قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إنه يشارك لأول مرة في هذه القمة التي تأتي بعد عشر سنوات من انعقاد القمة الأولي في البرازيل ونوه الرئيس السيسي في كلمته أمام أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية مساء أمس بتشابهه النماذج التنموية والاجتماعية والاقتصادية بما يمهد إلي آفاق أوسع من التعاون بين البلدان العربية وبلدان أمريكا اللاتينية. قال السيسي إن هناك حاجة ماسة للارتقاء بمستوي وآفاق التعاون بين الجانبين لتحقيق رفاهية الشعوب علي ضوء ما يملكه الطرفان من إمكانات وفرص في جميع المجالات داعياً إلي مزيد من التعاون بين القطاع الخاص لزيادة التبادل التجاري والاستثماري. وحذر من ان كيانات ومؤسسات دول المنطقة تتعرض لمخاطر تفكك حقيقي وحاولت جماعات تتبني الفكر المتطرف استغلال الأجواء الراهنة في المنطقة مما كان سيدفع هذه الدول نحو الفوضي والانقسام غير ان شعب مصر رفض هذه المحاولات. أضاف السيسي أن مصر تشهد حالياً الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق وهو الانتخابات البرلمانية فضلاً عن انطلاقة اقتصادية متمثلة في مشروعات قومية كبري وقناة السويس الجديدة خير دليل علي الإرادة الحقيقية التي يتحلي بها الشعب المصري. وأشار إلي أن مصر تتطلع للتواصل مع دول أمريكا الجنوبية لإطلاعهم علي فرص الاستثمار الواعد بها في ظل خططها التنموية الطموحة وأعرب السيسي عن ثقته في تواصل الدعم الأمريكي الجنوبي للقضايا العربية لافتاً إلي ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعلان الدولة الفلسطينية علي أساس حل الدولتين لأن من شأنه أن يسهم في استقرار الشرق الأوسط ويبعث أملاً في مستقبل أفضل. وأوضح أن مكافحة الارهاب يجب ألا تقتصر علي المواجهة الأمنية والعسكرية وإنما يجب أن يكون هناك تعامل شامل يضمن الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والثقافية والعمل علي استيعاب طاقات الشباب ومواجهة قوي التطرف والإرهاب وتأهيل الشباب وتجنب تجنيدهم علي يد الجماعات المتطرفة واستثمار طاقاتهم في مجالات التنمية والبحث العلمي والتعليم والفنون. وقال السيسي إن الأمن والاستقرار أحد أولويات السياسة الخارجية لمصر التي تسعي لتسوية الأزمات في سوريا وليبيا واليمن ووحدة أراضي ومؤسسات هذه الدول ودعا لأن يكون الاجتماع نموذجا للتعاون بين دول الجنوب فيما بينها وان يكون الاجتماع خطوة نحو تدشين صفحة جديدة في العلاقات العربية مع دول أمريكا الجنوبية والارتقاء بها إلي آفاق أرحب. وشكر الرئيس السيسي في ختام كلمته الملك سلمان بن عبدالعزيز علي كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال متمنياً التوفيق لكل المشاركين في الاجتماع.. نص الكلمة وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية المنعقدة بالرياض: بسم الله الرحمن الرحيم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية ورئيس القمة العربية الأمريكية الجنوبية. فخامة الرئيس جوزيه ألبرتو كوردانو رئيس جمهورية أوروجواي الشرقية الرئاسة المؤقتة لاتحاد دول أمريكا الجنوبية. معالي الدكتور نبيل العربي.. أمين عام جامعة الدول العربية.. المنسق الإقليمي للدول العربية. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية أصحاب الفخامة.. رؤساء دول أمريكا الجنوبية. السيدات والسادة أود في البداية أن أعرب لكم عن خالص سعادتي بانعقاد أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وإذ أشارك لأول مرة في أعمال هذه القمة التي يوافق انعقادها مرور عشر سنوات منذ انعقاد القمة الأولي للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في برازيليا في مايو 2005 فإنني أثق في ان توافر الإرادة السياسية والأرضية المشتركة من المبادئ والقيم الإنسانية الحضارية والثقافية وتشابه النماذج الاجتماعية والاقتصادية ستمهد الطريق أمام هذه المنتدي إلي الانطلاق نحو آفاق رحبة من التعاون ودعم العلاقات بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية. إن التطور الملموس الذي يشهده مستوي زيادة حجم التبادل التجاري بين دول المجموعتين من 6 مليارات دولار فقط في عام 2004 إلي أكثر من 33 مليار دولار هو انعكاس حقيقي لدفع أواصر التعاون بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية ورغم ذلك فمازالت هناك حاجة ماسة للإرتقاء بمستوي وآفاق التعاون لتحقيق طفرة نوعية في العلاقات بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية تسهم في تحقيق رفاهية شعوب الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية علي حد سواء وذلك علي ضوء ما يملكه الطرفان من إمكانيات وفرص واعدة في كافة المجالات والمكانة التي تحتلها دول الإقليمين في الاقتصاد العالمي وهو ما يحتم علينا العمل لمزيد من التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية خاصة أن القطاع الخاص يمثل الأداة الفاعلة لزيادة التبادل التجاري والاستمثاري بين بلداننا. السيدات والسادة تشهد المنطقة العربية تطورات سياسية غير مسبوقة تتعرض بموجبها كيانات مؤسسات دول المنطقة لتهديد حقيقي كما تجابه بعض دول المنطقة خطر التفكك والانقسام وتهديد أسس ومبادئ العيش المشترك بين مكونات شعوبها وقد حاولت جماعات تتبني ايديولوجيات متطرفة فرض رؤيتها وفكرها الجامد لتغيير هوية بعض الدول العربية ومن بينها مصر بما كان سيدفع تلك الدول نحو هاوية الفوضي والانقسام إلا ان شعب مصر حسم أمره ومصيره برفضه لهذه المحاولات التي لم تكن تهدف سوي الإضرار بمصر وشعبها. تشهد مصر حالياً الاستحقاق الثالث والأخير لخارطة الطريق وهو استحقاق الانتخابات البرلمانية تمهيداً لبدء البرلمان الجديد لأعماله نهاية العام الجاري واقتصادياً تشهد مصر انطلاقة حقيقية في عدد من المشروعات القومية الكبري تستند إلي فرص واعدة لجذب الاستثمارات الأجنبية ولعل افتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من أغسطس الماضي وبعد عام فقط من بدء الحفر لهو دليل علي الإرادة الجقيقية التي يتحلي بها أبناء الشعب المصري لإعادة بناء دولتهم. وفي هذا الإطار فإن مصر تتطلع إلي التواصل مع المستثمرين من دول أمريكا الجنوبية لتعريفهم بما يقدمه الاقتصاد المصري من فرص استثمارية واعدة لاسيما بالمشروعات القومية التي يتم تنفيذها حالياً. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إن مصر تدرك أهمية وثقل دول أمريكا الجنوبية الصديقة ارتباطاً بحجم الروابط التاريخية بين الجانبين وإذ نقدر لكم مواقفكم الداعمة لقضايانا العربية خاصة القضية الفلسطينية نثق تماماً أنكم ستواصلون دعمكم هذا الذي يتفق مع ما عهدناه منكم دوما من انحياز للحق وانتصار للمبادئ الإنسانية والأخلاقية. إن القضية الفلسطينية لا تزال تمثل جوهر الصراع في الشرق الأوسط والعامل الرئيسي لغياب الاستقرار في المنطقة ولا شك أن إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإعلان استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية علي حدود الرابع من يونيو 1967 علي أساس حل الدولتين سوف يسهم في تحقيق الاستقرار المأمول في الشرق الأوسط ويبعث أملاً جديداً لشبابها في مستقبل أفضل. السيدات والسادة إن الجهود المبذولة في إطار مكافحة الإرهاب لن تؤتي ثمارها إذا ما اقتصر التعامل علي المعالجة الأمنية والعسكرية دون مراعاة العوامل الأخري التي تسهم في تأجيج ظاهرة الارهاب ولقد أدركت مصر ان مكافحة الارهاب تتطلب تعاملاً شاملاً ينطوي علي معالجة حقيقية للأبعاد الاقتصادية والتعليمية والثقافية تصحح ما لدي الشباب من مفاهيم مغلوطة وتثبت لديهم الأمل وتستوعب طاقاتهم وتتيح لهم الفرصة للمساهمة الجادة في بناء الدولة. وانطلاقاً من ذلك حرصت مصر خلال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة علي اطلاق مبادرة الأمل والعمل لمواجهة قوي التطرف والارهاب التي تهدف إلي تحفيز واستيعاب طاقات الشباب وتنمية مهاراتهم وتأهيلهم لتقلد مناصب قيادية بما يحول دون استقطابهم من قبل الجماعات الارهابية والمتطرفة أو تضليلهم من خلال أفكار مغلوطة وأوهام زائفة وهو الأمر الذي يتطلب منح الأمل للشباب واستثمار طاقاتهم في مسيرة البناء والتنمية. ولا يرتبط ذلك بسياسات التوظيف فقط ولكنه يمتد أيضاً إلي مجالات التعليم والبحث العلمي والفنون لما توفره من بيئة مستقرة تسهم في توجيه الأفراد والمجتمعات بعيداً عن التطرف والعنف والإرهاب وتحثهم علي احترام الثقافات الأخري وخصوصيات كل مجتمع. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو يعد تحقيق الأمن والاستقرار أحد أولويات السياسة الخارجية لمصر التي تواصل جهودها ومساعيها الدءوبة للتوصل إلي تسوية سياسية للأزمات القائمة في كل من سوريا وليبيا واليمن وتحقيق تطلعات شعوب هذه الدول والحفاظ علي وحدة أراضيها وتدعيم كياناتها ومؤسساتها. السيدات والسادة أود الإعراب عن تطلع مصر لأن يمثل اجتماعنا اليوم نموذجاً وتجسيداً حقيقياً لتفعيل آلية التعاون بين دول الجنوب وهو التعاون الذي يتطلب منا العمل علي تفعيله والاستفادة منه علي ضوء اتساع الفجوة الحضارية والتنموية بين دول الشمال والجنوب. كما أتمني ان يكون اجتماعنا هذا خطوة أولي نحو تدشين صفحة جديدة في العلاقات العربية مع دول أمريكا الجنوبية وأثق أن هناك العديد من الأفكار والأطروحات التي يمكن مناقشتها في إطار هذه القمة أو في الإطار الثنائي لتعزيز العلاقات بين الجانبين والارتقاء بها إلي آفاق أرحب بما يلبي طموحات شعوبنا. أوجه الشكر مجدداً لجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين علي كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وحسن تنظيم القمة متمنياً لكم جميعاً كل التوفيق. شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.