جاء الاعتذار المفاجئ للرئيس عبد الفتاح السيسي عن عدم المشاركة في قمة أمريكا-أفريقيا المقرر عقدها يومي 4 و5 أغسطس المقبل في واشنطن، ليثير الكثير من التساؤلات حول أسباب ذلك، خاصة وإن القمة المرتقبة تمثل فرصة للقاء الرئيس مع العديد من رؤساء الدول، وإطلاعهم عن كثب على حقيقة الأوضاع في مصر. وربط سياسيون ودبلوماسيون بين اعتذار السيسي وتكليف المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، بالاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة، والتطورات الداخلية في مصر، عقب مقتل الجنود المصريين بالوادي الجديد، بالإضافة إلى تجاهل الإدارة الأمريكية لدور مصر فى المنطقة، والاستعاضة عنها بقطر وتركيا للتهدئة بين إسرائيل و"حماس". كان مصر تلقت الأسبوع الماضي دعوة للمشاركة في القمة الأفريقية -الأمريكية المقرر عقدها في شهر أغسطس المقبل، وقال وزير الخارجية سامح شكري إن مصر ستشارك فيها للتأكيد على اهتمامها بقضايا القارة الأفريقية. وأكد محمد السادات السفير السابق بوزارة الخارجية، أن السبب الحقيقي وراء اعتذار السيسي عن حضور القمة الأفريقية الأمريكية وإنابة رئيس الوزراء يتعلق بالأحداث الداخلية فى مصر، وخاصة عقب الحادث الإرهابي الأخير بالوادي الجديد والذي أدى إلى استشهاد 21 جنديًا وضابطًا من رجال حرس الحدود، وهو ما تطلب منه أن يبقى في مصر بصفة مستمر لحين استقرار الأوضاع الداخلية. وأضاف السادات أن السبب الثاني لامتناع السيسي عن حضور القمة هو الحرب الإسرائيلية على غزة، والنزاعات الدائرة على معبر رفح، مشيرًا إلى أنه يتابع كافة التطورات مع الخارجية المصرية للعمل بأقصى جهد على وقف إطلاق النار بين الطرفين. وشهدت العلاقات المصرية الأمريكية توترا عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو الماضي، وقامت واشنطن بحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وصواريخ وأيضا مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار إلى الحكومة المصرية "انتظارا لإحراز تقدم بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان". وقال أحمد عمرو دراج، القيادي ب "الجمعية الوطنية للتغير"، إن رفض السيسي حضور القمة الأفريقية الأمريكية جاء نتيجة محاولة الطرف الأمريكي إقحام تركيا وقطر في مبادرة وقف إطلاق النار بغزة والتي قامت بها مصر دون الرجوع للبيت الأبيض. وأوضح أن اعتذار السيسي جاء نتيجة رفض السياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لن تتغير تجاه مصر منذ قيام "ثورة 30 يونيه" ودعم الأطراف المعادية كتركيا وقطر. وقال رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع "السابق"، إن الدعوة التي وجهت إلى مصر جاءت في وقت متأخر عن بقية الدول التي أرسلت لها الدعوات، وكان لهذا مغزى وخاصة بعد عودة مصر لعضوية الاتحاد الأفريقي. وأشار إلى أن موقف السيسي جاء ردًا على تأخير الدعوة وتعامل مصر بهذا الشكل على الرغم من دورها الإقليمي الرائد. وأضاف السعيد أن الولاياتالمتحدة كانت تستند فى عدم إرسال الدعوة مبكرا لقرار الاتحاد الأفريقي بتجميد عضوية مصر، لكن رغم عودة مصر مرة أخرى إلى عضوية الاتحاد تأخرت الدعوة أيضًا بشكل يثير الريبة فكان لابد من رفضها. كان بيان للبيت الأبيض بشأن هذه القمة صدر في يناير الماضي لم يتضمن إشارة لمشاركة مصر فيها، ما دعا وزارة الخارجية المصرية لرفض هذا الموقف ووصفته بأنه "قرار خاطئ وقصير النظر".