أولت وسائل الإعلام العالمية، اهتمامًا بالغًا بالتصريحات المثيرة للجدل للرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي جمعه بالمستشارة الألمانية في برلين، التي قال فيها إن الرئيس المعزول محمد مرسي، وصل إلى الحكم في مصر من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة، حصل فيها على نسبة تأييد 51%. ويعتبر هذا التصريح أول اعتراف رسمي منه بشرعية سير الانتخابات الرئاسية عام 2012، وما أسفرت عنه، بعد تردد الأنباء بأن الفائز الحقيقي بانتخابات الرئاسة هو الفريق أحمد شفيق، وتصاعدت تلك الأقوال قبيل مظاهرات 30 يونيو 2013 على لسان عدد من الشخصيات العامة الذين أكدوا امتلاكهم الوثائق والأدلة على أن جماعة الإخوان مارست ضغوطاً على المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولجنة الانتخابات لإعلان فوز مرشحهم، وظلت وسائل الإعلام تتداول تلك التصريحات لفترات قريبة، إلا أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي في ألمانيا بأن الرئيس المعزول فاز برئاسة الجمهورية بنسبة 51% تعتبر دحضًا لكل ما قيل سابقاً، وذلك وفق رؤية عدد من الخبراء. وأضاف السيسي خلال المؤتمر الصحفي، أن "الشعب الذي أيد مرسي في الانتخابات لم يجد بعد مرور سنة على حكمه، وسيلة سوى التظاهر، لانتزاع الشرعية التي أعطاها إليه؛ وكانت ثورة 30 يونيو". وأوضح أنه يتفهم جيدًا موقف أوروبا بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص، من عقوبة الإعدام، لكن غالبية أحكام الإعدام لا تنفذ والقانون المصري يسمح بدرجات من التقاضي، لكن أيضًا لنا وجهة نظر يجب احترامها، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أنه يعرف أنه كان هناك رئيس مصري سابق يقف مكانه، مضيفًا: "أتمنى ألا تستكثروا علينا أن نكون حريصين على الإنسان". ولمح السيسي إلى أنه يمكن أن يتدخل لوقف هذه الأحكام قائلا: "أنا مش عاوز أقول ممكن أعمل إيه ولكن دعونا لا نستبق الأحداث"، واعترف السيسي بأن هناك قصورًا في مصر، لافتا إلى أن ما يحدث في مصر والمنطقة أمر عظيم، ولولا شعب مصر لكان للمنطقة شأن آخر. وأكد منتصر الزيات المحامي وعضو هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول محمد مرسي، أن القانون يعطى الصلاحية لرئيس الجمهورية بأن يعفو أو يخفف الحكم على المحكوم عليهم بعد صدور الأحكام، مشيرا إلى أن الضغوط التي يتعرض لها الرئيس عبد الفتاح السيسي من الممكن أن تجعل السيسي يرضخ للمطالبات الدولية بوقف تنفيذ أحكام الإعدام. وتعليقًا على تأثير اعترافات السيسي في ألمانيا بأن مرسي وصل للرئاسة في انتخابات ديمقراطية نزيهة، أعرب الزيات ل"المصريون" عن عدم اعتقاده بأن يتغير الحكم الصادر على مرسي بالإحالة إلى المفتي بعد تصريحات السيسي في ألمانيا، لافتًا إلى أن حكم الإحالة صدر بإجماع الآراء، وذلك رغم ما طرح على هيئة المحكمة من دوافع. وقال الدكتور يسري العزباوي، الخبير السياسي، إن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي جاءت نتيجة الضغط الذي مورس عليه من الصحفيين في المؤتمر الصحفي، بالإضافة إلى الضغوط التي مارستها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أثناء حديثها مع السيسي، مشيرًا إلى أن الرئيس أراد من تصريحاته التوضيح للألمان وأوروبا أن أحكام الإعدام الصادرة على قيادات الإخوان ليست نهائية، وأن معظمها صدرت في غياب المتهمين، واصفاً تصريحات السيسي ب"العادية". وحول تصريح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي بأن مرسي فاز بالرئاسة بنسبة 51%، بعد صمت صناع القرار عن تصريحات عدد من الشخصيات العامة، بأن شفيق هو الفائز الحقيقي بانتخابات الرئاسة، أوضح الخبير السياسي، أن تصريح السيسي يأتي ردًا على محاولات الفريق أحمد شفيق وحملته الانتخابية بحلم رئاسة الجمهورية، ومحاولات خلق الأزمات أمام السيسي في مصر للعودة إلى سابق عهدها، مؤكدًا أن تصريح السيسي يقضي على آمال شفيق بالرئاسة ويحض كل ما قيل عن عودة تزوير مرسي، لافتا إلى أن السيسي أرسل رسالة من خلال تصريحه إلى شفيق مفادها لا عودة للعصر القديم. ومن جانبه، رحب نجاد البرعي، المحامي والحقوقي بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي في ألمانيا، واصفًا التصريحات بالمتوازنة والمسئولة. وأضاف البرعي ل"المصريون" أنه يشجع أى خطوة للسيسي في طريق وقف أحكام الإعدام، والتي جرت ضمن إجراءات باطلة، مبديًا أمله أن يسهم تدخل الرئيس في وقف تنفيذ الإعدام، مؤكدًا أن عددًا كبيرًا من أحكام الإعدام كانت غيابية. وعن مدى تأثير الزيارة على تراجع النظام المصري، رأى البرعي أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا كان الهدف منها هو التوقيع على اتفاقيات للقضاء على مشاكل الطاقة، وهو ما كان سيتم سواء وافق النظام على وقف تنفيذ الإعدام أم لم يوافق، مستبعدًا تأثر النظام بالضغوط دولية، أو أن تمثل تصريحات السيسي تراجعاً في موقف النظام المصري من أحكام الإعدام. وقال المستشار أشرف عمران، عضو الدفاع عن الرئيس الأسبق محمد مرسي، إن اعتراف السيسى بشرعية مرسي خلال لقائه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليس له أهمية كبيرة, مضيفًا أن الرئيس محمد مرسي نجح في انتخابات رئاسية شاهدها جميع دول العالم وراقبتها كل المنظمات الحقوقية، كما أن المنافس اعترف بخسارته. وأضاف عمران، أنه تم تقديم العديد من الدفوع التي تثبت براءة الدكتور مرسي ومن معه في قضية الهروب من سجن وادي النطرون، خاصة أن المجلس العسكري تجاوز عن هذه الواقعة وأصدر قرارًا بالعفو عن جميع من خرجوا من السجن. وأوضح أن أي شيء يقال بعيدًا عن المحكمة لا يعد دليل إدانة أو إثبات ولا يمثل تغييرًا في اتجاه المحاكمة. ولفت إلى أن أي تأويل سياسي يصدر من السيسى بخصوص إمكانية عدم تنفيذ الأحكام على الرئيس الأسبق محمد مرسي قد يحتمل الصحة والخطأ، إلا أن الفصل الأخير سوف يكون من خلال المحكمة. وكانت محكمة الجنايات مدت أجل النطق بالحكم، الثلاثاء الماضي، في قضيتي التخابر والهروب الكبير التي يحاكم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد كبير من قيادات الإخوان إلى 16 يونيو الجاري لإتمام المداولة، بعد إحالة المتهمين إلى فضيلة المفتي، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا في اليوم نفسه. و في تصريحات إعلامية سابقة اعتبر أسامة محمد مرسي نجل المعزول، أن قرار المحكمة بمد أجل النطق بالحكم على والده، في قضيتي "التخابر" و"اقتحام السجون"، هو "تأجيل سياسي"، مشيراً إلى أن "مرسي والثورة أقوى من أحكام سياسية ستنتهي بلا رجعة".
وأوضح أسامة مرسي، نجل الرئيس محمد مرسي أن "مد أجل النطق بالحكم في قضيتين ملفقتين ضد مرسي تأجيل سياسي حفاظا على عدم إحراج السيسي خلال زيارته لألمانيا". وأضاف نجل مرسي أن "مرسي والثورة التي تتواجد في الشوارع منذ نحو عامين، أقوى من أي أحكام معدة سلفا، ولا تخرج عن كونها أحكام سياسية ستذهب بلا رجعة، مثل الانقلاب الذي بإرادة المصريين، سيصير هو والعدم سواء".