عادت البنوك المصرية إلى إقراض شركات مملوكة لرجال أعمال تابعين للنظام السابق، بعد أن توقفت 5 أشهر عن تمويلها منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني والتي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، كخطوة احترازية لما سوف يسفر عنه سير التحقيقات الموجهة إلى عدد من رجال الأعمال المحبوسين على ذمة قضايى جنائية ومالية. وفرضت البنوك على الشركات عدة شروط جديدة لكي تواصل صرف دفعات من قروض تم الاتفاق عليها في وقت سابق، تمثل بعضها في تغيير إدارة تلك الشركات، إلى جانب إعادة دراسة جدوى تلك المشروعات، وفقاً لما أوردته صحيفة الشرق الاوسط اللندنية اليوم الثلاثاء. وكانت البداية مع شركات الحديد المملوكة لأحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني المنحل بقرار قضائي، فقامت البنوك نهاية الأسبوع الماضي بصرف دفعة من قرض، كانت توقفت عن صرفه بسب عدم مشروعية الرخصة الممنوح على أساسها القرض والاتهامات الموجهة لعز، وتبلغ قيمته 1.8 مليار جنيه، وحصلت الشركة على 60% من قيمته قبل أحداث الثورة. وتستخدم مجموعة "عز" القرض في بناء مصنع للحديد الأسفنجي بالسويس حصلت على رخصته في يناير 2009، وتقدر التكلفة الاستثمارية للمشروع بنحو 2.5 مليار جنيه، بدلا من مبلغ 2.8 مليار جنيه وهو التكلفة التي قدرتها الدراسة الأولية التي تلقاها بنكا الأهلي ومصر مرتبا القرض عند طلب التمويل. واشترطت البنوك لاستكمال الدفعات وتقديم قروض جديدة لشركتي عز الدخيلة وحديد التسليح اللتين تسيطران علي نحو 60% من سوق الحديد في مصر، حرمان عز من أي أرباح حتى انتهاء التحقيقات، وتوجيهها إلى نشاط الشركة، مع إقالته من أي مناصب إدارية في الشركة، وهو ما استجابت له الشركات قبل عدة أسابيع. من جانبه قال رئيس البنك الأهلي المصري طارق عامر إنه تبنى إقالة عز من منصبه، مع وضع اشتراطات على الشركة لإجراء بعض الإصلاحات الإدارية داخلها، مقابل صرف أموال جديدة لصالح المجموعة التي تعد من الشركات الكبرى التي يعتمد عليها السوق بشكل أساسي في صناعة الحديد. وأوضح عامر، الذي يرأس اتحاد البنوك المصرية، أن البنوك الثمانية التي شاركت في ترتيب آخر قروض "عز" سوف تضخ باقي الدفعات المتبقية من قيمة القرض المتوقف منذ بداية العام الحالي بعد استجابة الشركات لمطالبها. وتابع: "يجب أن تكون الشركات مؤهلة ائتمانيا لذلك، فالبنوك تقوم بتمويل مشروعات قائمة على أرض الواقع وليس لشخص بعينه وفقا لقواعد معينة". في السياق نفسه، قال محمد عباس فايد نائب رئيس بنك مصر أحد المرتبين الرئيسيين لقروض شركة عز إن التعديلات الأخيرة في مجلس الإدارة، مع إعطاء البنوك دراسات من قبل المنفذ للمشروع "الشركة الإيطالية دانيللي" شجعت البنوك الثمانية المقرضة لعز في اتخاذ قرار صرف الدفعات المتبقية من القرض. وما انطبق على عز، سار على شركة بالم هيلز للتعمير المملوكة لعائلة منصور والمغربي، والذي يواجه عدد من أفرادهما عدة اتهامات في قضايا تتعلق بالفساد، فالبنوك المقرضة للشركة طلبت منها بعض الأوراق التي تؤكد سلامة موقفها القانوني بعيدا عن موقف من يمتلكها لصرف قرض مجمد تقدر قيمته بنحو 567 مليون جنيه. وقال فايد إن مصرفه مستمر في تمويل "بالم هيلز" من خلال ضخ دفعات من قرض كانت حصلت عليه قبل عام ويقدر بنحو 500 مليون جنيه، تستخدمه الشركة في توسعات تنفذها لبعض مشاريعها. وتابع: "البنوك لا تمتنع عن صرف القروض المتفق عليها في وقت سابق، خاصة إن كانت تلك المشروعات تدر تدفقا نقديا فهذا ما نعتبره الضمانة الأولى للسداد، ما نقوم به الآن هو اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية، مثل طلب عقود توثيق الأراضي والمنشآت ومطالبة بعض الشركات بإعادة دراسة جدوى المشروع في ظل الظروف الاقتصادية القائمة، مع تحديد التدفق المالي المتوقع على المدى المتوسط والطويل". من جانبه اعتبر محمد عشماوي رئيس المصرف المتحد قرار منع التمويل عن شركات القطاع الخاص قرارا خاطئا، خاصة أن الذمة المالية لتلك الشركات منفصلة عن ذمة أصحابها من المحبوسين على ذمة قضايا مالية وجنائية. وأضاف أن كثيرا من الشركات منها السادس من أكتوبر "سوديك" وشركات عز وبالم هيلز لا يمكن تركها محرومة من التمويل بعد أن وصلت إلى مرحلة من النجاح.