أمضيت عدة أيام في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة لتغطية منتدي الاتصال الحكومي.. بدعوة من مركز الشارقة الإعلامي.. وكانت هذه أول زيارة لي إلي هذه الدولة العربية الشقيقة.. وطوال هذه الأيام لم يكن هناك حديث بين المشاركين في المنتدي إلا عن مصر وأحوال مصر.. الجميع يريدون الاطمئنان علي القلب النابض للعرب والعروبة. ما من حديث دار بيني وبين العديد من المدعوين من الزملاء الإعلاميين والمسئولين الحكوميين والأكاديميين المدعوين للمشاركة.. أو من أبناء دولة الإمارات أو المصريين المقيمين هناك إلا وتطرق بشكل أو بآخر لما يشاهدونه علي شاشات الفضائيات ويقرأونه في الصحف ويتابعونه علي المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي علي الإنترنت. كانت التساؤلات مغلفة بالحيرة.. مغموسة بنبرات الأسي والحزن.. بسبب مشاهد العنف والبلطجة والتخريب.. والفوضي التي أصبحت تؤذي عيونهم وتمزق قلوبهم خوفاً علي مستقبل مصر.. ولم يسعني سوي التماس العذر لهؤلاء الغيورين علي مصر وشعبها. بينما النخبة السياسية عندنا لا يهمها سوي الصراع علي السلطة والجري وراء المصالح الشخصية الضيقة. وفي ظل انفلات إعلامي لا يراعي الدقة ولا الموضوعية ولا الحياد في عرض الأحداث والآراء بغض النظر عما يترتب علي ذلك من إساءة لصورة الوطن في عيون الآخرين. وسط هذه الأجواء لم يسعني سوي النظر بعين الإكبار والاحترام لشعوب ودول حافظت علي استقرارها واستغلت مواردها أفضل استغلال للنهوض بشعوبها وتحقيق التقدم والرفاهية. مثل دولة الإمارات. فقد شاهدت هناك صورة مضيئة للتحضر والرقي عمرانياً وأخلاقياً وفي مختلف مناحي الحياة. مع الأخذ في الاعتبار اختلاف الظروف. وجدت هناك الأمان والاستقرار والاحترام المتبادل بين كل من يقيمون علي أرض الدولة الشقيقة بالرغم من تعدد جنسيات المقيمين من مختلف دول العالم. أحد الزملاء المصريين المقيمين هناك ويعمل بوزارة التعليم بدبي.. قال لي إن أهم ما يميز هذه البلاد هو أن الجميع سواسية أمام القانون.. فلا فرق بين مواطن ومقيم.. ولو حدث خلاف أو مشكلة بين شخصين.. فإن المخطئ يعاقب. دون انحياز لهذا الطرف أو ذاك لأي سبب من الأسباب. هذه الحقيقة أكدها لي أيضاً سائق هندي. حيث قال لي إن عدد الهنود المقيمين في الإمارات يقترب من مليوني شخص وأن الجالية الهندية تمثل كبري الجاليات الأجنبية بالإمارات.. وأنهم لا يشعرون بالغربة في هذه البلاد المضيافة التي تستوعب المقيمين من جميع الجنسيات والديانات السماوية وغير السماوية.. وأن المواطن الإماراتي يتميز بالطيبة والرقي في التعامل مع المقيمين. زميل مصري لفت نظري إلي تكاتف الجالية الهندية هناك وقال إن الهندي لديه قدرة غير عادية علي التكيف مع أي ظروف.. ويقبل العمل في أي وظيفة حتي لو كان أجرها منخفضاً.. ولديه الاستعداد للإقامة مع العشرات من أبناء بلده في شقة واحدة. لدرجة أنهم يوزعون ساعات نومهم بما يتوافق مع مواعيد عمل كل منهم حتي تتسع لهم الشقة.. وعندما يعود أحدهم في إجازة لبلاده فإنهم يجمعون له مبلغاً محترماً يمكنه من إنجاز شيء. كأن يساعده علي الزواج أو تأثيث شقة أو غير ذلك. تساءلت فيما بيني وبين نفسي: أين المصريون من هذا التعاون والتكافل. خصوصاً في الغربة؟!.. بل أين هذا التكافل علي أرض الوطن؟!.. أم أننا اكتفينا بالتفرق شيعاً وأحزاباً وتفرغنا للصراع والتغالب والتكالب علي الدنيا ومتاعها الزائل؟! في النهاية لا يفوتني التأكيد علي أن الصورة الذهنية التي كانت راسخة عندي حول دولة الإمارات الشقيقة قد تغيرت كثيراً. بعد أن زرتها بدعوة من أهلها الكرام.. وحتي لا تذهب بك الظنون بعيداً فإن هذه الصورة لم تكن تشوبها شائبة ولكنها أصبحت أكثر جمالاً ووضوحاً عما كنت أتخيله.. فليس من سمع كمن رأي. أفكار مضغوطة: * المشهد في نقابة الصحفيين.. لا يختلف عن المشهد العام في مصر من حيث عدم اكتمال الجمعية العمومية للناخبين أو الاعتداء علي النقيب.