دخل رئيس الاتحاد السوفيتي السابق، ميخائيل غورباتشوف، على خط الأزمة السياسية بين بلاده روسياوتركيا، داعياً الطرفين إلى الإستعانة بالحوار، محذراً من نهايات يكون لها تأثيرات خطيرة في المنطقة وأوروبا. وقال غورباتشوف في تصريح صحفي، اليوم الخميس، مستنداً إلى خبرة طويلة في الحرب الباردة، ونهايات الأزمات، أن تدهور العلاقات بين روسياوتركيا ليست خسارة للبلدين فحسب، بل هي ضربة لأوروبا أيضاً، وأن "هذه الضربة ستؤثر على الأمن في منطقة الشرق الأوسط"، مشدداً على ضرورة أن يدرك السياسيون مسؤولياتهم تجاه هذه العلاقات. وأعرب غورباتشوف، الرئيس السابق، عن أسفه حيال حادث إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية، منبهاً: "بذلنا جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقات خلال الأعوام الأخيرة، وهناك علاقات كبيرة وواسعة بيننا اليوم، تساهم في تنمية البلدين" في إشارة إلى العلاقة الروسية التركية. وأكد على ضرورة عقد الحوار بين البلدين في كافة الظروف، والبحث عن سبل مختلفة لتحسين العلاقات. وكانت روسيا بدأت ردها على إسقاط تركيا طائرتها، بإعلانها إنها ستحظر واردات المنتجات الزراعية من تركيا، لكن الأخيرة وعقب فرض روسيا عقوبات اقتصادية، معلنة حربها الباردة السريعة، واتهام تركيا بالتعاون مع تنظيم "الدولة" عليها، ردت عبر تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان، الاثنين الماضي، بإن حكومته ستتصرف "بصبر لا بعاطفة" قبل اتخاذ أي إجراءات رداً على العقوبات الروسية. وقال أردوغان رداً على اتهامات بوتين بأن تركيا تحمي تهريب نفط "الدولة الإسلامية"، "لو ثبتت (اتهامات بوتين) فإن كرامة أمتنا كانت تفرض أن أغادر مهامي". وأضاف حين سئل إن كانت تركيا سترد بعقوبات من جانبها "دعونا نتصرف بصبر لا بعاطفة. دعونا نتركهم يستخدمون ما لديهم من أوراق إن شاءوا وبعدها إذا كانت لدينا أوراق فسنستخدمها أيضاً". أردوغان الذي صرح قبل قمة المناخ التي عقدت مؤخراً بباريس، أنه سيلتقي نظيره الروسي بوتين، وسيتحدثان معاً ليصلا إلى مخرج للأزمة السياسية التي مر بها بلديهما، لم ينجح في ترتيب ذلك اللقاء، حيث رفضته روسيا. وقال حين سئل إن كان سيلح أكثر لعقد اجتماع "حتى إذا كان المتبقي جزء من خيط واحد.. نحن لا نريد قطع العلاقات. لا أعرف كيف ستتصرف روسيا". الحظر الذي بدأته روسيا بمنع مواطنيها من السفر لتركيا، ووقف عمليات الإستيراد والتصدير بين البلدين، يبدو أنه سيتوسع أكثر وأكثر، بحسب مختصين، وهو ما سارعت لتدراكه تركيا، بعقد شراكات مع قطر والسعودية، لاسيما لإستبدال الغاز الروسي بالقطري. وبرغم الشراكات البديلة لكن تركيا ما زالت تمد التهدئة لروسيا، على أمل جلوس الأخيرة معها على طاولة الحوار، لفتح صفحة جديدة بين البلدين. ويبدو أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي رفض دعوة أولى للحوار من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وجد أن من الصواب الإذعان لدعوة تركيا، وهو ما أعلنه أمس الأربعاء، حيث وافق على الحوار. وقال أنه سيلتقي نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هذا الأسبوع في بلغراد. وأوضح لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيقوسيا: إن "الطرف التركي يصر على تنظيم لقاء على انفراد مع وزير الخارجية"، مضيفاً: "لن نتهرب وسنستمع إلى ما يريد جاويش أوغلو قوله". واللقاء سيكون الأولَ بين مسؤولَين كبيرَين من البلدين منذ أن أسقط الطيران التركي طائرة حربية روسية فوق الحدود التركية السورية. وعمدت تركيا إلى إسقاط مقاتلة روسية من طراز "سوخوي-24"، انتهكت المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقالت إنها حذرت الطيار 10 مرات قبل أن تطبق قواعد الاشتباك، في حين تنكر روسيا انتهاك طائرتها للأجواء التركية، وتنفي تلقي طيارها تحذيراً من الجانب التركي. وأدت حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا إلى توتر في العلاقات الثنائية، وأعلنت موسكو عن حزمة إجراءات اقتصادية بحق أنقرة، في حين تتطلع الأخيرة لاستبدال الشريك الروسي بشركاء خليجيين، وخاصة في مجال الطاقة.