يظن البعض أن الاعاقة هي فقدان الإنسان لحاسة معينة أو حرمانه من جزء مؤثر في جسمه.. ولكن الحقيقة الدامغة أن الاعاقة الحقيقية هي فقدان الإرادة وإنعدام العزيمة.. فكم من أصحاء لا يتحركون ولا يعملون ويضعون سلبياتهم علي شماعة الظروف.. وهناك من وضعه الله في اختبار حقيقي بفقدان حاسة معينة ومع ذلك لم يتوقف ولم يشتك ولم يتحجج ولم يتسول.. فعمل واجتهد وتغلب علي اعاقته ليصبح نجارا ويشهد له الجميع بالكفاءة.. إنه عم محمد. عم محمد جلال حسين رضوان عمره "62 عاما" كفيف بسبب المهنة حيث كان يعمل علي ماكينة نجارة في ورشة وهو في عمر 27 عاما وقام أحد العمال بدفع زراع الماكينة عليه واستقرت في عينه مما أدي إلي ضمور في الشبكية ثم فقدان البصر نهائيا.. فلم ييأس وحاول أن يعمل في مهن أخري مثل السجاد اليدوي وعش الغراب ثم حصل علي دورة من مركز البحوث الزراعية حتي يزرع ¢المشروم¢ عش الغراب ولكنه فشل ثم حاول الفخار الذي آثار حفيظة زوجته بسبب الحشرات التي ملأت المنزل فترك الفخار وعاد مرة أخري إلي النجارة وفي بادئ الأمر واجه صعوبة لممارسة المهنة وهو كفيف حتي ان المنشار قطع أصبعه لأنه لا يراه ومع الوقت تغلب علي الصعاب ويوما بعد يوم تعايش مع الظلام.. مؤمن أنه لا يوجد مستحيل ولا صعب ولا يأس وكان من الممكن أن يحبط أن يتسول بسبب ضيق اليد ولكنه رفض فهو لا يريد شقة ولا علاجاً من الاعاقة ولكن كل ما يريده فقط خامات ولو بمقابل نسبة من المنتج وأن لم يكن الشغل علي المستوي المطلوب خذوا منه شقته التي يسكن بها. فهو يتعامل مع عامل الزجاج وعامل الخشب والزان والكونتر والفايبر. وهو من يقوم باحضار الخشب بنفسه ويطوف المحافظات لاحضاره. ويذهب إلي ماكينة التقطيع ويقوم بأخذ المقاسات بنفسه ويقوم بتفصيل الخشب وتجميعه وتركيبه بنفسه لتحصل في النهاية علي منتج معين يأمل أن يحصل من خلاله علي جودة ¢الايزو¢ العالمية لأنه لا يرغب في بيع منتجاته فحسب بل انه يأمل في تصدير ما يصنع بإقامة معارض خارج مصر وداخلها.. ومن المواقف الطريفة انه فوجئ بمن يطرق عليه الباب ومعه عصا وفاقد البصر ويريد منه مساعدة وعندما اقترب منه اكتشف انه هو الكفيف وان هذا الشخص يصطنع الاعاقة.. وقال له تعالي معي واجعلك تملك فيلا في خلال سنة بمهنة المتسول فقال له إنه لديه أولاد ويتمني أن يفخروا به ولو كنت كفيفاً فالعمل عبادة وشرف والاعاقة من عند الله فهي فخر لي واتشرف بها واعتبرها اختباراً من المولي عز وجل لي. وحينما سألناه هل يواجه صعوبة في ممارسة النجارة وهو كفيف قال إنه لا يواجه أي مشكلة فهناك عمدة ولاية أمريكية كفيف وخير مثال علي ذلك طه حسين الذي كان وزيرا للمعارف وعمار الشريعي فأنا لا اختلف عنهم في شيء لأني أملك الإرادة والإبداع في صنع شيء جميل تفخر به أبنائي وبلدي. فقد قام بصنع 100 طاولة و50 زجاج 50 خشب وصنع 50 عربية شاي و30 مكتبة. عم محمد لديه من الأولاد مؤمن 26 عاما مؤهله فوق المتوسط ورضوان مؤهل عال.