تواجه "الدعوة السلفية"، اختبارا جديدا مع السلطات الحالية والمستقبلية للبلاد، بعد صدور قرار من وزارة الأوقاف، بمنع الرموز السياسية وقيادات الأحزاب من اعتلاء المنابر، حتى لا تتكرر أزمة انتقاد السلطة باسم الدين. وزير الأوقاف محمد مختار جمعة قال إنه "لن يحصل على تصريح بالخطابة فى المساجد أي من الرموز السياسية أو الحزبية، حتى لو كانوا حاصلين على دكتوراه من جامعة الأزهر"، وهو ما يحسم موقفها من منع رموز دينية من الخطابة، على رأسهم ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية. بدورها، وصفت آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإنسانية في جامعة الأزهر، قرار وزير الأوقاف، ب"الحكيم". وأشارت إلى أن "السلفيين هم ورثة الإخوان الآن، فكلهم يوظفون الدين بالكذب والتدليس من أجل مغانم سياسية". يأتي هذا الاختبار، بعد أيام قليلة من إعلان الدعوة السلفية وحزب النور، المنبثق عنها، دعمهم للمرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات المقررة يومي 26 و27 مايو المقبل، كونه المرشح الذي "يعبر عن التيار الإسلامي". وبحسب ما تم الإعلان عنه في بيان الحزب، فإن أن أحد أسباب إعلانهم دعم السيسي، هو "مصلحة الدين والحفاظ على الدعوة". ويتبنى الحزب ما يصفه قياديون له، ب "المواقف العملية الواقعية، التي تراعي صالح الأمة، وتقدم أخف الأضرار من منظور شرعي". قيادات الدعوة السلفية وحزب النور، رفضوا اعتبار منع رموز السياسية والأحزاب، من اعتلاء المنبر موجها لهم، وقالوا إنهم ملتزمون بقرارات الوزارة حفاظا على الوطن. سيد خليفة، نائب رئيس حزب "النور"، قال في تصريح إلى وكالة "الأناضول": "لم نواجه تعنتا ولم تصلنا أي شكاوى من منع رموز دينية للخطابة". وأضاف: "برهامي استوفى كل أوراقه وينتظر رد الوزارة"، متابعا "نوافق الوزارة في قرارها عدم استغلال المنابر في الدعاية السياسية، ولو طبق هذا الأمر علي الجميع سيلتزم به حزب النور". ورفض خليفة، اعتبار قرار الوزير متعلق بفصل السياسة عن الدين، وقال: "هو يحافظ على الوطن بمنع استغلال المنابر في السياسة، ونحن لا نقوم بذلك ونلتزم به". إلا أن صلاح عبد المعبود، القيادي بحزب النور والدعوة السلفية، اعتبر أن قرار منع غير الأزهريين من صعود المنابر ليس جديدا على السلطة الحالية، مشيرا إلى أنهم "واجهوه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والرئيس المعزول محمد مرسي". وأضاف: "المقياس في صعود المنابر ليس هو الحصول علي شهادة الأزهر"، مشيرا إلى أن "طلاب الأزهر التي تدافع عن شهادتهم وزارة الأوقاف، يشتبكون يوميا مع الأجهزة الشرطية ويواجهونهم بالعنف داخل الجامعة". واعتبر أن "المقياس الحقيقي، هو مدى صلاحية هذا الداعية في اعتلاء المنبر". وتابع: "هذه سياسية وزارة، قد تتغير مع الحكومة التي سيشكلها الرئيس الجديد، وبالتالي ليست هناك أزمة حقيقية حتى الآن في هذا الأمر". من جانبه، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "الدعوة السلفية وحزب النور جزء من المرحلة الحالية، وسيتجاوزون هذه الأزمة بسرعة دون صدام، حتى انتخاب المشير السيسي رئيسا". وأضاف: "النور هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي يتمتع بحنكة سياسية، وبالتالي فهو قادر علي تجاوز هذا الاختبار دون صدام، كما تجاوز اختبارات سابقة"، مشيرا إلي أنهم سيتفاهمون مع المشير السيسي عقب انتخابه في مثل هذه الأمور. وتوقع غباشي أن "يستجيب لهم المشير السيسي، وأن يوضع ضوابط حاكمة تسمح لبعضهم من اعتلاء المنبر لشرح تعاليم الدين الصحيح". وسطع حزب "النور"، الذراع السياسي ل "الدعوة السلفية" في 12 مايو 2011، كأول حزب سلفي يتم تأسيسه في مصر الحديثة، وثالث حزب إسلامي يتم تأسيسه عقب تأسيس حزبي "الوسط" و"الحرية والعدالة"، حيث تصفه الدعوة السلفية بأنه الذراع السياسية الوحيدة لها. ودخل حزب "النور" الانتخابات البرلمانية الأولى والوحيدة، بعد الثورة بقائمة منفردة باسم "تحالف الكتلة الإسلامية"، وحقق مفاجأة وقتها بحصوله علي حوالي 24% من مقاعد البرلمان الذي تم حله بحكم قضائي في 2012. ودعم حزب النور في الانتخابات الرئاسية الماضية، عبد المنعم أبو الفتوح، الذي حل رابعا في الانتخابات، قبل أن يعلن دعمه لمرسي في جولة الإعادة ضد أحمد شفيق. كما شارك الحزب في الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، يوم 3 يوليو الماضي، بحضور قوى سياسية ودينية أخرى.