قال الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر أنه عندما تسقط ثاني أكبر مدن الدولة في أيدي متطرفين يتشحون السواد بينما يختفي الجيش ، وفي ظل هذه الظروف يفشل البرلمان في إعلان حالة الطوارئ لعدم اكتمال النصاب القانوني ، فنحن بصدد دولة تعاني السقوط بإيقاع سريع ، هذا بالضبط ما يشهده "عراق المالكي". ونوّه جاردنر - في مقال نشرته صحيفة (فاينانشيال تايمز) اليوم الجمعة - بمدى خطورة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ، مشيرا إلى أن ما يشهده العراق ، وإن كان كافيا وحده لاستشعار الخطر ، ليس بمعزل عما تشهده سوريا وعن ملامح أفغانستان جديدة تتشكل في أحشاء الحرب السورية ، ما ينذر بوقوف مارد متطرف على تخوم الساحل المتوسطي بمنطقة الشام. ورصد سقوط مدن عراقية كبرى في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) المنتمي لتنظيم القاعدة والقادم من سوريا قاصدا العاصمة العراقيةبغداد ، وقال جاردنر " إن حافظة داعش قد اكتظت بفضل ما نهب من بنوك الموصل ، كما أن ترسانته قد ضمت مروحيات (بلاك هوك) وعربات (الهامفي) التي زوّدت بها أمريكا الجيش العراقي قليل البخت " . ورصد جاردنر دعوة علي السيستاني ، أعلى مرجعية شيعية بالبلاد ، العراقيين إلى حمل السلاح ، وكذلك دعوة مقتدى الصدر أنصاره المسلحين إلى التعبئة ، وأكد الكاتب أن العراق بالفعل انزلقت من جديد الي حرب أهلية. وقال جاردنر " ثمة أسبابا تؤهل العراق للحاق بركاب سوريا كدولة منهارة بلا سرد وطني موّحد لقصة يحكيها شعب ذو نسيج متناغم ، أول هذه الأسباب أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشيعي الذي احتضنته الولايات المتحدة ذات يوم فتح الباب لعودة التطرف باضطهاده الأقلية السنية وتصفية قادتها والإخلال باتفاقيات تقاسم السلطة مع الأكراد والسنة حسبما كان متوقعا فور الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011 ". وحمل الكاتب المالكي بطائفيته وفساده ، اللوم فيما يتعلق بتمكين عصابات جوالة مثل تنظيم (داعش) من أن يجدوا طريقا صوب دولته المتقطعة الأوصال بالأساس ، وأشار الي احتكار المالكي حقائب وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات ، مؤكدا أن الفساد ضرب الجيش العراقي الذي أعدته أمريكا ودربت أفراده بتكلفة 30 مليار دولار ، فقد حوّله المالكي إلى جهاز يسيطر عليه الشيعة. ورجح جاردنر أن يعمد تنظيم داعش إلى تجنيد ضباط من جيش الرئيس الراحل صدام حسين بينهم طيارون حتى يتسنى لهم استغلال مروحيات البلاك هوك الأمريكية. وقال " لكن داعش قد تواجه في طريقها عقبات قوامها تجمعات إقليمية تضم كلا من أمريكاوإيران (قد يعجل الوضع العراقي إبرام اتفاق مؤقت بين واشنطن وطهران) ، كما تحاول تركياوإيران من جانب آخر تنحية خلافاتهما جانبا لا سيما بعد تولي حسن روحاني رئاسة الأخيرة ، حتى السعودية قد تتقارب مع إيران في هذا الصدد ". وعلى الصعيد الأمريكي ، توقع الكاتب البريطاني أن يلجأ الرئيس باراك أوباما في ظل تقدّم زحْف داعش صوب بغداد ، إلى استخدام القوة الجوية الأمريكية لوقف هذا الزحف ، ولو فعل أوباما ذلك ، لحتم عليه المنطق أن يتخذ الخطوة نفسها إزاء سوريا ، التي أوجد تقاعسه عن التدخل فيها ، فرصة لظهور (داعش).