هل من المعقول الأحداث المؤسفة التي نشاهدها يومياً في أماكن مختلفة علي أرض مصر المحروسة؟؟ خاصة بعد مرور أكثر من 100 يوم من اندلاع شرارة ثورة 25 يناير. فهل يعقل ان يهاجم قسم شرطة الساحل من قبل أهالي المحبوسين وإجبار الضباط وأفراد الشرطة علي اطلاق سراح حوالي 112 محبوساً. وتكرار المحاولة في أقسام أخري منها العمرانية وغيرها ونفس الفوضي تحدث في شارع عبدالعزيز التجاري بجوار قسم الموسكي. أما أحداث الفتنة الطائفية بإمبابة فحدث ولا حرج فقد شاهدت بعيني الحريق الذي اندلع بكنيسة العذراء بشارع الوحدة في هذه المنطقة التي اقطن بها وبما تضم من رجال يحملون جينات شجاعة وشهامة أولاد البلد من مسلمين وأقباط لدرجة ان الجميع كان يتعاون علي نقل المصابين والجرحي للمستشفيات خاصة ان عربات الاسعاف لم تستوعب أعداد المصابين. لم نشعر في يوم من الأيام بأن هناك مسلماً ومسيحياً حتي في الأوقات العصيبة التي عاشها أهالي إمبابة بل أهالي مصر المحروسة هذه الليلة السوداء التي كانو ان يشتعل الموقف أكثر فأكثر وكان الجميع يردد مسلم ومسيحي ايد واحدة لوأد الفتنة. فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ورددت في نفسي "يا عيني عليكي يا مصر".. فوضي وبلطجة وتسيب وعدم أمان في المسجد أو الكنيسة ووصلت الآن إلي الشوارع والبيوت. يا سادة ما بين الحرية والفوضي: شعرة.. اسمها المسئولية.. وكل حرية بلا مسئولية تنقلب إلي فوضي.. والحرية تبني.. والفوضي تهدم ومن حق أي إنسان ان يناضل ويكافح لكي يحصل علي الحرية.. فإذا حصل عليها فقد حصل علي أهم حقوقه وأغلي أمانيه. وحينئذ.. يصبح من واجبه أن يصونها ويحافظ عليها ولا يفرط فيها لكي تترسخ وتستمر. والضمانة الوحيدة لدوام الحرية هي المسئولية.. فإذا حرص المواطن - أي مواطن - علي ان يمارس حريته بمسئولية فسوف يعيش في أمان واستقرار وسلام. أما إذا استغل حريته وحولها إلي فوضي فسوف يفقد حريته ويدمر حياته. فالحرية تفتح باب الأمل والفوضي تغلقها. الحرية تُعلي قيمة الإنسان وتُحبب إليه الحياة وتُعمق ثقته في نفسه. والفوضي تقويه في الباطل وتزين له الوهم وتقتل فيه الإحساس بالآخرين. الحرية يفهم معناها ويستنشق عطرها من يمارسها والفوضي يحترق بها ويكتوي بنارها كل من لا يدرك خطورتها. الحرية بعد عن الإكراه والتزام بما يفرضه القانون. والفوضي تغييب للحقائق وخلط للأوراق وتشريع للتجاوزات. وما بين الحرية والفوضي مثل ما بين شعوب تبحث عن الاستقرار وأخري تسعي للانتحار. وعندما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير كان واحد من أهم شعاراتها "الحرية" بحثاً عن الاستقرار. ولعظمة تلك القيمة استبسل الشباب في الدفاع عنها وبذلوا الدم حرصاً عليها وافترشوا الأسفلت والتحفوا العراء ثمانية عشر يوماً. كي تتحرر مصر من القهر والخوف وتنظف من الضعف وتبرأ من فساد كان كالسرطان ينخر في جذورها. وبعد: فإن الحرية نعمة لا تحميها إلا المسئولية ومن يريد ان ينعم بالحرية في السلطة والمجتمع فعليه ان يلتزم "بالمسئولية" الصارمة. وإلا فإن "الفوضي" قادمة!!