سادت حالة من الحزن والصدمة الشديدة بين أهالي سوهاج وأسر ضحايا الكوامل الذي راح ضحيته 10 طالبات وسائق بينما أصيب 4 آخرون في تصادم سيارة ميكروباص بأخري نقل وسقوطها في ترعة قرية الكوامل. تحولت الشوارع إلي سرادقات عزاء كبيرة وفارقت البسمة شفاه الأهالي وعم السواد في كل مكان.. وفتح الأهالي النار علي المسئولين.. متهمين إياهم بالتسبب في الحادث الذي خطف "زهور عمرهم" وطالبوا بإقالة المحافظ ورئيس الجامعة لتسببهما في الحادث. خرج أهالي القري والمدن التي ينتمي إليها الضحايا لتشجيع جثامين ذويهم في مواكب جنائزية واتشحت القري بالسواد وانتشر الحديث عن المآسي التي تسبب فيها الحادث الغاشم والذي يدل علي الاهمال الجسيم بسبب عدم رصف الطرق ووقف نزيف الاسفلت. الكارثة كما يرويها شهود عيان عندما نقلوا الجثث ب "الكارو" بسبب تأخر سيارات الإسعاف وكأن هؤلاء الموتي ليسوا بشرا. الفاجعة كانت في بيوت أسر الضحايا حيث الحزن الشديد والصدمة علي وجوه الأهالي.. "المساء" انتقلت إلي منازل أسر الضحايا لتروي مآسيهم. ففي منزل وفاء حسنين بقرية مشطا مركز طما كانت تعبيرات الأسرة أكبر تعبير عما أصابها من مكروه فقد فقدت الأسرة عزيزا لديها وأي عزيز قرة عينهم ابنتهم وفاء التي لم تكن ابتسامتها تفارق وجهها البرئ.. هكذا يقول والدها.. مؤكدا لا يعرف بأي ذنب راح هؤلاء البنات البريئات. هل هو التعليم الذي ذهبون من أجله أم ماذا.. قائلا "حسبي الله ونعم الوكيل". وفي قرية نجوع مازن بالبلينا حيث أسرة الطالبه الضحية صفاء السيد محمد قال عمها "أحمد" إن الجميع بالقرية حزن علي فراق صفاء والتي كانت تنتظر الحصول علي شهادتها بفارغ الصبر وكانت تقول دائما: بعد ما أنهي دراستي هاشتغل لكن الموت كان أسرع من كل شيء. أضاف أن ما حدث جريمة بكل معني الكلمة فهل من المعقول أن طالبات يذهبن لطلب العلم ويعدن لأسرهن جثثا وأشلاء وطالب بمحاسبة المسئولين عن الحادث ووضع حل عاجل لمشكلة مبني الجامعة الجديد لان تلك الحادثة لن تكون الاخيرة في ظل هذا الاهمال. وفي قرية شطورة بمركز طهطا ودع أهالي القرية "مي عبدالمنعم محمود محمد "23 سنه" وهم في حالة حزن عميق لما جري وانتابت أسرة الطالبة حالة من البكاء المتواصل خاصة والدتها التي ظلت تردد "إنا لله وإنا إليه راجعون" بينما طفلتها روفيدا ودعت أمها "مي" بالصراخ وكان ذات 9 أشهر أبت ألا تدخل والدتها القبر حتي تسلم عليها. فعندما وصل نعش مي.. أول المسجد صرخت الطفلة فجأة ولم تسكت بعدها عن الصراخ وكأنها ترسل كلمات الوداع لأمها. بالبكاء والصراخ ودع أهالي جرجا الطالبة آلاء عبدالرحيم حزنا علي فراقها ويقول والدها إن الصدمة كانت كبيرة جدا عندما أخبرونا أن ابنتي من ضمن الضحايا لكنه قضاء الله الذي لا مفر منه وإهمال المسئولين بالمحافظة والجامعة في عدم تسوية الطريق ونقل الجامعة قبل أن يكتمل. كما أنه لا توجد رقابة صارمة علي السيارات ولا يوجد مرور في هذا الطريق.. مشيراً إلي أن الطريق لا يصلح للمشي حتي الاقدام سيرا. أكد أهالي وأسر الضحايا بمراكز سوهاج المختلفة علي أن دماء بناتهم غالية متوجهين إلي الرئيس السيسي للاستجابة لمطالبهم وحرصا علي أرواح طلاب جامعة سوهاج قائلين: دماء بناتنا طالبات الجامعة في رقبة مين؟ لازم يكون هناك حساب لأنها أرواح أهدرت ودماء سيلت دون ذنب؟. أدي طلاب جامعة سوهاج صلاح الغائب علي أرواح الضحايا وقام المئات من طلاب الجامعة بالتجمع أمام البوابة الرئيسية للجامعة لأداء صلاة الغائب عليهم. كما سادت حالة من السخط والغضب الشديدين أهالي سوهاج وأولياء أمور طلاب جامعة سوهاج وطلاب الجامعة الذين حملوا إدارة الجامعة مسئولية وقوع الحادث. بسبب الاهمال والتعنت بالإصرار علي نقل الدراسة للمقر الجديد للجامعة قبل الانتهاء من طريق الكوامل الجديد الذي سيربط الجامعة ومدينة سوهاج الجديدة بباقي مدن ومراكز المحافظة فيما رفض عدد من طالبات وطلاب جامعة سوهاج قرار الاربعة أيام واعتبروه تحايلاً مقنعاً لتمرير الحادث والسلام.. مشيرين إلي أن وقفات احتجاجية وتصعيدية ستشهدها الجامعة مع الايام القادمة ضد ما حدث لانه بمعني الكلمة استهتار ولامبالاة وإهمال يعني ايه يموت 10 طالبات؟ يعني ايه جامعة غير متوفر لها وسيلة مواصلات؟ يعني ايه طريق مش واصل؟ يعني ايه مباني غير جاهزة؟ ولابد من محاسبة إدارة الجامعة وإقالة اللواء محمود عتيق محافظ سوهاج وهدد الطلاب بالدخول في اضراب مفتوح حتي تحقق مطالبهم وهي إقالة رئيس الجامعة ورحيل المحافظ وعودة الطلاب إلي المبني القديم لحين استكمال وتجهيز طريق الجامعة الجديد كاملا. انتقلت "المساء" لمستشفي سوهاج العام حيث التقينا بالمصابين بعدما أكد د. سعد القائم بأعمال مدير المستشفي العام أن حالتهم مستقرة واتجهنا إلي القسم الاقتصادي ولا حديث هناك إلا عن حادثة ميكروباص طلاب جامعة سوهاج ووجدنا أسر المصابين وقد طالبوا فور اقترابنا منهم بإقالة رئيس الجامعة ومحافظ سوهاج وعودة الطلاب خاصة الطالبات إلي المبني القديم. وحيث ترقد الطالبة "هاجر أنور حسان" 24 سنة دبلوم تربوي جامعة سوهاج بالمستشفي العام لسوهاج قالت: أول مرة أذهب بها إلي الكوامل لأداء امتحان الدبلوم وقبلها كان زوجي الذي يعمل بالكويت معي علي التليفون وقال لي: اركبي تاكسي مع احد زملائك أفضل من السيارات لأن الطرق مش كويسة. لكن استقللت السيارة الميكروباص مع زميلاتي وكنت جالسة أنا وثلاث من الطالبات علي الكرسي الذي يقع خلف السائق وفجأة ظهرت لنا سيارة نقل ولم أدر بنفسي إلا وأنا في المستشفي. وبعدها عرفت أننا سقطنا في الترعة بعد أن اصطدمت بنا بسيارة نقل. مشيرة إلي أنهن رأين الموت بأعينهن خاصة أنها حامل في الشهر السادس. يضيف أنور حسان أمين معمل ووالد هاجر: هناك من أبلغه بأن ابنته قد توفيت في الحادث وعلي الفور جئت إلي المستشفي لاستلام الجثة لكن الحمد لله وجدتها علي قيد الحياة ورغم الفرحة إلا أن الحزن كان شديداً علي زميلاتها الطالبات الضحايا الأبرياء اللاتي رحن ضحية إهمال جسيم تتحمله قيادة المحافظة والجامعة. وبجوار هاجر ترقد "بسمة أحمد حافظ" 23 سنة ربه منزل مصابة بكدمات وجروح خفيفة بالرأس حيث قالت: لقد ذهبت لمرافقة صديقتي الطالبة رقية التي أصيبت أيضا في الحادث وقالت: أول مرة أري طريق الكوامل في حياتي وذهبت مع صديقتي لكنه القضاء والقدر والسائق كان يسير بسرعة زائدة والطريق ضيق وكنا في السيارة 14 طالبة من مراكز مختلفة بسوهاج وأنا أول وآخر مرة أذهب فيها إلي الكوامل لأنها بصراحة "طريق الموت" وقال شقيقها أحمد إن اهالي القرية اخبروه أن شقيقته من ضمن الحادث وعندما جاء وجدها مصابة بجروح وكدمات خفيفة وأن المئات من الاسر أتوا إلي المستشفي والمستشفيات الأخري كل وضع يده علي قلبه. أما أسماء محمود عارف أكدت أن اصابتها متوسطة وأنها واجهت الموت بعينها في لحظة لا يمكن نسيانها فبعد ربع ساعة من استقلالهن السيارة اصطدمت بسيارة نقل علي الطريق ولم ندر بأنفسنا إلا ونحن في المستشفي وقالت إنها ذهبت هي وابنة عمها "عائشة عبداللطيف" للمقر الجديد لسحب شهادة الدبلوم التي حصلت عليها عائشة والفرحة تملأ قلبها لكن عائشة كانت ضمن الضحايا وبدلاً من أن تعود ومعها شهادة الدبلوم التربوية رحلت وبقيت شهادتها التربوية تحمل اسم عائشة ثم انخرطت اسماء في بكاء حزنا علي فراق ابنة عمها. أكدت الناجيات من الحادث أنهن جميعا كن خلف مقعد السائق وهن من تعين علي قيد الحياة أما باقي الطالبات فقد كوفين في الحادث بالإضافة إلي السائق كما أشاروا إلي أن جميع متعلقات الطالبات التي كانت معهن بالسيارة من حقائب وهواتف ونقود لم يتم العثور عليها وفقدوها جميعا. تقول الست "ام أحمد" حماة إحدي الطالبات المصابات: حرام اللي يحصل في طلابنا ده. مين السبب؟ مين المسئول عن قتل 10 طالبات؟ لا ذنب لهن سوي أنهن ذهبن لتقي العلم وبدلا من أن يعودن والفرحة تملأ قلوبهن علي ما أخذنه من علم عدن جثثا وأشلاء. احدي الطالبات بالمستشفي العام وأثناء حوارنا مع الطالبات المصابات رفضت ذكر اسمها قالت بصراحة أنا كنت في سيارة اجرة خلف سيارة الميكروباص التي شهدت الواقعة. الحادث كان بشعاً جدا بكل معني الكلمة وبحسب قولها كانت لحظات انتشال جثث الضحايا مؤلمة بكل معاني الكلمة. فالجثث كانت ملقاة في الترعة وظلت فترة كبيرة حتي حضرت الإسعاف وتم نقل عدد من الجثث علي عربة كارو لان الإسعاف تأخرت كثيرا وكنا مذهولين من المنظر مش عارفين نعمل ايه وكل واحد فينا اتجه للتبرع بالدم لكن كان الوفيات كثيرة وتم توزيع المصابين علي المستشفيات. يقول إبراهيم الدين علي موظف والد "هند" والتي تخلفت عن الركوب بالسيارة بمجرد سماعنا خبر الحادث جئنا بقلوب موجوعة وعقول مشتتة فكل من له ابن أو بنت هرع إلي مكان الحادث.. ومن ثم إلي المستشفيات وكل يتمني أن يري ابنه أو انته حيا أمامه. حتي وإن لم يخل الأمر من بضعة جروح أو كسور. ثم جاء الهاتف من ابنتي وتقول: أنا بخير يابابا أنا مكنتش في السيارة التي حدثت بها الواقعة. نددت جميع الأحزاب والقوي السياسية بالمحافظة بالحادث معتبرين إياه إهمالاً جسيماً مطالبين بحلول سريعة وعاجلة ومحاسبة المسئولين. أعلن الدكتور نبيل نور الدين رئيس جامعة سوهاج اتخاذ مجلس الجامعة قراراً بصرف 30 ألف جنيه تعويضاً لأسرة كل متوفي و10 آلاف جنيه لكل مصاب.