علق دكتور " محمد الجوادي" على إحدى التدوينات الغاضبة للكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت،بسبب الحكم الصادر بحبسها بتهمة ازدراء الأديان ،والتي قالت فيها " يا ربي وربهم .. أنا لم أكذب ،ولم أسرق ، ولم أقس على كائن ، ولم أتسبب في دموع إنسان . أنا يا رب لم ألوث مياه النهر ، ولم أوقف جريان النهر ". علق على ذلك بقوله : " حتى ناعوت خربشت في الانقلابي الكبير ." و يبدو أن دكتور الجوادي قد فهم من تلك التدوينة أن فاطمة ناعوت تتخلى عن تأييدها للنظام الحالي نتيجة شعورها بأن النظام قد نفض يده من فكرة تجديد الخطاب الديني التي كان يتبناها بقوة في وخصوصا في خطابات السيسي التي أعقبت توليه منصب الرئاسة . لكن في حقيقة الأمر فإن ناعوت لم تكن تقصد من قولها : ولم ألوث مياه النيل .. ولم أوقف جريان الماء .. لم تكن تقصد ما فهمه دكتور الجوادي فقد كانت ناعوت تقتبس بعض الفقرات من الكتاب الجنائزي الفرعوني الشهير : كتاب الموتي .. أو the book of the Dead أو Book of ComingForth by Day وهو يتكون من حوالي 192 فصلا .. وبعضها هذه الفصول تتحدث عن رحلة الميت إلى العالم الآخر والمواقف التي سوف يتعرض لها والأسئلة التي سوف توجه إليه من ( الإله أو الآلهة ) . وهناك فصل يشير إلى تلك الأسئلة ،والاعترافات الذي يجب أن يقولها الميت حتى ينجو من العقاب . ومن بين تلك الاعترافات ما يسمى( الاعتراف بالنفي) أو الاعتراف بالسلبNegative Confession .. وفيه تبدأ إجابة الميت بعبارة أنا لم .... , أنا لم ..... أنا لم ...ومن ضمن تلك الاعترافات ما يتعلق بالتعامل مع الناس، والتعامل مع البيئة ونهر النيل حتى وصل عدد الاعترافات بالنفي وفقا لبعض الباحثين إلى 42 اعترافا تبدأ بعبارة : أنا لم .. مثل أنا لم أسرق ... أنا لم أكذب.. أنا لم أتسبب في بكاء أحد .. أنا لم أقتل ... ومنها أيضا : أنا لم ألوث مياه النيل، و أنا لم أوقف جريان النهر .. وهي الجمل التي فهم منها دكتور الجوادي أنها تشير إلى سد النهضة وإلى حوادث تلوث مياه النيل بسبب غرق بعض السفن المحملة بالفوسفور وغير ذلك .. فتصور أن فاطمة ناعوت تعرض بالنظام الحالي .. وهذا غير صحيح .. فتاريخ فاطمة ناعوت وما تحمله من أفكار( تتوهم) أنها تنويرية وحداثية والدور الذي ( تتخيل) أنها تلعبه في محاربة ما يسمى بالخرافة والظلامية إلى آخر تلك الأسطوانة المشروخة من المصطلحات الجوفاء .. تجعل من المستحيل على كاتبة مثل فاطمة ناعوت أن تتصادم مع النظام أو ترتد عن أفكارها ( التنويرية) ... بل على العكس من ذلك فإن ناعوت لم تخربش إلا الإسلاميين وهي العادة المفضلة لديها .. بل أعادت الهجوم مرة ثانية على شعيرة الأضحية بطريقة أقل عنفا وأقل فجاجة وجرأة .. حيث، أردفت تعليقها بقولها : لأنني طالبت كما أمرتنا أنت في كل شرائعك بالرحمة بالحيوان إن قدموه قربانا لك وأنت غني عنا وعن قرابيننا . أفزعتني أنهار الدماء تهرق في طرقات بلادي تتفجر من خلال أضحية عذبوها قبل نحرها ... هذه هي فاطمة ناعوت يا دكتور جوادي التي اعتادت أن تخربشك أنت، وأن تخربش الإسلاميين .. وربما الإسلام ذاته ... أما أن تخربش النظام .. فهذا حسن ظن منك ربما لن يحدث أبدا .