تعودنا في السنوات الأخيرة قبل الثورة وقبل سقوط نظام المخلوع حسني مبارك أن نجد المظاهرات تطوف العديد من الشوارع وتقف أمام السفارتين الإسرائيلية أو الأمريكية يردد خلالها الإخوان المسلمون وأنصارهم من الجماعات الإسلامية وغيرهم "خيبر.. خيبر يا يهود.. جيش محمد سيعود".. هذا الهتاف كان يدوي في سماء القاهرة ومصر. كلما كانت اسرائيل ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين أو ضد اللبنانيين أو ضد المصريين أو ضد المسلمين في أي مكان. وكذلك عندما كانت المجازر والجرائم ترتكب بحق المسلمين سواء في أفغانستان أو العراق أو السودان أو غيرها من البلدان. وخلال تلك المظاهرات والمسيرات كانت الهتافات تدوي أيضا متهمة النظام والرئيس المخلوع بل والأنظمة العربية بالعمالة والخيانة والتبعية للأمريكان ولدول الغرب. وتطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وكافة أنواع التطبيع. بل وتطالب في أحيان أخري بإعلان الجهاد المقدس وتشكيل الجيوش والسماح لها بعبور الحدود لتحرير القدس ولضرب المصالح الأمريكية والغربية.. وفي أقل الحالات كان يخرج علينا البعض للمطالبة بالمقاطعة الاقتصادية لمنتجات تلك الدول المعتدية علي المسلمين كأضعف الإيمان. اليوم وبعد الثورة وبعد وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم وبعد أن شكلوا هم وأنصارهم أغلبية في مجلس الشوري وأصبحوا أهل الحل والعقد.. لم نعد نسمع هذا الهتاف "خيبر.. خيبر يا يهود.. جيش محمد سيعود" وبدلاً من هذا الهتاف أصبحنا نسمع أن الرئيس محمد مرسي أكد خلال لقائه بالوفد الأمريكي برئاسة جون ماكين التزامه بالمبادئ الأساسية واحترامه الكامل للأديان وحرية الاعتقاد -وضع تحت حرية الاعتقاد هذه مائة خط- وممارسة الشعائر. وأن الرئيس أكد للوفد الأمريكي حول التصريحات المنسوبة إليه عام 2010 ضد اسرائيل أن هذه التصريحات أذيعت مجتزأة من سياق تعليقه علي العدوان الاسرائيلي علي غزة. ولا يجب فهمها في أكثر من هذا الإطار. لأن هذا يعد "خارج السياق". وفي اليوم التالي يصدر مكتب د.عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي بياناً باللغة الانجليزية يؤكد فيه أن الرئيس لا يقبل أو يتغاضي عن أي تصريحات مهينة لأي مجموعة بسبب الدين أو العرق. ويؤكد احترامه للأديان السماوية الثلاثة وأتباعها. وأنه غير صحيح أن الرئيس مرسي استخدم لغة التشهير والكراهية ضد اليهود قبل انتخابه!! الأمر لا يقف عند هذا الحد بل انه خلال الشهور الماضية وقعت المجازر والمذابح للمسلمين في بورما ولم نشاهد مظاهرة واحدة أو حتي هتافاً واحداً أو رد فعل رسمياً. بل انه عندما تم توقيع اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل برعاية مصر مؤخراً اخرجت نصوص ذلك الاتفاق لتؤكد الإدانة والمطالبة بوقف الأعمال العدائية بين الطرفين. وهكذا تمت المساواة لأول مرة في التاريخ بين المقاومة والعدوان. وعفواً لماذا نذهب بعيداً؟!.. انظر اليوم إلي المذابح التي ترتكبها فرنسا بمساعدة كل الدول الأوروبية وبمباركة أمريكا وبعض أنظمة الحكم الأفريقية والعربية في حق المسلمين في "مالي" وسط صمت الجميع. بل والأدهي والأمر أن وسائل الإعلام الحكومية تنقل الأخبار بأن القوات الفرنسية تطارد المسلحين في شمال مالي وتستكثر أن تصفهم بالمسلمين.. وهي نفس وسائل الإعلام التي كانت تطوف حولها المظاهرات من الإخوان وأنصارهم تقول "الكدابين أهم" عندما كانت تستخدم نفس المرادفات أيام النظام السابق.. أما اليوم فلا أحد يسمع لهؤلاء صوتاً.. ما الذي تغير؟!.. هل تغيرت أمريكا وإسرائيل وفرنسا وبقية دول الشر؟!.. أم تغير المسلمون هنا وهناك؟!.. أرجوكم لا يقل لي أحد ان الظروف والأوضاع هي السبب. لأنني سأقول له بكل بساطة إننا قمنا بالثورة حتي لا نسمع هذه الكلمات والمبررات..في النهاية أرجو ألا يتم فهم هذا المقال خارج السياق.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.