم الاتصالات التزام بحيث يقومون بتأمين المستهلك قبل دخوله علي هذه المواقع. قال المهندس مالك صابر "مبرمج هواتف": هناك خطوات مبدئية قبل عملية بيع الأجهزة المحمولة يجب اتباعها ورغم ذلك لا يوجد تأمين تمام ويمكن استرجاع المعلومات ولكن بصعوبة بالغة عن طريق اعادة ضبط المصنع بالجهاز.. أما بالنسبة لاختراق الخصوصية للأندرويد أصبح شيئاً سهلاً جدا وخاصة أن "الهاكرز" دائماً يسبق الحماية خطوة.. والسبيل الوحيد للحماية هو التحديث الأمني للجهاز بشكل مستمر لعدم اكتشاف أي ثغرة يتم من خلالها اختراق الأجهزة. أضاف أن استخدام برامج التجسس والتتبع لابد أن يقتصر علي الجهات الأمنية فقط لمساعدتها في تعقب الارهابيين والخارجين عن القانون. قال المهندس أحمد العطيفي "خبير صناعات الاتصالات" إن هناك عدة برامج تعمل علي تتبع تحركات مستخدمي أجهزة "الأندرويد" ومن الضروري عليهم حماية معلوماتهم الشخصية عن طريق عدة برامج منها "ميكا في" وتعد من أهم خصائصها معرفة نوعية البرامج المجانية المحملة ونشاطها وعواقبها خاصة وأن برامج التجسس تعمل علي سرقة كافة المعلومات من كارت الميموري وذاكرة الهواتف ويمكن من خلالها التجسس عبر كاميرات الهواتف حتي لو كانت مغلقة علي المستخدمين أن يقللوا من استخدام "الداتا" وقفل ال "GPS" حتي لا يكونوا لقمة سائغة لبرامج الاختراق والتجسس. أضاف أن أغلب الألعاب المجانية تخترق الهواتف قانونياً عندما يطلبون من المستخدم تنشيط اللعبة من خلال تفاعله بالبريد الالكتروني ل "فيس بوك" أو "الجي ميل" الخاص بالمستخدم ويعد هذا تصريحاً رسمياً للاختراق. طالب د. أحمد مختار منصور "خبير صناعة الاتصالات" بعمل تشريعات تمنع برامج الاختراق خاصة أن قوانين منع الخصوصية تختلف من دولة إلي أخري ففي الدول الأوروبية تحديد ومعرفة مكان المستخدم لا يعتبر تجسساً.. مشيراً إلي أن تجريم هذه البرامج سيجبر الشركات علي عدم استخدامها. أضاف أن هناك بعض المستخدمين يقومون بتحميل برامج التجسس دون علم وتكثر في برامج الألعاب المجانية وهذه تعد من أحد مشاكل جهاز تنظيم الاتصالات لأنهم يسمحون بها. حذر مختار المستخدمين من كثرة استخدام "الداتا" لأنها تعتبر إحدي الطرق لبرامج الاختراق والتجسس في التفعيل.. منوها إلي أن هناك بروتوكولاً رسمياً من شركات الهواتف المحمولة وشبكات الهواتف المحمولة تنص علي احترام خصوصية المستخدم والحفاظ علي معلوماته الخاصة وهناك أيضا عدة أشكال لبرامج الاختراق وهي إرسال بعض الإعلانات والصور للمستخدم فيعمل المستخدم علي تفعيلها وبذلك يكون عمل برنامج التجسس علي نقل كافة معلوماته الشخصية من علي هاتفه "الأندرويد". أوضح المهندس خالد حجازي "النائب الأول لفودافون مصر" أن شركات الاتصالات ترصد ميزانيات كبيرة لمكافحة "الهاكرز" أو الاختراق للحفاظ علي سرية بيانات العملاء. أضاف أن برامج التجسس ظهرت مع اختراع الكمبيوتر.. محذراً المستخدمين من الدخول علي المواقع المشبوهة أو المريبة حتي لا يقعوا فريسة للهاكرز.