أكد محللون إسرائيليون، أن الفوز الساحق ل "الإخوان المسلمين" فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التى جرت فى الأسبوع الماضى جاء نتيجة تنظيمهم الجيد وكون الشعب المصرى متدينًا ويرى فيهم نقيضا لنظام حسنى مبارك "العلمانى الفاسد". وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إن الأحزاب الإسلامية سعت عقب فوزها فى المرحلة الأولى من الانتخابات إلى تهدئة مخاوف المجتمع الدولى ما جعل إسرائيل تتراجع عن خوفها من حدوث صراع مسلح مع مصر فى المستقبل، خاصة مع انشغال الأخيرة بمشاكلها الداخلية. وأضافت إن جماعة "الإخوان المسلمين" أكدت أن "الدستور يسبق كل شىء وقبل كل شىء لكنهم أوضحوا فى الوقت ذاته أن الشريعة الإسلامية هى مصدر هذا الدستور، بينما نفت التيارات السلفية المزاعم بأن البرلمان سيكون ضد الأقليات وأنه سيحترم ويصون حقوق المواطن". ونقلت الصحيفة عن موطى قيدار، مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط والإسلام بجامعة "بار ايلان" الإسرائيلية، إن "فوز الإخوان كان متوقعا"، لأن "الشعب المصرى متدين جدا، والدليل على هذا أنه فى ساعات الصلاة تمتلئ الشوارع فى مصر بالمصلين الذين يؤدون صلواتهم فى الطرقات، كما أن الشارع يرفض العلمانية والليبرالية؛ لهذا فإنه من الطبيعى أن يقوم المصريون بالتصويت لصالح حزب يمثل معتقداتهم". وأضاف إن "غالبية المواطنين المصريين يعانون الفقر فهم بلا ماء أو صرف صحى أو كهرباء أو تليفون والجهة الوحيدة التى اهتمت بتلك المشاكل هم "الإخوان المسلمون" على مدى سنوات طويلة.. الشارع اختار الإخوان لأنه يعرف أنهم سيخدمونه أيضًا فى المجالات السابقة". واستبعد الأكاديمى الإسرائيلى أن تحدث مواجهة مسلحة مع مصر، قائلا: "الحرب أو المواجهة تحتاج أموال ووقود وقطع غيار وذخيرة، لكن مشاكل الإخوان الآن هى مشاكل داخلية وتتعلق باقتصاد مصر وليس بالشئون الخارجية وإسرائيل، كما أن الحرب مع إسرائيل من شأنها إغلاق قناة السويس، وهى أحد مصادر الدخل المصرى". أما اورى كوففرشميت، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة حيفا فرأى أن "فوز الإخوان المسلمين جاء لكونهم الأكثر تنظيما بمصر، ويشكلون من الناحية الشعبية البديل والنقيض لحكم حسنى مبارك الذى كان فى نظر الشعب علمانيا وفاسدا". واستبعد مع صعود الإسلاميين انهيار اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، قائلا إنه لن يتم إلغاؤها فورا كى لا يضر هذا بعلاقة مصر بالولاياتالمتحدة والدول الأوروبية، لكنهم وقريبا جدا قد يطالبون بفتح الاتفاقية من جديد والتباحث حول بعض الموضوعات؛ وعلى رأسها زيادة أسعار تصدير الغاز لإسرائيل والمشكلة الفلسطينية؛ فالإخوان يرون فى حركة حماس حليف لهم وسيدعمونهم". أما صحيفة "هاآرتس" فقالت إن النتيجة المستخلصة إن تلك هى المرة الأولى التى يحصل فيها الانتخابات على شرعية من الشعب نفسه، وأشارت إلى أنه إذا ما حافظ "الإخوان المسلمون" على نفس معدل الفوز فى المرحلة الأولى فإنهم سيتحولون إلى الحزب الأقوى بالبرلمان ويمكنهم المطالبة بتشكيل الحكومة. ورأت أن مسارعة الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب "الحرية والعدالة"، التابع ل "الإخوان" إلى القول بأنه إذا قام "الإخوان" بتشكيل الحكومة المقبلة ستكون حكومة ائتلافية موسعة بقدر الإمكان من شأنها تهدئة التيارات الليبرالية والعلمانية والأقباط، وقد خطت حركة "النهضة" فى تونس الخطوة ذاتها وتحاول الآن تشكيل حكومة ائتلافية مع حزبين علمانيين آخرين. وأوضحت أن "الإخوان" يعرفون جيدًا قوة ميدان التحرير الذى يعد الآن ضميرا للقاهرة كما أطلق عليه محلل سياسى مصرى، فإذا لم يحدث اتفاق بين الإخوان والميدان سينقلب الأخير إلى حلبة صراع بين التيارات العلمانية والدينية". وختمت بالقول إن السياسة الخارجية والأمن ستكتب بيد الجيش؛ لذا فالعلاقات مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل أو إيران وسوريا، والتى تعد جزءا لا ينفصل عن الاتجاه الاستراتيجى والعسكرى لمصر من شأنها أن تتأثر بدرجة صغيرة نسبيا بما يحدث فى مصر من ثورة سياسية.