وسط حشد من رؤساء وملوك وممثلين عن جميع دول العالم ألقي الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة مصر في افتتاح أعمال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري.. و شرح الرئيس أبعاد استراتيجية تنمية مصر حتي 2030 وذلك قبل ان يوجه الشكر إلي حضور المؤتمر خاصة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاحب الدعوة لعقد المؤتمر وكذلك الاماراتوالكويتوالبحرين والأردن وسلطنة عمان لوقوفها إلي جانب مصر. نص الكلمة: أصحاب الجلالة والفخامة والسمو السيدات والسادة ضيوف مصر الأعزاء يسعدني أن أرحب بكم اليوم جميعا باسم شعب وحكومة جمهورية مصر العربية .. أرحب بشركاء التنمية لمصر الجديدة ممن توافقت رؤاهم علي ضرورة العمل معاً من أجل رخاء وتقدم الانسانية من أرادوا أن يجتمعوا من أجل أن يكون لهم دور في توفير الاستقرار والازدهار لشعب طامح في التنمية ويسعي نحو الرخاء مرحبا بكم جميعا في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل". لقد وجدت دوما مصر من أشقائها العرب مواقف تبرهن علي أخوة حقيقية وصداقة وفية وما اجتماعنا اليوم إلا نتاج خالص لجهد صادق بذله المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خلال دعوته الكريمة لعقد هذا المؤتمر وليس غريباً علي المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن تكون تلك هي مواقفها المشرفة إزاء أشقائها فذك نهج صاغه ملكها المؤسس وسار علي خطاه الكريمة ملوكها الأجلاء . كما أتقدم بوافر الشكر والتقدير للجهود الدءوبة المقدرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والممثلة اليوم بالحضور الكريم للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي من أجل المساهمة في نهوض مصر وتحقيق الرخاء لشعبها أقول لقيادة وشعب الإمارات الشقيقة إن الشعب المصري لمس صدق مشاعركم وشعر بجدية التزامكم إزاء اقتصاد مصر . أما دولة الكويت الشقيقة فقد كانت الأفعال دائما تسبق الكلمات للتدليل علي علاقتها الوثيقة ودعمها المستمر لمصر وشعبها وما تشريف أمير الكويت لهذا المؤتمر إلا تعبير عن سموه ودولته الشقيقة بقيمة التضامن العربي. ولا يفوتني في هذا المقام ان اعرب عن الشكر والتقدير لجلالة العاهل الاردني وجلالة ملك البحرين لوقوفها الدائم بجانب مصر وشعبها والذي يعكس عمق علاقات بلديهما مع مصر التي وجدت منهما كل الدعم والمساندة كل الشكر والتقدير لكافة اشقائنا ملوك ورؤساء الدول العربية الذين نسعد بتشريفهم اليوم أو من أنابوا ممثلين عنهم. السيدات والسادة ان هذه اللحظة تشهد مشاركة رفيعة المستوي وشديدة التميز من قبل اصدقاء مصر الدوليين دول وحكومات ومنظمات دولية والذين اعرب لهم عن خالص الشكر والتقدير باسمي وباسم شعب بلادي. واؤكد لكم ان ترجمة معاني تلك المشاركة الي استثمارات مشتركة تحقق المنافع المتبادلة لكافة الاطراف لا تقتصر فقط علي كونها مساهما أساسيا في تحقيق النمو والتقدم الاقتصادي وانما تمتد لتشمل أبعاداً أعمق ومعاني أسمي اذ تساهم بلا شك في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت بين شرائح المجتمع فضلا عما تسهم به من توفير فرص العمل وتشغيل الشباب فالمجتمع المصري الذي يمثل تعداد سكانه ربع سكان منطقة الشرق الأوسط يعد استقراره ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة وهم مجتمع شاب يتعين استغلال طاقته الفكرية والابداعية لصالح التقدم واستقرار الوطن وتلك هي التنمية الشاملة التي تنشدها مصر تسير بخطي واثقة وعلي كافة المسارات والأصعدة فتحقق نموا متوازنا وعادلا بل وتصب في صالح بناء دولة عصرية لا تحوز مكانتها فقط من عظمة ماضيها وعراقة تاريخها بل تفخر بصناعة حاضرها وترنو بأمل وتفاؤل نحو مستقبل واعد لابنائها فتقدم بذلك نموذجا للحضارة العربية والاسلامية بقيمها السمحة الحقيقية دولة تنبذ العنف والارهاب والتطرف دولة تعزز الاستقرار والأمن الاقليمي تحترم جوارها تدافع ولا تعتدي تقبل وتحترم الآخر وتؤمن بأن اختلافه وسيلة للتعارف وإثراء للحضارة الانسانية. واسمحوا لي هنا أن استعرض المحاور الأساسية التي يرتكز عليها منهجنا لتحقيق التنمية: المحور الأول : استعادة استقرار الاقتصاد الكلي للدولة .. ويشتمل هذا المحور علي صياغة السياسات التي تكفل استعادة التوازن المالي من خلال خفض عجز الموازنة العامة.. وترسيخ مبادئ العدالة الضريبية بين كل فئات المجتمع .. ويتزامن مع ذلك تبني سياسة نقدية تسعي إلي الحفاظ علي الاستقرار العام في مستوي الأسعار بالتوازي مع زيادة معدل النمو .. والسيطرة علي التضخم وخفض معدلاته نتيجة لتنفيذ المرحلة الأولي من إصلاح الدعم في قطاع الطاقة وما صاحبه من انخفاض أسعار السلع العالمية وخاصة المواد الغذائية .. إن تلك الإجراءات تنطلق من اقتناعنا بأن تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي .. يعد شرطا أساسيا للحفاظ علي ثقة قطاع الأعمال ولضمان استمرار التعافي الاقتصادي .. كما أننا نعي تماما ضرورة وصول عملية الإصلاح إلي غايتها .. حتي يتواصل تصاعد معدلات النمو التي أظهرت بالفعل تحسنا ملحوظا خلال الربع الأول من العام المالي الحالي .. وهو ما يؤكد أن مصر تمضي قدما علي الطريق الصحيح . المحور الثاني : تحسين بيئة الاستثمار والعمل علي جذب الاستثمارات .. من خلال تنفيذ حزمة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية المهمة .. واتخاذ خطوات رائدة لمعالجة العقبات التي تعوق القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب .. وتبني سياسات واضحة تضمن تكافؤ الفرص في إطار من الشفافية وسيادة القانون .. وقد شمل ذلك صياغة قانون الاستثمار الموحد وتفعيل نظام الشباك الواحد وتطوير منظومة خدمات الاستثمار.. للتيسير علي المستثمرين وتوفير مناخ جاذب للاستثمارات العربية والأجنبية .. وكذلك إتاحة الفرصة لتسوية العديد من منازعات الاستثمار وديا .. والتزام الحكومة المصرية بسداد مستحقات الشركات الأجنبية .. حيث لم تتخلف مصر يوما عن الوفاء بالتزاماتها المالية أو تعهداتها الدولية .. فضلا عن تعديل قوانين المنافسة ومكافحة الاحتكار لخلق سوق أكثر تنافسية .. بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة تنفيذا لخطة زيادة معدل النمو إلي ما يزيد علي 6% علي الأقل خلال السنوات الخمس القادمة بالتوازي مع خفض نسبة البطالة إلي 10% . المحور الثالث : المشروعات القومية والخطط القطاعية الطموحة في مختلف المجالات.. والتي من شأنها تحقيق التنمية وخلق فرص العمل .. وفي ذات الوقت توفير فرص واعدة للمستثمرين .. حيث اعتمدت الحكومة المصرية استراتيجية واضحة وقابلة للتطبيق لزيادة إنتاج الكهرباء وشرعت بالفعل في تنفيذها .. وذلك ليس فقط لتغطية الاستهلاك المحلي.. وإنما أيضا لتلبية الطلب المتزايد لقطاع الاستثمار علي الطاقة .. علما بأن هذه الاستراتيجية طويلة المدي ولا تتعلق فقط بتوفير الاحتياجات في المرحلة الحالية وإنما المستقبلية أيضاً .. بما يوفر مناخا مستقرا ومستداما للاستثمارات .. ويضاف إلي ذلك خطة التقسيم الإداري للمحافظات والتي راعت البعد التنموي والاقتصادي إلي أبعد مدي .. حيث هدفت إلي خلق ظهير صحراوي للمحافظات القائمة يوفر مجالا لاستيعاب النمو السكاني ويرتبط بتنمية زراعية وصناعية وعمرانية شاملة .. فضلا عن امتداد الحدود الجديدة للمحافظات إلي ساحل البحر الأحمر بما يوفر موانئ ونوافذ للتصدير. كما يشارك القطاع الخاص في المرحلة الأولي من مشروع تطوير وازدواج المجري الملاحي لقناة السويس .. وكذلك في المرحلة الثانية من المشروع التي تقوم علي تطوير منطقة القناة .. وتوفير العديد من فرص الاستثمار للقطاع الخاص في مشروع عملاق سيعزز موقع مصر الاستراتيجي كنقطة ارتكاز بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. كما بدأت المرحلة الأولي من المشروع القومي لاستصلاح 4ملايين فدان .. إلي جانب عدد ضخم من المشروعات التنموية بعيدة المدي والأثر مثل مشروع المثلث الذهبي وتحديث وتوسيع الشبكة القومية للطرق .. وتطوير الموانئ والنقل البحري وإنشاء مطارات دولية جديدة .. ومراكز سياحية ومجمعات للصناعات التعدينية والطاقة الجديدة والمتجددة .. ومعالجة الصرف الصحي وإنشاء مناطق لتدوير المخلفات .. إن كل تلك المشروعات تفتح آفاقا رحبة لمشاركة القطاع الخاص علي نحو استدعي تطوير المشاركة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع آليات الاقتصاد الحر.. وتأكيد احترام كافة التعاقدات لتوفير الحماية الكاملة لحقوق المستثمر .. والرعاية الواجبة للعمال مع الحفاظ علي حق المجتمع دون تفريط في أي منهم لحساب الآخر .. الأمر الذي يرسي إطارا لمشاركة الجميع في بناء مصر المستقبل . السيدات والسادة إن تحقيق التنمية المستدامة وتأكيد مصداقية الدولة في سعيها نحو التنمية الشاملة.. يكمن بالدرجة الأولي في الالتزام الكامل من جانب الحكومة بالمضي قدما في تطبيق السياسات والبرامج الهادفة إلي دفع عجلة الاستثمار.. وزيادة مجالاته مع فتح الأسواق وإعادة التوازن الاقتصادي.. إنما من الضروري أيضا ألا يتم تنفيذ كل تلك الخطط بمعزل عن إيلاء الاهتمام الواجب للبعد الاجتماعي.. إيمانا بأن بناء مصر المستقبل لا يتحقق دون طفرة حقيقية في مجالات التنمية البشرية.. وهو ما نسعي إليه عبر تعزيز العدالة الاجتماعية .. فعلي المدي القصير نعمل علي تدعيم نظم الحماية الاجتماعية للتخفيف من تأثير الإصلاحات المالية علي القطاعات الأقل دخلا .. أما علي المدي الأبعد فيجري التركيز علي تنمية رأس المال البشري لاسيما من خلال ما توفره السياسات الإصلاحية من موارد .. وقد شملت الإجراءات التي يجري تنفيذها في هذا الإطار .. إصلاح منظومة الدعم بهدف وصوله إلي مستحقيه وتطوير منظومة دعم السلع التموينية.. والعمل علي دمج وتمكين المرأة والشباب في جهود التنمية والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة مع تطوير منظومات الأجور والمعاشات والضمان الاجتماعي لرفع مستوي معيشة المواطنيي .. والاهتمام بالتنمية البشرية من خلال الوفاء بالاستحقاقات الدستورية المتعلقة بتوفير المزيد من الموارد لتطوير منظومة التعليم والبحث العلمي والصحة.. وإعطاء أهمية كبري لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة والمتوازنة جغرافيا . إن الأهمية التي نوليها لشباب مصر في البعد الاجتماعي لسياساتنا التنموية ترجع أيضا إلي كونه إحدي المزايا التنافسية للاقتصاد المصري .. بل للأمة المصرية.. فالإحصاءات تشير إلي أن عدد سكان مصر تحت سن 40 عاما يفوق ثلثي إجمالي عدد السكان .. منهم الآن نحو 30 مليونا في سن العمل .. فمصر دولة شابة بحق .. تطوع وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي والابتكارات الحديثة في سهولة ويسر بفضل أجيالها الشابة. السيدات والسادة إن التنوع الهائل الذي يتميز به الاقتصاد المصري يضمن التجاوب والتفاعل المثمر مع تطلعات كافة المستثمرين في مختلف القطاعات.. وإنني أؤكد لجميع الأشقاء والأصدقاء والشركاء عزمنا علي المضي قدما في تطوير وتحديث القواعد الاقتصادية المصرية .. وتهيئة كافة السبل التي تضمن أطر التعاون البناء بين كل الأطراف بما يعود بالفائدة علي الجميع .. وأوجه الدعوة إلي كافة الشركات والمؤسسات الباحثة عن فرص جدية للاستثمار .. للمزيد من التعرف علي أهم المزايا التي يوفرها المناخ الجاذب للاستثمار في مصر .. وللتفاعل وبناء جسور التعاون مع قطاع الأعمال المصري بما يمهد لتحقيق أفضل العوائد للجانبين .. ولاستغلال عبقرية الموقع الجغرافي والعمق الحضاري لمصر .. بل والشبكة مترامية الأطراف من علاقات الأخوة والصداقة التي تجمعنا بالأقاليم التي ننتمي إليها في العالم العربي.. وفي أفريقيا.. والبحر المتوسط.. الذين تربطنا بهم جميعا العديد من أوجه التعاون والتقارب واتفاقيات التجارة الحرة.. وهو الأمر الذي يجعل من مصر نافذة علي العالم العربي.. وبوابة لأفريقيا.. وطريقا نحو أوروبا . إن مسيرة مصر نحو المستقبل ستستمر .. وسوف تتسارع بخطي واثقة يقودها الإيمان بالله والوطن والإرادة السياسية الراسخة .. والرغبة الصادقة والاقتناع بقيمة العمل الدءوب حتي نصل إلي الأهداف التي بدأت من أجلها تلك المسيرة .. ومصر إذ تنطلق نحو المستقبل فإنها منفتحة علي العالم وترحب بالشركاء والمستثمرين الساعين إلي الاستفادة من الفرص التي تتيحها .. بما يوفر الفرصة المستحقة للمصريين في حياة كريمة ومنتجة ويحقق رخاء وازدهار مصر والمنطقة. أرحب بكم مرة أخري علي أرض مصر .. وأرجو منكم أن تشاركوني في الإعراب عن التقدير البالغ للأشقاء الذين عملوا معنا بصدق حتي يتسني عقد هذا المؤتمر .. لاسيما دكتور إبراهيم العساف وزير المالية في المملكة العربية السعودية .. ودكتور سلطان الجابر وزير الدولة بدولة الإمارات العربية المتحدة .. بالإضافة إلي فريق العمل المصري. وأود أن أوجه التحية إلي مستثمري شرم الشيخ وأهالينا في جنوبسيناء.. وكلي ثقة في أن جهودهم ومشاركتكم ستجعل من لقائنا اليوم علامة بارزة علي مسيرة مصر الجديدة نحو مستقبل أفضل . ختاماً أود أن أوجه التحية إلي الشعب المصري الصابر الأبي الكريم وبفضل الله ومشاركتكم ستجدوا مصر دائماً في أمان وسلام والمنطقة كلها في أمان وسلام. تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته