يبدو أن إرهاصات التخوف من "الاتفاق النووي الإيراني" بدأت تطفو على السطح سريعًا، فأظهر العرب ودول الخليج وفي القلب منها السعودية تخوفاتها من ذلك، وسريعًا بدأت الأطراف المتصارعة تحسب مكاسبها وخسائرها من هذا الاتفاق. تخوفات العرب تتمثل تخوفات العرب في أن إيران اعتادت شيطنة الحركات الإسلامية،كما أنها تسعى جاهدة لتنفيذ مشروعها الفارسي في المنطقة، وهو ما أشار إليه بعض المسئولين الإيرانيين بقولهم إن الاتفاق يفتح آفاقًا جديدة أمام بلادهم. وما يؤكد ذلك ما قاله مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي، الذي صرح بأن بلاده لن تتخلى عن دعم أصدقائها في المنطقة، والشعبين المضطهدين في فلسطين واليمن، والشعبين والحكومتين في سوريا والعراق، والشعب المضطهد في البحرين. تأثير الاتفاق على مصر "مصر".. ليست بعيدة عن هذه الصراعات ويتطلع طرفا الصراع فيها "الإخوان- نظام 3 يوليو" إلى ما ستسفر عنه الأيام القادمة الحبلى بالأحداث الساخنة على الساحة. وإن كان البعض رجح كفة استفادة "الإخوان" من هذا الاتفاق بطريق غير مباشرة، من خلال حسبة بسيطة يراها سياسيون متابعون للساحة السياسية الداخلية والخارجية والتي تتلخص في أن الاتفاق المذكور في غير صالح المملكة السعودية المعروفة بعدائها الدائم لإيران ومخططاتها الشيعية، وبالتالي أصبحت في مأزق وليست أمامها إلا التحالف مع "الفصائل الإسلامية" بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين في مصر خاصة وباقي البلاد العربية بوجه عام، باعتباره أكثر الفصائل الإسلامية السنية تنظيمًا وعداءً للمخطط الشيعي، وهو ما يغضب نظام 3 يوليو في مصر ويهدد وجوده. السعودية والتحالف السني الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن السعودية بدأت تتحرك بشكل مفصلي بعد اتفاق إيران النووي، وكانت أولى هذه التحركات استضافة قيادات حماس بعد انقطاع استمر 3 أعوام، وبدأت النتائج تظهر سريعًا، إذ أعلنت المملكة الإفراج عن معتقلي الحركة، في محاولة لشل يد إيران. وأضاف فهمي، في تصريح صحفي، أن السعودية تحاول تشكيل تحالف سُني يضم حركات الإسلام السياسي بما فيها "الإخوان"، والمقاومة التي تمثلها حركة "حماس"، ودولتي تركيا وقطر، وهو ما قد يُسبب خلافًا مع مصر التي تقوم سياستها الخارجية على عدم الانضمام ل"تحالف طائفي"- حسب قوله. وأشار إلى أن خلاف القاهرة والرياض "المكتوم" قد يظهر للنور مع تحركات السعودية الجديدة، فهناك خلافات في ملفات سوريا واليمن وفلسطين، بحسب قوله. وأوضح: "في اليمن، القاهرة ترى أنه لا دور للإخوان في حل الأزمة، بينما السعودية منفتحة على الجماعة هناك، والحال نفسه في سوريا، بينما مصر ترى أنه ليس هناك دور للإخوان بعد سقوط بشار الأسد، أما في فلسطين، فمصر لن تترك أحدًا يعبث بالملف الفلسطيني، وهو جزء رئيسي من سياسة مصر الخارجية، وحماس وفتح تعلمان ذلك جيدًا". الإخوان.. والاتفاق النووي وفيما يخص جانب الإخوان وهل الاتفاق النووي يوشك أن يظهر الغضب المكتوم بين النظام في مصر والسعودية؟ يقول الدكتور محمد سودان، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، وأمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة"، إن الأمر كبير وتدخل فيه أطراف كثيرة فى اتجاهات متعاكسة ومصالح متضاربة وضغوط أمريكية وغربية. ووجه "سودان" عدة أسئلة ل"المملكة" منها هل بإمكان السعودية الانفلات من مظلة الضغوط والمصالح الأمريكية والتصرف بحرية.. أم أنها مناوشات على خجل لجس نبض من بيده الحل والعقد فى المنطقة؟ وتابع القيادي الإخواني أسئلته: "أى مساحة ستترك للسعودية للتحرك بحرية لتحقيق مصالحها فى المنطقة؟ وهل من حق السعودية اختيار طريقة حماية نفسها من الخطر الذي بدا وشيكاً عليها بنفسها دون السير فى الطريق الذي يُترك لها للسير فيه؟ وهل من حق السعودية الآن التخلي تماماً عن مساعدة العسكر فى مصر، و ترك السيسى فى بحر المشاكل الاقتصادية دون مد يد العون!؟ مجيبًا "أشك في ذلك"، مسقطًا على التسريبات وكيف أظهرت تعامل "العسكري" في مصر مع الخليج، ورغم ذلك لم تؤثر في دعمها له- حسب قوله. وأوضح أن نظام 3 يوليو، يعتمد على الضغط الأمريكي بالأساس لإتمام المؤامرة، محذرًا إن لم يتفق ملوك ورؤساء المنطقة على استراتيجية موحدة لمواجهة ما هو قادم فستكون العواقب وخيمة على الكل. وأكد سودان، في حديثه مع "المصريون"، أن الإخوان هم طرف أصيل ضمن حائط الصد لمواجهة الرياح العاتية التى ستواجه المنطقة ومن يقصيهم من المنظومة ستكون حساباته غير دقيقة، مضيفًا: "الموقف الآن أظنه لا يتحمل حسابات خاطئة". أما عن العلاقات السعودية المصرية يقول "سودان"، إن مقياس المصالح هى التي تحدد في النهاية، مضيفا: "أن فى عهد الملك عبدالله الراحل كانت هناك حسابات تختلف تمامًا عن حسابات الملك سلمان". من جهته قال عز الكومي، البرلماني السابق عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الخلاف ظهر بالفعل بين النظام في مصر والمملكة السعودية، مشيرًا إلى أن القادم سيكشف بصورة ملفتة عن تشكيل حملات إعلامية مكثفة ضد الملك سلمان والنظام السعودي. وأضاف الكومي ل"المصريون"، أن "السيسي" فى الأيام الماضية سمح بإقامة معرض للحوثيين فى مصر يتحدث عن انتهاكات عاصفة الحزم فى اليمن، كما أن تقدم المقاومة اليمنية على الساحة اليمنية وبوادر هزيمة الحوثيين فى عدن ثم تعز مع الأخذ فى الاعتبار أن الدعم السعودي بصفة خاصة والخليجي بصفة عامة تقلص بشكل كبير، موضحًا أن كل ذلك يرسم ملامح صورة التصدع الكبير فى العلاقة بين القاهرة والرياض- حسب قوله. بينما يقول مصطفى البدري، القيادي بالجبهة السلفية، إن السعودية قد تلجأ للمصالحة مع الفصائل الإسلامية ومنهم الإخوان لوقف التمدد الشيعي، لاسيما عقب الاتفاق النووي بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران، وبالتالي فإن السيسي هو كبش فداء لكل هذه الاتفاقيات. وأضاف البدري في تصريح صحفي، أن السعودية تبحث عن مصلحتها ومصلحة العائلة الحاكمة في المقام الأول، لافتا إلى أن استمرار السيسي سيكبدها الكثير من الخسائر- حسب قوله. وأكد القيادي بالجبهة السلفية، أن السعودية تخشى من أن يقوى النفوذ الإيراني في المنطقة خاصة بعد سيطرة طهران على بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق، إضافة إلى الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا. وأشار إلى أن هذا كله يهدد العرش السعودي، موضحًا أن السعودية قد تلجأ لفصائل الحركة الإسلامية إضافة لقطر وتركيا من أجل وقف التمدد الشيعي الحالي، متوقعًا أن يكون السيسي هو كبش الفداء لكل هذه الاتفاقيات. وأبرمت إيران والدول الست الكبرى رسميًا الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني الثلاثاء 14 يوليو في فيينا.