كتبت منذ أيام؛أن هذا آوان الأسئلة الصعبة؛وماكنت أعرف ولا اطلعت على الغيب الذي لايعلمه سوى عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى؛أن ماخلتها أسئلة صعبة؛ستتضاءل كثيرا وتنزوي؛أمام الحقائق المرة. وماكنت أدري أنني أرتكب خيانة- أدرك الآن أنها عظمى -؛حين سمحت لحسن الظن أن يتسلط ويستبد؛في موقف وموضوع بطبيعته لاينبغي أن يخضع للنوايا؛شأن كل مايتعلق بالسياسة وماحولها؛ففي العمل السياسي تكون العبرة دائما بالنتائج؛فكيف سمحت لنفسي بتغليب حسن الظن؛وكيف طاوعتني يدي لتغتال سطورا؛كنت قد كتبتها في نهاية مقالي؛أقول فيها( إنه ليس بعيدا عما قلت؛أن أبدي تخوفي وعدم فهمي للزيارة الغامضة التي قام بها المسئول الأول عن إدارة البلاد لميدان التحرير!). أما وقد حدث؛فإن النتائج (للخيانة والزيارة معا)جاءت مفزعة؛يكفي أن منها استشهاد الشيخ الجليل؛عماد عفت؛حافظ القرآن الكريم بالقراءات العشر؛الذي اختار أن يتفرد بتقديم الصورة الأبهى واللوحة الأجمل بين وجوه الثائرين؛فالآن فقط أتذكر ملامح وجهة الضاحك المستبشر وهو يمضي وبجواره الشيخ أحمد؛المفتش بالأوقاف؛ومجموعة من الذين ازدانوا بالعمامة الأزهرية؛فزادوها بهاء وارتفعوا بها إلى عنان السماء. الآن أتذكر فرحتي بمصافحتهم؛هم قادمون من ميدان التحرير؛متجهين صوب ميدان طلعت حرب؛وأنا أمضي في الاتجاه المقابل؛قبل سقوط المخلوع بأيام قلائل؛لم أكن أعرف من بينهم سوى وجه الشيخ أحمد؛مفتش الأوقاف؛الذي يحاضرنا في أحد مساجد مدينة نصر؛مع كل احتفال بليلة قدر؛ومرات نادرة يزور المسجد لخطبة الجمعة؛ربما مرة أومرتين كل عام؛رؤيتي لهم؛كانت تكفي ليطمئن قلبي؛أنه مازال هناك أمل في الأزهر والأوقاف ورجالهما؛بعد ما كدت أفقد كل أمل بفعل كتائب الموظفين؛الذين يعتلون المنابر كل جمعة؛ثم يهبطون لكتابة تقارير عن بعض المصلين؛خاصة من ينتمون منهم للأخوان المسلمين؛كما اعترف لي أحدهم ممن زاملته في سنوات دراستنا الأولى؛وللحق فقد كان ضليعا في اللغة من بواكير دراسته؛فلن أنسى ماحييت وجه معلمتي في الصف الرابع الابتدائي السيدة الفاضلة جميلة حسن دعبس؛وهي تكاد تنفجر غيظا؛إذ تشير إليه ليجمع2+2؛فيفشل؛تأخذها به الرحمة؛فتطلب منه أن يقرأ معها(واحدة واحدة على حد قولها)؛فيصدمها صاحبنا وهويقرأ الرقم الأول(بطة)!!!! إي والله. أعود للوجوه المضيئة بين التحرير وطلعت حرب؛لأقارن بينها وبين وجوه كثيرة فتنتها النفس الأمارة بالسوء؛فاختاروا أن يصطحبوا في كل زيارة لهم لميدان الثورة (كاميرات) التليفزيون والصحف؛ليدلقوا علينا شيئا من كلامهم المحنط؛ثم يعودون في جولاتهم المسائية على الفضائيات؛ليجمعوا في بهلوانية مقيتة كل المتناقض من القول؛والمتباين من المواقف؛حسب الريح؛التي هي دائما بالنسبة لهم عاتية؛كيف لا وهي ريح التسعة عشر الذين بيدهم-أوهكذا يتوهمون-المنح والمنع؛أحد هؤلاء(مفكر سابق)كان يستدفئ بالثوار نهارا؛ثم يوقد فيهم النار الفضائي ليلا؛دون أن يتلعثم في جملة أو يخطئ في عبارة!! دم الشيخ عماد عفت؛في رقابنا جميعا؛الذين أحسنوا الظن؛والذين صمتوا؛ومن قبلهم ذرية هرولت صوب مجلس التسعة عشر؛فكلنا ارتضينا ومازلنا أن نستغفل أنفسنا وأن نستمتع بخدر وهم زائف؛يهيء لنا؛أن من كانوا دمى و أذرع يمنى ويسرى؛بل وأقدام لنظام مجرم قاتل؛يمكن أن يصبحوا بين عشية وضحاها ثوارا؛أوحماة للثورة كما يحاولون أن يخدعوا البعض؛في تبجح غريب!! لقد تخيلت يوما أنه من الأحسن للبعض أن يختاروا بإرادتهم تقاعدا كريما؛لكنه يأبى إلا أن يقول (إلى طرة..ذلك أفضل)!