لا أحد يختلف علي أن موائد الرحمن التي تنتشر علي طول البلاد وعرضها هي اسلوب مصري متميز يرسخ مبدأ التكافل الاجتماعي في شهر رمضان حتي يصبح قانون حياة. هناك موائد فخمة جداً ويمكن تصنيفها بأنها 5 نجوم بها كل ما لذ وطاب من الأطعمة والفاكهة والحلويات والمشروبات يقيمها أثرياء وفنانون مشاهير واحياناً راقصات وغالبيتها للشو الإعلامي والدعاية. وموائد أخري اقل فخامة يقيمها تجار واناس من اصحاب الدخول العالية. وموائد فئة "ج" اصحاب مواطنون عاديون تتكرر فيها اصناف الطعام يومياً ويرتادها فقراء الحي.. وكله بثوابه والله سبحانه وتعالي هو الذي يجزي عليها مثلما يجزي علي الصوم نفسه. رغم هذا.. فإن ما قلته آنفاً عن موائد الرحمن يمكن التغاضي عنه حتي ولو كان بدافع التباهي والتفاخر.. لكن ان يقرر محافظ الاسكندرية هاني المسيري اقامة اطول مائدة افطار في العالم ولمسافة تقترب من 4 كيلو مترات علي الكورنيش وان يكون ذلك ليس لوجه الله نهائياً بل فقط علي أمل أن تدخل موسوعة "جينيس" للارقام القياسية فإنها السفاهة في اجلي معانيها. رائع جداً ان يسعي المحافظ الي وضع اسمه من خلال عمل له في موسوعة "جينيس" العالمية.. ولكن الأروع ان يكون هذا العمل مفيداً لغالبية الناس. ادخل ياسيد هاني الموسوعة.. ليس من خلال اطول مائدة افطار - وطبعاً ليست من جيبك - ولكن ادخل مثلاً بأطول بلاج مجاني للغلابة. ادخل الموسوعة بأنظف محافظة في العالم خالية تماما من القمامة وطفح المجاري ومطبات وحفر الشوارع والبالوعات المفتوحة ليل نهار. ادخل الموسوعة بأعرض وأرقي ارصفة للمشاة في قارات الدنيا تراعي آدمية الإنسان وتحفظ حياته من اية خطورة. ادخل الموسوعة بأجمل واشيك طراز معماري يكون سمة عامة للمحافظة كلها للقضاء علي العشوائية والفروق الطبقية التي يتجاوز اتساعها المجرة الكونية. ادخل الموسوعة بمحافظة تكون الوحيدة في الدنيا التي بها ارقي تعليم وعلاج وخدمات.. محافظة فريدة من نوعها لاتعرف أزمات المرور والعيش والبوتاجاز والبنزين. ادخل موسوعة جينيس من اي باب تشاء إلا من بوابة "تعبئة المعدة" بطريقة سفيهة ومستفزة. ياسيد هاني.. اما أن تقتنع بأنك خادم لعروس المتوسط والمفروض ان تلتزم بمقومات ومواصفات وظيفتك ولاتري بدعاً وهيافات.. أو فلتتحمل حرباً لاهوادة فيها من عشاق "العروس" لانقاذها منك.