ما زالت واقعة الاعتداء على شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وإهانتهم وشتمهم بأحقر الألفاظ ومحاولة تحطيم سياراتهم من قبل متطرفين أقباط يقودهم قساوسة أمام باب الكاتدرائية وعلى مرمي ومسمع من البابا شنودة ، عقب تقديمهم واجب العزاء ، ما زالت تمثل قلقا متزايدا بين النخبة المصرية ، وما زالت تمثل هاجسا خطيرا من إمكانية رد الإهانة بمثلها تجاه الطرف الآخر إذا مرت الأمور بدون حسم من القيادة السياسية وبدون موقف يصحح الأمور قبل انفلاتها ، وكان الناشط السياسي محمد أحمد شرف قد أرسل لي رسالة عقب نشر مقالتي عن "جريمة الاعتداء على شيخ الأزهر" ينظر فيها للمسألة من زاوية أخرى ، أتصور أنها جديرة بالتأمل وبإشراك القارئ معي فيها ، يقول صديق المصريون في رسالته : عزيزى الأستاذ جمال: إن الزيارة التى قام بها شيخ الأزهر و غيره و الوزراء للعزاء للبابا هى تكريس للطائفية و شتى أبعادها و إعتراف بالسلطة السياسية للبابا و حقه فى الولاية على أقباط مصر بعد تغييب سلطة دولة مغيبة، فالعزاء واجب لكل شعب مصر فى أبناء الوطن الشهداء الذين سقطوا ضحية غدر و خسة و هم يؤدون صلواتهم، أما العزاء فيكون لأهالى الضحايا و أثناء القداس على أرواحهم كما فعل رئيس الجمهورية أو تشييع الجنازة أو توجيه واجب العزاء للمكلومين من أهل الضحايا فهم الأحق. و هذه الزيارة تحمل معنى أننا فعلناها ، وهو معنى يبدو أنه فات الوفود المتوجهة للكنيسة و هو أن لسان حال الحكومة و الأزهر يقول لمن لا يعى ولا يفهم أننا المسلمين الذين قاموا بعملية كنيسة القديسين، حقا أتعجب من رد فعل الحكومة تجاه هذا العمل الإرهابى الذى لا دخل للإسلام ولا المسلمين سنة كانوا أو شيعة به. أما توجيه العزاء للبابا فلا محل له، فهذه الزيارة لا تعنى إلا إرسال وفد عزاء لدولة أخرى معترف بها لتعزيتها فى خطب ، هل ترسل الرئاسة أو سبق أن أرسلت وفود لشيخ للأزهر للعزاء فى الضحايا من المسلمين ، لنضرب المثل بالتمثيل بجثث حوالى عشرين من المسلمين بالمنيا منذ عهد قريب أو فى قطار الصعيد أو عبارة ممدوح إسماعيل أو فى الضحايا المسلمين فى حادث الاسكندرية الذين تناستهم الدولة و تناساهم الجميع و لم يذكرهم أحد من المسئولين و غادروا الحياة بلا صخب و لا ضجيج و لا تشنج، كأنما الحادث اختص بالمسيحيين وحدهم. إنه لا ينبغى أن يأخذنا الغضب مما حدث إلى المزيد من الصفقات السياسية والتي هى فى الأساس طائفية ، و إلى المزيد من التنازلات و الترضيات و الرضوخ لسلطة و دولة الكنيسة على حساب دولة القانون. نحن جميعا أبناء مصر مسلمين و مسيحيين يجمعنا العيش المشترك و الحق فى المواطنة بعيدا عن الموائمات و التنازلات و الرضوخ لهيمنة سلطة دينية سيترتب عليها تفكك و تحلل دولة مصر. انتهت الرسالة ، والتي أتفق مع صاحبها في كل ما ذهب إليه فيها . [email protected]