الطيران المدني هو أحد العناصر.. بل الدعائم القوية للاقتصاد القومي.. من هنا يكتسب أهمية قصوي جعلتنا نسبح في أعماق بعض الأنشطة التي تحتاج إلي قرار صائب وحاسم في آن واحد لدفعها إلي الامام بدلا من توقفها محلك سر بلا أي جدوي إذا أردنا فعلاً النهوض بالأنشطة الاقتصادية وأيضا المنافسة بقوة سواء علي مستوي المطارات أو النقل الجوي وأن نستبعد شماعة الظروف التي تمر بها البلاد التي نضع عليها اخفاقنا في ايجاد الحلول. المسئولون بالطيران المدني بعضهم لديه فكر اقتصادي وقادر علي تشخيص الداء وصرف الدواء لكنه مكتوف الأيدي والبعض الآخر لا يملك شجاعة اتخاذ القرار للبعد عن الشبهات والاتهام باهدار المال العام فتكون النتائج خسائر فادحة نتيجة فقدان العائد المادي الذي يتحقق من الأنشطة المتوقفة والدخول في النفق المظلم. لقد عاني الطيران المدني من سنوات عجاف قبل عام 2002 وكان قاب قوسين أو أدني من الانهيار ولكن شاءت الأقدار أن تنطلق كافة أنشطته إلي الامام بعد تعيين الفريق أحمد شفيق وزيراً للطيران المدني في 11 مارس 2002 حيث بدأت التغيرات الجوهرية في منظومة الطيران المدني حيث تم تشكيل شركتين قابضتين الأولي خاصة بمصر للطيران ويدخل في معيتها سبع شركات تابعة والثانية الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية ويدخل في معيتها اربع شركات تابعة ومن هنا بدأت عجلة التطوير والبناء في كافة الأنشطة منذ الأيام الأولي من تولي الفريق شفيق مهام وزارة الطيران المدني.. وكانت البشائر شهادات دولية لمعظم الأنشطة وانضمام مصر للطيران إلي تحالف "ستار" أقوي التحالفات العالمية في النقل الجوي وتعظيم أسطول الشركة الوطنية وشركات طيران جديدة وتطوير المطارات وتشييد مطارات ومبان جديدة وانشاء نادي ايروسبورت والجراج متعدد الطوابق وفندق مطار القاهرة والقطار الكهربائي.. كل هذه الأنشطة تم الانتهاء منها في غضون 10 سنوات فقط وهو العصر الذهبي للطيران المدني بشهادة الجميع ولا ينكرها إلا جاحد أو حاقد. 6 وزراء بعد ثورة 25 يناير تم تعيين المهندس ابراهيم مناع وزيرا للطيران المدني وتوسمنا خيراً فهو مهندس المطارات وبصماته في كل مكان لكنه لم يستمر طويلا ثم تم تعيين الطيار لطفي مصطفي كمال لشهور قليلة ثم المهندس حسين مسعود.. ومع بداية حكم الإخوان في عهد الرئيس المعزول تم تعيين سمير امبابي لكنه لم يستمر سوي شهور قليلة وخلفه المهندس وائل المعداوي.. ومع أول وزارة بعد التخلص من حكم جماعة الإخوان برئاسة د. حازم الببلاوي بعد نجاح ثورة 30 يونيو تم تعيين المهندس عبدالعزيز فاضل وزيرا للطيران المدني وهذا يعني أنه منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن تم تعيين 6 وزراء للطيران المدني مما أدي إلي زعزعة الاستقرار في هذا المرفق الحيوي شأنه شأن كافة الوزارات التي عانت من المشاكل في عهد جماعة الإخوان الذين يفتقدون الحس السياسي وكان شاغلهم الهيمنة علي كافة أجهزة الدولة وتعيين أهل الثقة في مناصب مرموقة رغم الشبهات التي تحيط بهم وتحفظ الأجهزة الرقابية علي تعيينهم في مواقع مسئولة. ومنذ طرد المعزول من القصر الجمهوري في 3 يونيو 2013 وتشكيل وزارة جديدة وبدء خارطة الطريق والتي بدأت بالموافقة علي الدستور كان لابد من انطلاقة كافة الأنشطة الاقتصادية بالدولة لأنه هو الملاذ الوحيد للخروج من عنق الزجاجة لكن أغلبية المصريين غير راضين عن أداء الحكومة ولهم الحق لأن النتائج غير مرضية. ملفات تعوق المسيرة أيضا الطيران المدني يعاني من مشاكل عديدة معظمها ينحصر في عدم الجرأة في اتخاذ قرار بشأن بعض الملفات التي تعوق مسيرة التقدم والقدرة علي المنافسة ومنها قرار عرض 19 طائرة للبيع من أسطول مصر للطيران من مختلف الطرازات لعدم الجدوي الاقتصادية من تشغيلهم ولسان حال المسئولين أن قرار البيع ليس أمراً سهلا ولا يجرؤ أحد مهما كان علي اتخاذ هذا القرار تجنباً للمساءلة فتكون النتيجة أن يبقي الوضع كما هو عليه وجود طائرات بدون تشغيل وخسائر مالية حال تشغيلها وشركات طيران في دول الجوار تعقد صفقات بعشرات الطائرات وتجوب بها دول العالم. أما الشركة الوطنية فتظل سنوات وسنوات لكي يأتي لها الفرج بالموافقة علي بيع الطائرات القديمة والتي خرجت من التشغيل. ويبقي السؤال.. متي يأتي الوقت لكي نعلن بيع الطائرات القديمة؟ أزعم أن الأيادي المرتعشة غير قادرة علي اصدار القرار بينما الأيادي المتماسكة والقوية قادرة علي اصدار القرار الذي يحقق الأمان للشركة الوطنية ويجعلها قادرة علي المنافسة في سوق النقل الجوي وأزعم أن مظلة القانون الذي يطبق علي الجميع هو الحماية الشرعية لكل المصريين فإذا ما طبقنا القانون نجونا من المساءلة أما إذا تجاوزنا القانون فستكون العواقب وخيمة. أين القرارات؟! 19 طائرة من أسطول مصر للطيران في انتظار قرار البيع والمسئولون لا يحركون ساكنا إما لعدم قدرتهم علي اتخاذ القرار الصائب وإما لتفادي المشاكل وحال لسانهم عايزين نقضي المدة علي خير وشبح المسئولين الذين عانوا من المساءلات القانونية بسبب صفقات البيع والشراء تطاردهم وبالتالي نحن أمام حقيقة واضحة أننا نفتقد الفارس الشجاع الذي لديه الجرأة علي اتخاذ القرار للمصلحة العامة وبخاصة اننا في عهد جديد بعد طرد المعزول زعيم الجماعة الإرهابية التي تنشر الفساد في الأرض والبحر والجو وتتخذ من عباءة الإسلام طوق نجاة والإسلام منهم براء. ومن المشروعات التي تعاني من عدم الاستغلال أيضا الجراج متعدد الطوابق الذي أصبح من علامات "الديكور" في مطار القاهرة.. لا تسكنه السيارات!! الموظفون يرفضون التعامل معه رغم تكدس السيارات أمام صالات السفر والوصول كما أن معظم المول التجاري غير مستغل وصالة "4" التي تم تخصيصها للطائرات الخاصة عانت طوال عام من حكم الإخوان فقد كانت مع بداية حكم المعزول في الطريق لتخصيصها لاحدي شركات الطيران الخليجية شقيقة القناة المشبوهة وكان الوسيط في ذلك الحين رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية في ذلك الحين باعتباره أحد الكوادر الإخوانية وبتعليمات مباشرة من "الشاطر" و"الكتاتني" و"أسعد شيخه" الذين كانوا يتعاملون مع الطيران المدني كأنه من بين أملاك مرشدهم محمد بديع.. والهدف من الاستحواذ علي صالة "4" أن تكون صالة ملاكي لجماعة الإخوان وأعوانهم فيدخل من يدخل.. ويخرج من يخرج بتعليمات مباشرة من المعزول بلا رقابة علاوة علي عمليات التهريب التي كانت ستتم.. والتهريب له أشكال وأنواع سواء في السفر أو الوصول اضافة إلي تهديد مباشر للأمن القومي المصري. ومنذ فشل مخطط الإخوان ورحيلهم لم يتم الاستغلال الأمثل للصالة بما يحقق العائد المادي المناسب وأصبحت بلا روح معظم أيام الأسبوع.. وأيضا المول التجاري فهو أيضا يعاني من العزلة. لقد نجا الطيران المدني من براثن جماعة الإخوان وتواجد الكثير من كوادرهم سواء في وزارة الطيران المدني أو مصر للطيران أو مطار القاهرة الدولي وبعضهم اعضاء في مجالس إدارة الشركات حتي الآن ومنهم من يسكت دهراً وينطق كفرا مما يشكل خطورة خلال هذه الفترة التي تعد في غاية الحساسية. واتذكر رحلات طهران التي كان يتحمس لها هشام زعزوع وزير السياحة في عهد الإخوان وتصريحاته النارية بأن هذه الرحلات سوف تجذب إلي مصر 10 ملايين سائح سنويا وكانت التصريحات تغازل جماعة الإخوان ومن أجل عيونهم ملأت وسائل الإعلام وها هو الآن هشام زعزوع وزير السياحة في وزارة ثورة 30 يونيو لا يحرك ساكنا بشأن رحلات طهران التي كان يقود حملاتها الإعلامية في عهد الرئيس المعزول. الجماعة.. لن تعود! اليوم نعيش عصر الحرية والديمقراطية بعد القضاء علي حكم الجماعة الإرهابية بإرادة شعبية ويخطئ من يتصور ان تلك الجماعة ستعود مرة أخري إلي المشهد السياسي وأياديها ملوثة بدماء المصريين وبعد أن كشفوا عن وجههم القبيح.. لكن من سوء حظ المصريين أن تكون أول حكومة بعد نجاح ثورة 30 يونيو نائمة في العسل.