تقدم حزب "التغيير والتنمية" (تحت التأسيس) بمقترحات إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء لمواجهة الأزمة الراهنة، بعد تفجر أحداث العنف الطائفي بإمبابة والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، والتي رأى تهدد التماسك الاجتماعي بتواطؤ ظاهر "من قوى داخلية وخارجية تمثل تهديًداً حقيقيًا للأمن القومي والمصالح الاستراتيجية العليا لمصر"، معتبرًا أن ما حدث من فتن طائفية في مصر هو "جريمة تمس الأمن القومي المصري في أعلى درجاته". وتدعو "خارطة الطريق" التي طرحها الدكتور باسم خفاجي رئيس حزب "التغيير والتنمية" لتجاوز الأزمة الحالية- - ولضمان عدم تكرارها في المستقبل إلى تكوين "لجنة عليا للتماسك الاجتماعي" تضم قادة الفكر والرأي والدين في المجتمع المصري، وتكون تبعيتها بشكل مباشر لرئيس مجلس الوزراء، وتتولى حل ما قد ينشأ من منازعات أو اختلافات تمس التماسك الاجتماعي للوطن. وستكون هذه اللجنة منوطة بالإشراف على حملات مكثفة للتوعية الفكرية والعقدية التي ترسخ مبادئ حرية الاعتقاد والتماسك الاجتماعي بين أبناء الوطن، وأن يصدر عنها مواقف واضحة في حالات الأزمات التي يمكن أن تهدد استقرار الوطن، وأن تكون مواقفها ملزمة للجهات التنفيذية لدرء الفتن ومحاولات تفريق المجتمع المصري. كما تتضمن المقترحات ضرورة تجريم وتشديد العقوبة على كل أشكال الاعتداء على حقوق الأفراد أو الممتلكات أو الحريات الشخصية باسم الدين بصرف النظر عن المكانة السياسية أو الدينية لمن يمارس مثل هذه الجرائم. وتدعو إلى عدم تدخل الدولة المصرية بأي شكل من الأشكال في حرية الاعتقاد للأفراد، وأن تقوم الأجهزة المدنية الحكومية بقبول تغيير الأفراد لدياناتهم تبعًا للقوانين واللوائح الحاكمة في هذا الشأن دون أن تتدخل الدولة لمنع أو تضييق أو الموافقة على تحول إي مصري من المسيحية إلى الإسلام أو العكس، وأن ينحصر دور الجهات المختصة في إثبات ذلك التحول بناء على رأي صاحبه دون أي ضغط أو تضييق. وفي هذا السياق، تدعو "ورقة العمل" كلاً الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والقيادات الدينية المسلمة والمسيحية في مصر بالإعلان بأن دور العبادة لا يجوز ولا يمكن ولا يقبل دينًا أو قانونًا أو عرفًا ًأن تستخدم في احتجاز أي إنسان تحت أي مبرر أو مسوغ أو تفسير. وتطالب القيادتين المسلمة والمسيحية كذلك بالإعلان عن أنه لا يوجد لأي جهة أو مرجعية دينية في مصر مهما بلغت درجة تقدير أبناء ذلك الدين لها سلطة قانونية أو سياسية تتجاوز أو تعلو أو تساوي سلطة الأجهزة القضائية والسيادية المصرية، وأنه لا يوجد استثناء في هذا الشأن. وتنادي أيضًا بأن تكون دور العبادة مفتوحة وخاضعة لحماية وتفتيش الأجهزة السيادية والرقابية والمحاسبية والأمنية المختصة ضمن الحدود والأعراف التي تليق باحترام ومكانة تلك الدور، مع خضوعها التام والكامل لسلطة الدولة المصرية. وتشدد على الرفض التام والمطلق لأي محاولات للاستقواء بالخارج في التعامل مع الأزمات الداخلية المصرية، وأن يعلن الأزهر والكنيسة وكافة قيادات المجتمع الديني المسلم والمسيحي عن الرفض التام لأي تدخلات خارجية في الشأن المصري الداخلي، وأن تلك التدخلات مرفوضة بأي شكل مباشر أو غير مباشر لها. وتحث كل القيادات الدينية على الابتعاد عن استخدام خطاب الكراهية وتوظيفه بأي شكل مباشر أو غير مباشر "واضح أو مخادع للحصول على أية مكاسب طائفية على حساب أطراف أخرى من المجتمع المصري". وتشدد "خارطة الطريق" على دور الإعلام في تجنب الأزمات الطائفية، عبر دعوته إلى الحفاظ على مصالح الأمن القومي المصري المرتبطة بالتماسك الاجتماعي، وعدم تأجيج أو إشعال الفتن الطائفية داخل المجتمع المصري سعيًا وراء الإثارة الصحفية، وأن يصدر "ميثاق شرف وطني" يرسخ القواعد الإعلامية في التعامل مع تلك الأزمات، على أن تلتزم وسائل الإعلام بمبادئ تلك الوثيقة في جميع الأحوال. وتدعو الإعلام المصري إلى عدم توجيه أصابع الاتهام بشكل جزافي لا دليل عليه على أي تيار ديني أو ليبرالي مصري في القضايا التي تمس التماسك الاجتماعي، إلا في حال وجود قرائن قانونية يمكن الاستناد عليها في أي اتهامات توجه لتيار أو توجه مصري سواء بين المسلمين أو المسيحين. لكن "خارطة الطريق" ترفض أن يكون التعامل الأمني هو الطريق الوحيد لدرء الفتن الطائفية منعاً لتغول الأجهزة الأمنية في القضايا الفكرية والعقدية، وأن يقتصر دور الأجهزة الأمنية على مساندة الجهات الأخرى في تأمين المجتمع دون أن تنفرد الأجهزة الأمنية بإدارة ملفات التعامل مع التماسك الاجتماعي الذي تتولى الإشراف عليه اللجنة العليا المقترحة. وتطالب القوات المسلحة المصرية بأن تتولى في المرحلة الحالية تقديم من يتواطئون ضد التماسك الاجتماعي المصري إلى محاكمات عسكرية رادعة خلال تلك المرحلة الانتقالية حتى يتم إقرار الدستور المصري الجديد والاحتكام إلى مواده القانونية فيما بعد. كما تقترح إنشاء مؤسسة اجتماعية خيرية (وقف خيري بدعم من المسلمين والمسيحيين) تتولى الملف التثقيفي الكامل لكل ما يتعلق بمسائل المواطنة في الدولة المدنية، في التعليم (مدارس وجامعات حكومية وخاصة) والإعلام، مع التنسيق الكامل والمتابعة لهذا الملف بشكل عملي على المستوى الشعبي. ولم تغفل المقترحات الدور المحتمل لأركان النظام السابق في إشعال الأزمات الحالية، لذا أوصت بألا يسمح لأركان النظام الفاسد السابق من التواجد المكاني في نفس السجون والمعتقلات، بل يتم توزيعهم في أماكن متباعدة ومتفرقة، لما تواتر من تأليب تلك القيادات الفاسدة على الثورة، ومحاولاتهم المتكررة للانقضاض على مكتسبات الشعب المصري وثورته. واعتبر عمر عبد الواحد، مدير المكتب التنفيذي بحزب "التغيير والتنمية" في تعليق على التطورات الراهنة، أن "ما يحدث في مصر الآن هو "فتنة مضادة" يفتعلها محركو الثورة المضادة"، على حد قوله. وأكد أنه لا يكفي القول ان من وراءها فلول الحزب "الوطني" أو البلطجية أو حتى أي تيار ديني، "فنحن السبب إن تركنا هذه الفتن تنجح في مصر، وبجب أن نتشارك في الحل كما نتشارك في أرض الوطن، وأن نساهم في توعية الغير، وحماية بلدنا".