عرض "موتسارت والحب" الذي قدمته فرقة أوبرا القاهرة علي مسرح الجمهورية يمثل تناولا مختلفا ومحببا في حفلات المنوعات الأوبرالية "الجالا" حيث استطاع العرض أن يقدم بعض الأغاني "الآريات" التي دارت عن الحب في عدد من أوبرات موتسارت من خلال اسلوب الراوي التعليمي وبمشاهد بها بعض العناصر المسرحية من ديكور وإضاءة وأزياء وحركة وبمصاحبة البيانو المنفرد.. والمؤلف موتسارت ولد في 27 يناير 1756 في سالزبورغ بالنمسا ويعد من أشهر العباقرة المبدعين في تاريخ الموسيقي رغم ان حياته كانت قصيرة فقد مات عن عمر يناهز ال 35 عاما بعد أن نجح في انتاج 626 عملا موسيقيا واستطاعت موسيقاه أن تنفذ لقلوب وعقول كثير من المستمعين حول العالم باختلاف ثقافتهم وهويتهم وأذواقهم الفنية وتمثل الأوبرا حجر الأساس في انتاجه الابداعي فقد تفوق في ابداع الأوبرا بكل أنواعها.. القصة والعرض أعدته آمال محمود وأخرجه المخرج الأوبرالي الشاب حازم رشدي الذي قدمه علي شكل قصة حيث تفتح الستار علي طفلان كيوبيد وكيوبيدة من عالم الخيال يلعبان مع بعض وتظهر كيوبيدة أخري صغيرة تحاول اللعب معهما فيرفضان فتغضب وتذهب لتلعب بمفردها ولكنها تجد كتابا ويحاولان أخذ الكتاب منها مقابل بعض من اللعب ولكنها ترفض وهنا يدخل حكيم كوكب الخيال والحب فتعطي الطفلة الكتاب للحكيم فيقرأ اسم الكتاب ويبدأ في سرد حياة المؤلف الموسيقي موتسارت منذ الطفولة حتي الممات وتخلل ذلك تقديمه للأوبرا التي يتم تقديم أغانيها. العرض رغم اشتراك عدد كبير من نجوم فرقة الأوبرا المحترفين فيه إلا انه لم يأت بشكل احترافي بل تم اعداده في اطار مدرسي وكأن فرقة مدرسية تدخل به مسابقة وهذا لا يقلل من شأنه بل يجب استثماره ليتم تقديمه في قصور الثقافة للتعريف بالموسيقار العالمي موتسارت وتعويد العامة علي الغناء الأوبرالي. أدي المغنيون 14 أغنية منفردة من أوبرات "دون جيوفاني" و"زواج فيجارو" و"الناي السحري" و"باستيان وباستيانا" و"هكذا يفعلن جميعا" وتقريبا معظم هذه الأعمال من رصيد فرقتنا القومية وسبق تقديمها كأعمال كاملة علي المسرح.. كما ان أغاني الحب التي تم اختيارها جاءت متنوعة بين الرقة والسخرية والمعاناة. كما اتسمت بعض الأغنيات بطابع كوميدي يؤديها شخصية هزلية. نجوم الفرقة العرض شارك فيه جيلان من نجوم الفرقة معظمهم سبق أن استمعنا إليهم وشاهدناهم في أداء هذه الأغاني "الآريات" سواء في الأعمال الكاملة أو حفلات الجالا التي تقام خلال الموسم. والجميع كانوا علي نفس المستوي كما عهدناهم أي الأعمال لم تكن إضافة لهم لكن لا ننكر ان عشاق الأغاني الأوبرالية الفردية استمتعوا بأداء كل من الباص عبدالوهاب السيد في الأغنية الكوميدية "سيدتي" و"الباريتون" مصطفي محمد في آرية "الشمبانيا" والتينور عمرو مدحت في الأغنية الرقيقة "انها مقياس سعادتي" والباص عزت غانم بأدائه التمثيلي في أغنية "فلتنظري من النافذة يا حبيبتي" ورامز لباد في أغنية "لقد فزت في قضيتك" وهاني الشافعي في أغنية "هذه الصورة لملاك ساحر" والتينور تامر توفيق في أغنية "أدين لك بالشكر الجزيل" وابراهيم ناجي في الأغنية الرومانسية "تنهيدة الحب" وآية شلبي في "أغنية أقف صلبة كالصخرة".. أما نجمة الأوبرا ايمان مصطفي فرغم انها لم تكن تحفظ الأغنية مثل باقي المغنيين وأدتها من ورقة إلا انها أدتها بإحساس عالي وتعد اضافة لها لأن أغنية "لقد توارت إلي الأبد تلك اللحظات السعيدة" من أوبرا "زواج فيجارو" التي لم يسبق لإيمان المشاركة فيها لأن طبيعة صوتها درامي ثقيل لا تناسبه أوبرات موتسارت لكن هذه الآرية التي تعبر عن ما يعانيه المحبوب عند شكه في خيانة حبيبه صعبة وطويلة وتحتاج تعبير قوي أيضا أبدعت النجمة ذات الصوت البراق اللامع جيهان فايد التي كلما أسمعها أشعر بخسارة هذا الصوت الذي كان يستحق أن يكون عالميا لو صاحبته اجتهدت في هذا المضمار ونجمة هذا الحفل أيضا الميتزوسبرانو هالة الشابوري التي قدمت أغنيتين أبدعت في الأخيرة وكانت آرية "الحب لص صغير من الفصل الثاني في أوبرا هكذا هن جميعا" والتي تغنيها حيث جاءت مناسبة لطبقة صوتها الميتزوسبرانو وأدتها بتعبيرية ودقة من بداية هذه الأغنية الطويلة التي تصف فيها الحب من بدايتها حتي تصل إلي عبارة "وان استقر في صدرك أو تمكن منك فافعلي ما يأمرك به لأني سوف أفعل ذلك كذلك" سبق ان ذكرت الموسيقي المصاحبة فيه كانت البيانو فقط وقام به باقتدار العازف الانجليزي جريج مارتن المقيم في مصر منذ فترة طويلة وهو من مدربي هذا الفريق. الإخراج الجميل والجذاب في هذا العرض شخصية لراوي الذي مثلها بإتقان وحضور مسرحي باسم شكري وأيضا أطفال مركز تنمية المواهب بيتر كمال وخالد عبدالناصر وثناء حازم الأمير .. وطبعا هذا الشق التمثيلي يحسب للمخرج حازم رشدي. العرض افتقر للتنوع الموسيقي حيث اقتصر علي الأغاني الفردية بدون مبرر حيث انه شارك فيه عدد كبير من النجوم كما ان أوبرات موتسارت بها بعض مشاهد حب ثنائية وبعض الحوارات بين المحبين وهذا بدون شك كان سوف يعطي تنوعا وثراء وفرصة أكبر للمخرج. وكلمة أخيرة أوجهها للمسئولين عن هذه الفرقة لماذا هذه العروض التي يتم اعدادها للتواجد علي الساحة وفقط ولماذا الاكتفاء بإعادة الريبوتوار نريد انتاجا جديدا يكون فرصة حقيقية للشباب المصري من مخرجين ومغنيين ويصبح إضافة لرصيد هذه الفرقة التي تحتاج إلي رؤية وخطة ورعاية مالية والأهم ثقة بالنفس انها أهم فرق هذه الدار.