قال وزير العدل أمس إن دولا محيطة بمصر تعمل على اسقاطها وقامت في سبيل ذلك بادخال أموال تفوق التصور، تقدر بالملايين من الجنيهات لبعض الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني سواء المشهرة وغير المشهرة، وأن دولة خليجية دفعت 181 مليون جنيه. كلام في منتهى الخطورة لأنه يتحدث عن تقرير تم رفعه – حسب قول الوزير - إلى رئيس المجلس العسكري ورئيس مجلس الوزراء. وهو أول تصريح رسمي عن مخطط من هذا النوع يستهدف مصر. وربما نفهم الغضب المكتوم حتى الآن ضد قطر في إطار تسريبات عن دور نافذ تلعبه على الساحة المصرية، خصوصا أن الوزير يتحدث عن تمويل جمعيات حقوقية ومنظمات مجتمع مدني وليس عن جماعات غير محددة. ولكي يفهم الرأي العام القرارات التي تصدر مثل اغلاق قناة الجزيرة مباشر مثلا، وتفعيل قانون الطوارئ، لابد من الشفافية التامة وإعلان الحقائق وعدم حجبها خشية تأثيرها على العلاقات الدبلوماسية، خصوصا أن وزير العدل يتحدث بثقة عن مخطط تخريبي يجري تمويله بهذه الملايين التي يبدو أن السلطات المصرية أمسكت بخيوطها جيدا خلال الفترة الماضية عبر تحويلات بنكية. وزير العدل يؤكد أن الدكتور عصام شرف سوف يتولى إعلان كل التفاصيل التي تضمنتها التقارير التي وصلته خلال الأيام القليلة الماضية، موضحا أن ما يحدث في الشارع المصري تحركه بعض الأيادي الداخلية والخارجية بهدف تخريب المنشآت العامة ومؤسسات الدولة، كما تستهدف انتهاك الأمن القومي للبلاد وترويع المواطنين. وأشار وزير العدل في تصريحه الذي نشره الأهرام ونقله عدد كبير من القنوات الفضائية العربية والعالمية إلى أن هناك أنظمة في دول محيطة بمصر تخشى أن يتكرر ما حدث في مصر لها. هذا التصريح من وزير مهم في الحكومة عن وجود تقرير بمعلومات مفصلة في يد المشير والدكتور شرف، لا يجب أن يمر مرور الكرام.. لابد للرأي العام المحلي والدولي أن يعلم ويفهم حتى يمكنه تقدير القرارات التي تصدر الآن مثل مداهمة بعض القنوات الذي بدأ بالجزيرة مباشر وقد يشمل قنوات أخرى مثل قناة "التحرير" مثلا التي تقول تسريبات إن شخصية مشهورة جدا في قطر تقوم بتمويلها بالاشتراك مع جورج سورس، والوسيط هو الدكتور محمد البرادعي. وهذه القناة تنتهج هجوما مستمرا ضد المجلس العسكري منذ انشائها، مما جعلها محل بحث وتدقيق حول مصادر أموالها وحقيقة أهدافها. ولكي يصدق الشعب ويقف مؤيدا للحكومة وللمجلس العسكري لابد من المصارحة والمكاشفة بدلا من القول إن قناة الجزيرة مباشر لم تحصل على الترخيص أو أن هناك قاطنين في العقار اشتكوا من جهاز البث الذي تستخدمه. مثل هذه المبررات مضحكة ولا تقنع عاقلا أو مجنونا، فكيف تكتشف بعد شهور عدة بأن قناة مشهورة تبث بدون ترخيص؟!.. ولماذا لم تتصل بمسئوليها مثلا لكي يستكملوا أوراقهم إذا كانت ناقصة كما قال مديرها أحمد الزين في الحملة التي بدأتها قناة الجزيرة أمس على المسئولين المصريين بسبب ايقاف البث؟!.. هناك فارق بين أن تقول إن القناة لم تحصل على ترخيص، وأن تقول بمنتهى الجرأة والشفافية إذا كانت لديك وثائق وأدلة بأنها تمثل دولة ثبت تدخلها في الشأن الداخلي وتمويلها لعملية اسقاط مصر، لدرجة أنها رفضت طلبا من الانتربول بتسليم رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالي الفارين إليها، بل عينت الأول مستشارا لشخصية قطرية كبيرة رغم الاتهامات الموجهة ضده. كما أن الثاني محكوم عليه بالسجن. وكشفت وثائق نشرتها جريدة روز اليوسف أمس وأمس الأول أنه حاصل على الجنسية الإسرائيلية وكان يعمل جاسوسا لإسرائيل طوال عمله وزيرا للاقتصاد ثم وزيرا للمالية، وهي وثائق نفهم كيف يتم تمريرها وفي الوقت المناسب. ثم أن الذين سافروا للتدريب في صربيا، تقول معلومات أنهم تلقوا أيضا دورات تدريبية في قطر. كما أن جورج سورس نفسه يشرف على هيئات تقوم بالتدريب، لكن لم يثبت أنها تولت تدريب مصريين، وإن كانت برزت بقوة في أثناء ثورة أوكرانيا. لا نتمنى أن يكون تصريح وزير العدل مجرد فقاعات في الهواء للاستهلاك المحلي. ولا نتمنى أن يتم حبسه في أدراج المشير وعصام شرف، بل على الاثنين أن يتصرفا بقوة وحزم إذا كانت معلومات التقرير صحيحة وموثقة ومؤكدة، فما معنى أن تخشى على علاقات دبلوماسية مع دول ثبت لك إنها تريد "اسقاط مصر" على حد تعبير وزير العدل؟.. [email protected]