العالم كله بات يعرف أن فى القاهرة بؤرة خطيرة للبلطجية والخارجين على القانون والشبيحة والفتوة، وكل ما يخطر على البال من عناصر إجرامية. قبل أيام دخل مصور صحفى أمريكى، أعرفه شخصيًا، إلى ميدان التحرير، فتم تثبيته فى وضح النهار وفى أقل من دقيقة تركوه بملابسه فقط. أخذوا جواز سفره ونقوده وآلة التصوير، ولولا أن فندقه على بعد خطوات من الميدان لراح فى "شربة مية"! ولأنه أمريكى لديه سفارة قوية فى القاهرة، أنهى أوراقه البديلة له خلال وقت قصير، وعاد إلينا محبطًا متكتئبًا مع أنه غادرنا قبله بأيام متخيلا أنه فى رحلة حج لمكان مقدس!.. جلست معه وقتا طويلا لكى يعرف أن ميدان التحرير الثائر غير ميدان التحرير الذى نشله. وقرأت عليه تصريحا لمحمد الجمل مسئول فعاليات حركة 6 أبريل (الجبهة الديمقراطية) نشرته بعض المواقع الإلكترونية بأن "المتواجدين بالميدان الآن بلطجية، وأنه يقع تحت سيطرة الباعة، وهم من يقومون بفتحه أو غلقه، والسبب فى ذلك أكل العيش، وجميع الثوار والقوى السياسية انتقلوا لحديقة مجمع التحرير أو أمام مجلس الوزراء". البلطجية والباعة لم يغادروا الميدان وحولوه إلى بؤرة رعب فى المنطقة المحيطة. أيمن إبراهيم، المنسق العام لحركة تنوير مصر، قال "إن الوضع فى الميدان غير مريح للغاية، وقد انتشر به العديد من البلطجية، وذلك ليس شكل اعتصام سياسى يهدف لمطالب ثورية. وبناء على ذلك قررنا نقل خيامنا للمجمع حتى نصبح مفصولين عن البلطجية أومثيرى الشغب. نحن متبرئون من غلق الميدان وتعطيل مصالح الشعب المصرى، فالميدان أصبح أشبه بالمولد، ولا يجوز أن يكون ذلك شكلا للثورة المصرية"! المحلات ومكاتب السفر والسياحة القريبة من الميدان أغلقت أبوابها تقريبًا، فمن تهون عليه حياته ليذهب إلى مكان خارج عن مساءلة القانون.. تحتله مجموعات لا تحاسبها الدولة، وترتكب فيه كل الموبقات والجرائم. المخدرات مباحة ما دام تعاطيها والتجارة فيها يجريان داخل الحدود الإقليمية لميدان التحرير! بقايا الخيام التى نراها، ليست للثوار بالتأكيد قياداتهم.. فمن هم أصحابها.. وماذا يجرى داخلها، وما الذى يخيف الشرطة من اقتحامها ما دامت قوى الثورة تقول إنهم ليسوا منها ولا يعرفونهم.. وأن المشهد لا يندرج ضمن حرية الاعتصامات أو المظاهرات؟!.. ميدان التحرير شبه مستقل عن باقى القاهرة، اللهم إلا إذا كان المحتلون- كما يردد البعض – تربطهم ثمة علاقة مع جهة أمنية تستخدمهم فى رسائل صداع مستمرة للناس والاقتصاد والسياحة والحركة العادية للمواطنين. صحفية أمريكية اغتصبت داخل إحدى الخيام وأبلغت عن ذلك، فلماذا لم يتحرك أحد، إلا إذا كان المطلوب إبلاغ الإنتربول الدولى باعتبار أن ميدان التحرير لا يخضع للسيادة المصرية، وأنه منطقة مستقلة ذات سيادة! البلطجية حاصروا يوم الثلاثاء أمام "كنتاكى" أدوية تقدر بملايين الجنيهات كانت تستخدم لعلاج المتظاهرين ومنعوا خروج الأطباء بها أمام عيون الأمن الذين لم يتدخلوا، مع أن اللصوص كانوا ظاهرين للعيان ومعهم دراجات نارية تحمل ثلاثة أو أربعة أفراد وقنابل مولوتوف! هل يحتاج تحرير ميدان التحرير من أيدى البلطجية واللصوص والشبيحة والفتوة قرارا من مجلس الأمن الدولى؟!.. دولة تعجز عن استرداد هيبتها فى مساحة لا تزيد عن كيلو متر مربع.. فهل نتوقع منها علاج الانفلات الأمنى الذى سيكون على رأس أهداف حكومة الإنقاذ الوطنى القادمة؟! [email protected]