ركزت صحيفة "الجورنال" الإيطالية على ما سمته مغزى دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتبرع لإنقاذ اقتصاد بلاده من الانهيار التام. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 27 يونيو أن دعوة السيسي, والتي جاءت بعد أن تبرع بنصف راتبه كرئيس للبلاد, ونصف ممتلكاته، تعكس عجز الدولة والحكومة في حل المشكلة الاقتصادية الحادة التي تواجه مصر، خاصة في ظل تدهور السياحة والبورصة. وتابعت الصحيفة أن الحكومة المصرية تتخذ قرارات لا تعرف مدى تأثيرها على المواطن، منتقدة بشدة قرار وزارة المالية فرض ضرائب 10% على البورصة, والذي تسبب في خسائر كبيرة , وهروب المستثمرين. وكان السيسي قال إنه سيتنازل عن نصف راتبه وممتلكاته لدعم اقتصاد بلاده، داعيا المصريين إلى تقديم تضحيات من أجل خفض عجز موازنة السنة المالية 2014-2015 والسيطرة على الدين العام. وأضاف السيسي في كلمة بمناسبة حفل تخرج دفعة جديدة في الكلية الحربية في 24 يونيو "أنا أحصل على مرتب الحد الأقصى وهو مبلغ 42 ألف جنيه.. لن آخذ نصفه, وسأتنازل عن نصف ممتلكاتي من أجل مصر". كما أكد أن الحكومة محتاجة لاتخاذ بعض الإجراءات. ولم يكشف عن طبيعة هذه الإجراءات، لكنه شدد على ضرورة وجود "تضحيات حقيقية" من المصريين داخل البلاد وخارجها. وتساءل "هل نقدر أن نجد مساهمة من المصريين في الداخل والخارج ممن هو قادر من دون ضغط ومن دون حرج؟"، مشددا على ضرورة أن تكون هناك "تضحيات حقيقية من كل مصري ومصرية". كما أشار السيسي إلى ضرورة خفض عجز الموازنة وعدم تفاقم الدين العام. ولفت إلى أنه رفض اعتماد الميزانية الجديدة بنسب العجز الواردة فيها، مما يعني توجهه لاتخاذ إجراءات تقشفية. وفي السياق ذاته، أكد وزير المالية المصري هاني قدري دميان أن وزارته تراجع بالفعل الموازنة بهدف خفض العجز. وقال إنه يتوقع خفض مستوى العجز المستهدف في الميزانية إلى 10% في العام المالي القادم الذي يبدأ في أول يوليو من حوالي 12% في العام الحالي. وأصدرت وزارة المالية بيانا يقول إنها ستعدل الميزانية وسيتم إرسالها مرة أخرى للسيسي. وتتضمن خطة الموازنة التي كشفت الحكومة عن ملامحها في مايو الماضي خفضا كبيرا في دعم المواد البترولية، مع نمو اقتصادي مستهدف بنسبة 3.2% وعجز كلي متوقع بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تتضمن زيادة الإيرادات الضريبية من خلال فرض ضريبة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات على دخل الأثرياء والشركات الذين يزيد دخلهم السنوي عن مليون جنيه، إضافة لفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة وعلى التوزيعات النقدية بمقدار 10%. ويرى خبراء اقتصاديون أن دعوة السيسي للتبرع لا يمكن أن تكون علاجا لمشكلات مصر الاقتصادية، في ظل غياب خطة حكومية لإصلاح حال الاقتصاد. كما أن المبادرة التي حملت عنوان "تحيا مصر" جاءت - بحسب هؤلاء الخبراء- غير مقترنة بمشروعات معينة ستوجه إليها التبرعات وكل ما يعرف عنها حساب بالبنك المركزي، وأن الجيش صاحب أكبر تبرع إلى الآن بمبلغ مليار جنيه مصري، ثم تعهدات من قبل رجال أعمال.