رسميًا.. موعد الإجازة الرسمية القادمة للقطاعين العام والخاص والمدارس والبنوك    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الإثنين 29-9-2025    تقدم كبير، بوادر اتفاق بين أمريكا وإسرائيل بشأن خطة إنهاء حرب غزة    الشرطة الأمريكية: مقتل شخصين وإصابة آخرين جراء إطلاق نار وحريق بكنيسة في ميشيجان    موعد مباراة منتخب السعودية ضد كولومبيا والقنوات الناقلة في كأس العالم للشباب    مصرع وإصابة 22 شخصا، اللقطات الأولى لحادث انقلاب أتوبيس المنيا    منتدى «المجتمع الأخضر» يبحث دعم «التحول نحو الاستدامة»    «سرحان وتمركز خاطئ».. حازم إمام يكشف عيوب الزمالك قبل مباراة الأهلي    الكرملين: لا مؤشرات من كييف على استئناف المحادثات    تعرف على أحدث إصدارات المجلس الأعلى للثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-9-2025 في محافظة الأقصر    تزن ربع طن.. الحماية المدنية تنجح في إنزال جثة متحللة بمدينة نصر    عاجل| إيران تؤكد: لا نسعى لتطوير أسلحة نووية وترفض مفاوضات تدخلنا في مشاكل جديدة    استشهاد 52 فلسطينيا بينهم 9 من منتظري المساعدات في غزة    الصين وكوريا الشمالية: سنتصدى للهيمنة الأمريكية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 سبتمبر 2025    الدوري المصري الممتاز غيابات الأهلي والزمالك في مواجهة القمة: من سيتأثر أكثر؟    حسام غالي خارج القائمة.. محمد علي خير يكشف مفاجأة في قائمة الخطيب بشأن انتخابات الأهلي    البابا تواضروس: نحتاج أن نرسخ ثقافات «التطوع والتبرع والتضرع»    رئيس محكمة النقض يستقبل عميد حقوق الإسكندرية لتهنئته بالمنصب    توقف حركة قطارات الصعيد عقب خروج قطار بضائع عن القضبان في بني سويف    الداخلية تكشف تفاصيل مصرع أخطر عنصر إجرامي في قنا    مصرع شخصين وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بالطريق الغربي بالفيوم    المؤبد لتاجر المخدرات الصغير.. بائع ملابس حول شبرا الخيمة إلى وكر للسموم    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم ب القاهرة والمحافظات: «ارتفاع مفاجئ» في الحرارة    رابط تقييمات الأسبوع الأول 2025.. خطوات تحميل ملفات PDF للطلاب من موقع الوزارة    وكيل تعليم الإسكندرية يكشف حقيقة صور المقاعد المتهالكة بمدرسة تجريبية    شمس البارودي تتصدر تريند جوجل بعد حسمها الجدل حول عودتها للفن    «الجمهور صدق».. كارولين عزمي عن ارتباطها ب أحمد العوضي    مدحت تيخا: سر استمرار الحياة الزوجية «المودة والرحمة»| فيديو    عاجل| صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب.. الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخًا يمنيًا    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    الإسكان: طرح 18 ألف قطعة أرض بمشروع «بيت الوطن».. والشائعات عن بُعد المواقع غير صحيحة    حسين عيسى: انخفاض التضخم لا يعني تراجع الأسعار فورا    الأمانة العامة للصحة النفسية: إطلاق مبادرة لمواجهة إدمان الألعاب الإلكترونية.. الأمر لم يعد رفاهية    كونتي: أعجبني أداء الفريق رغم الخسارة من ميلان.. ونستقبل أهداف كثيرة    أحمد موسى: إخواني واخد أراضي كتير من بيت الوطن.. "واسطة ولا مين بيساعده"    شراكة استراتيجية بين الحكومة وBYD لتصنيع السيارات الكهربائية    وزير الزراعة: ارتفاع أسعار الطماطم مؤقت.. والأزمة تنتهي خلال أسبوعين    منتخب المغرب يهزم إسبانيا في كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    بمكون سحري.. طرق طبيعية لعلاج قرحة المعدة بدون أدوية    binge watching يهدد صحة القلب    7 أطعمة تؤدي للإصابة ب أمراض الكلى (تعرف عليها)    خالد جلال: مشكلة الزمالك فى الموارد المالية ومشكلة الأهلى أوضة اللبس    مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكشف عن جوائز دورته السادسة    ليلى علوي في أحدث ظهور مع يسرا وهالة صدقي خلال حفل عمرو دياب    بشرط وحيد.. عبدالحكيم عبدالناصر: «الأمريكان عرضوا على والدي يرجعوا سيناء ورفض»    استبعاد شيكو بانزا وعودة أحمد ربيع في قائمة الزمالك قبل القمة 131 أمام الأهلي    «عبدالصادق» يوجه بإنشاء فرع ل«اللغات» داخل الجامعة الأهلية    «نهاياتهم مأساوية».. خالد الجندي يوضح حكم المجاهرة بالمعصية وتشجيع الفاحشة    هل يجوز تأجيل قضاء الصلوات الفائتة لليوم التالي؟.. أمينة الفتوى تجيب    فيضانات في السودان بسبب سد النهضة.. عباس شراقي: كميات تغرق مصر لولا السد العالي    نجل عبد الناصر: قرار تنحي والدي بعد نكسة 67 لم يكن تمثيلية (فيديو)    إعلام فلسطيني: مستوطنون يحطمون مركبات المواطنين في بلدة حوارة تحت حماية قوات الاحتلال    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    الصداع النصفي ينهي حياة بلوجر ب«جلطة دماغية نادرة».. انتبه ل12 علامة تحذيرية    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الاثنين 29سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطورات مكافحة الإرهاب في اليمن.. فرصة لاستمرار المراوحة أم لكسْب المواجهة؟
نشر في المصريون يوم 29 - 06 - 2010

فتحت التطوّرات الأخيرة التي شهدها اليمن في مسلسسل مكافحة الإرهاب، الذي يخوضه هذا البلد مع شركائه الإقليميين والدوليين ضد تنظيم "قاعدة الجهاد في اليمن وجزيرة العرب"، الباب للكثير من التساؤلات حول نجاعة الجهود المبذولة في هذا الشأن من جهة، وحول تأثير نتائجها على التطرف والمجتمع والدولة من جهة أخرى، وطرحت فُرصا متاحة أمام أطراف المواجهة، لإعادة كل طرف لتكتيكاته وإستراتيجياته بالطريقة التي قد تعزِّز حظوظه لكسب المواجهة أو للإستمرار في المراوحة.
فالمداهمات التي قامت بها قوات الأمن، بحثا عن مشتَبهين يُعتقد أنهم نفَّذوا الهجوم على مقرّ الأمن السياسي (المخابرات) في محافطة عدن جنوب البلاد، وتطوّرت إلى مواجهات بين رجال الأمن وسكان الحي ولم تحسم إلا بعد إغلاق الحي ومحاصرة المشتَبهين بالإنتماء لتنظيم القاعدة، جاءت بعد أيام قليلة من انتفاضة قبيلة عبيدة في محافظة مأرب الشرقية، للإنتقام لمقتل جابر الشبواني، نائب المحافظ الذي قضى هو وخمسة من مرافقيه في غارة جوية، يرجح أن طائرة أمريكية من دون طيار نفّذتها في مايو الماضي ضد عناصر يُشتبه بأنهم ينتمون إلى تنظيم "قاعدة الجهاد في اليمن وجزيرة العرب"، إلا أنها أخطأت هدفها وأدّت إلى استنفار قبيلة الضحايا، الذين أخطأتهم الضربة الجوية ضد كل ما ينتمي للدولة.
تطورات مرهونة
في الأثناء لا زالت التطورات المحتملة لهذه المشكلة، مرهونة بتنفيذ حُكم التحكيم القبلي الذي قرّرته القبيلة ضد الحكومة، وبالمثل، ما زالت تداعِيات القصف الجوّي المعروفة على المعجلة التي نفذت ضدّ أهداف محتملة للقاعدة وأسفرت عن سقوط 58 ضحية من قبيلة "آل كازم"، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ وستة فقط من المصنّفيين بأنهم من عناصر القاعدة. وقد انتفضت القبيلة هي الأخرى على إثر تلك الضربة، وما زالت تتوعّد بالانتقام لقتلاها.
قبيلة العوالق، كبرى القبائل اليمنية في محافظتّي أبين وشبوة، جنوب وشرق البلاد، والتي ينتمي إليها أنور العولقي، الأمريكي الجنسية والمطلوب حيا أو ميِّتا من قِبل واشنطن، للإشتباه في ضلوعه بالتخطيط لعمليات إرهابية، لم تتردد في إظهار قوة شوكتها فيما اعتبرته "محاولات المساس بأحد أبناء أهم شيوخها"، وفق ما أوردته في بيان سابق لها، وحذّرت فيه بأن نارها وبنادقها ستطال كل مَن يتعاون مع أمريكا، سواء بالكلمة أو بالوشاية، ضد إبنها أنور الذي نعتته ب "الشيخ البطل".
خطر القاعدة وتذمر شعبي
هذه التداعيات التي خلقتها المواجهات مع القاعدة خلال الأشهر القليلة الماضية، أعادت حصيلة جهود مكافحة الإرهاب في اليمن إلى واجهة المسألة، لاسيما بعد ظهور تنظيم القاعدة الذي تارة يدعو القبائل إلى عدم نصرة ما يسميه بالظالم أو بالوقوف على الحياد ومتوعدا ومهددا بزلزلة الأرض من تحت أقدام نظام الرئيس صالح، وتارة بتنفيذه للهجوم على مقر المخابرات اليمنية وفي قلب ثاني أكبر مدن البلاد، دون أن يواجه أي مقاومة تذكر.
وهو ما يعني أن خطر القاعدة ما زال قائما في الوقت الذي يتزايد فيه التذمر الشعبي، لاسيما وسط القبائل التي اكْتَوت بلظى الحرب ضدّ هذا التنظيم، ما قد يؤدّي إلى خلْق بيئة يستعيد فيها الإرهاب زِمام المبادرة، مستفيدا من أجواء يتعالى فيها التذمر الشعبي والإجتماعي العارم، خاصة وسط القبائل اليمنية التي لم تسلَم من نيران ملاحقة المتطرفِّين، الأمر الذي يطرح تحديّات أمام جهود مكافحة الإرهاب وفرصا واعدة تُجاه كل طرف للَمْلمَة أوراقه وتنظيمها بالشكل الذي يخدم أهدافه.
فشل تنظيم القاعدة
وحول ما إذا كانت التطورات المشار إليها سلفا، ستمكِّن تنظيم القاعدة من أن يجد له أرضية مواتية، يكسب من خلالها تعاطفا شعبيا عارما، لاسيما في الوسط القبلي على غِرار ما حصل في باكستان وأفغانستان، علّق الباحث اليمني المتخصّص في شؤون الجماعات الإسلامية، الأستاذ سعيد الجمحي في تصريحات ل swissinfo.ch أن "المشكلة التي عانى ويعاني منها تنظيم القاعدة في اليمن، هي عدم قدرته على أن يجد له أرضية أنصار وشعبية تكسبه تعاطفا جماهيريا في الأوساط القلبية أو غيرها".
ومع أن كل الدلائل، حسب الجمحي، تُشير إلى أنه فشل في تحقيق ذلك طوال الفترة الماضية، لكن على ما يبدو، يضيف المتحدث "فإن تصرفات الأجهزة الأمنية وطريقة ملاحقتها للمشتبهين وضربهم العشوائي، كما بدا في العمليات الأخيرة، من شأنه أن يُولِّد النقمة ضدّ الحكومة في الأوساط القبيلة ولدى الرأي العام، ومن ثمّ تتوحّد قاعدة أعدائها، لاسيما مع الأسلوب العشوائي الذي تقع فيه، ومع اضطراب منطقها في التعاطي مع تبرير الأخطاء التي وقعت فيها" ومنها، حسب الجمحي "أن الحكومة تلقفت بيانات منسوبة لقاعدة الجهاد في اليمن والجزيرة، نشرتها وبثتها في وسائل إعلامية رسمية، أعلن فيها التنظيم مسؤوليته عن مقتل جابر الشبواني وخمسة من مرافقيه، وبيان آخر يعلن مسؤولية القاعدة عن مقتل ضابط استخبارات، غير بعيد عن الحادثة السابقة، وكِلْتا العمليتيْن نفَت القاعدة لاحقا مسؤوليتها عنهما، الأمر الذي كشف عن مدى اضطراب حُجج السلطات في تفسيرها لما يجري وبشكل لم يكن مُقنِعا للقبائل، التي تتّهم السلطات باستهداف مناطقها أو بتقديم التسهيلات للأمريكان".
مثل تلك التبريرات غير المُقنعة، التي تُسَوِّقها الحكومة، ستُسهم دون شكّ، وِفْق ما يراه الجمحي، في توحيد جبهة القبائل مع القاعدة ضد السلطات في اليمن، ما لم تتدارك الحكومة الأمر، وتتعامل بشفافية ووضوح مع هذا الملف وتقدّم إجابات مُقنعة، خاصة لجهة تعاونها مع الأطراف الإقليمية والدولية في محاربة الإرهاب.
مؤشر ضعف أم تكتيك عالي الدقة؟
وعلى عكس ما ذهب إليه بعض المحلِّلين من أن هجوم القاعدة مؤشِّر على ارتباكها وضُعفها، يرى الجمحي فيه مَعنَييْن. الأول، إذا كان المهاجمون قد أخفقوا في إطلاق بعض المحتجزين، وِفق ما أوضحه الجانب الحكومي، فإن ذلك مؤشِّر على ضُعف وارتباك قاعدة الجهاد في اليمن، بل وأن العملية فشلت بل وستزيد من النّقمة الشعبية عليها لما تسبّبت فيه من قتل للأبرياء من نساء وأطفال.
أما المعنى الثاني، إذا تأكّد فعلا أن المهاجمين حرّروا محتجزين لدى الأمن السياسي، وِفق ما أكَّدته مصادر محلية على عين المكان، فمعنى ذلك أنهم يمتلِكون قدرات استخباراتية عالية واستطاعوا أن يحرِّروا عناصر مهمّة في التنظيم بعد ساعات قليلة من احتجاز أحدهم، وهذا الأمر في حدّ ذاته أهَم من العملية ذاتها، علاوة على أن الهجوم جاء بعد أن صرّحت وزارة الداخلية بأن المُطاردين في المحافظات الشرقية قد انتقلوا إلى محافظات أخرى، وذلك يُفترض أن يكون إلى المحافظات النائية، "لكن أن ينتقِلوا إلى قلب اليمن وفي محافظة عدن بالذات، المعروفة بأنها مدنية وتتواجد فيها قوات الجيش والأمن بكثافة، ويستطيعون الضرب في ظل هذه المُعطيات ثمّ يُحرِّرون رِفاقهم، فهذا تكتيك عالي الدقّة، وليس مؤشِّر ضُعف"، حسب ما يراه الباحث الجمحي.
نقمة قبلية وسخط شعبي
ومع تزايد النِّقمة في الوسط القبلي جرّاء أخطاء الضربات التي استهدفت مطلوبين على خلفية الإشتباه بأنهم من الإرهابيين، تثار العديد من التكهُّنات حول طُرق استغلال القاعدة للسّخط الشعبي، الناتج عن تلك الأخطاء التي استفزّت القبائل.
ويرى بعض المحلِّلين أن القاعدة قد نجحت في اختراق القبائل نفسها منذ أن اختارت المناطق المعروفة بتركيبتها القبلية الشديدة، مسرحا لنشاطاتها، وأنها قد استطاعت أن تجرّها إلى مربّعها، مستغلّة بيئتها المحافظة والنّقمة على أمريكا، فضلا عن تمكُّنها خلال الفترات الماضية من استقطاب الكثير من أبناء القبائل إلى صفوف ما يسمونهم ب "الجهاديين ضد التسلط وقوى الكِبر العالمي"، كما درجوا على وصف مواقِف الغرب تجاه القضايا العربية والإسلامية.
"القبيلة مع مَن يدفع لها أكثر"
من جهة أخرى، يرى آخرون أن القاعدة استطاعت أن تتغلْغل في الوسط القبلي، بفعل ما تقدمه من أموال لشيوخ القبائل من أجل شراء سكوتهم عن تواجدهم بين ظهرانيهم وفي مرابِعهم، خاصة في الفترات الماضية، الذي كان التنظيم يحصل على تمويلاته من مصادر مختلفة، أما الآن، وحسب ما يعتقده الجمحي: "فإن المال في استمالة الزعامات القبلية تراجع كثيرا، لأن الوضع المالي للقاعدة سيئ للغاية وهُم في حاجة إلى المال ولا يقدرون على تقديمه للآخرين، لأن الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، ضيَّقت الخِناق على مصادر التمويل".
هذا الرأي يلتقي مع تفسير دعوة الرجل الثاني في القاعدة سعيد الشهري (سعودي الجنسية)، والتي أطلقها في شهر سبتمبر 2009 لنجدة المجاهدين في اليمن بالمال من إخوانهم في السعودية، على أن قاعدة اليمن في حالة من الخصاصة المالية، وهو ما يقلِّل من حظوظ استمالة المتشدِّدين للقبائل إلى صفوفهم.
ويطرح هذا الوضع المالي المهزوز، حسب بعض المراقبين، فرصة ثمينة لسحب البساط من تحت أقدام القاعدة ويفتح بابا واسعا لتعامل الأطراف الأخرى مع المجاميع القبلية، التي أثبتت الكثير من الوقائع التاريخية، أن الإعتبارات العقائدية والأيديولوجية تتراجع أمام إغراء وسلطة المال. وحسب هذا التفسير، فالقبيلة مع مَن يدفع لها أكثر، مستدلِّين على ذلك بالتجارب التاريخية، خاصة خلال الحرب بين الجمهورية – الملكية التي اندلعت بُعيْد الإطاحة بنظام الإمامة عام 1962 واستمرّت حتى عام 1970 وقد كانوا، حسب الصورة النمطية التي رسمتها لهم أدبيات ومذكرات الحرب، والتي من ضمنها، إلى جانب كتابات ليمنيِّين ولضبّاط مصريين وأجانب شاركوا في معاركها أو عاشوا أحداثها: ينامون جمهوريين ويصبحون ملكيين، تبعا لمقدار المال الذي كان يحصلون عليه من أطراف الصراع وداعميه، بغية كسبهم إلى صفه.
وخلال تلك الفترة، كان المال السعودي حاسما في تقرير الأمور واستمر إلى يومنا هذا، عبْر ما يُعرف باللجنة الخاصة. ومن المتوقّع أن يلعب الدّور نفسه تحت مسمّى الشراكة في محاربة الإرهاب وتجفيف منابِعه عبْر إغراء الزعامات المحلية به. وهناك من ينظر إلى القرار الأخير، الذي اتّخذته المملكة وتناقلته وسائل إعلام يمنية الأسبوع الماضي، والقاضي بوقف اللجنة الخاصة رواتب بعض الزعماء القبليين بجريرة تعاونهم مع المتمرِّدين الحوثيين أو لتوفيرهم ملاذا آمنا لعناصر تنظيم القاعدة، بأنه خطوة تندرج ضِمن رؤية جديدة للتعامل مع ملف الإرهاب، جاءت في ضوء التطوّرات الأخيرة التي أحاطته، ومن وحي التجربة الأمريكية في تعاملها مع هذا الملف في العراق وباكستان، التي اتجهت إلى التعاون مع الرموز الاجتماعية والدِّينية المحلية ضدّ المُشتبهين بالإنتماء إلى القاعدة.
"حلف قبلي" لمحاربة القاعدة؟
ومن الواضح أن أولى بوادِر التوجّه إلى الاعتماد على السكان المحليين لمحاربة التطرّف، الإشارة التي صدرت من زعيم أكبر القبائل اليمنية "بكيل" الأسبوع الماضي، الشيخ عبد العزيز الشائف، الذي دعا إلى حِلفٍ قبَلي يجمَع القبائل اليمنية، لمحاربة القاعدة ووضع حدّ للعابثين بأمن اليمن وأمن السعودية على حدٍّ سواء.
ومعنى كل ذلك، أن الأمور بقدر ما تضيق وتشتدّ، تحمل معها فُرصها المُمكنة، على أن استغلال تلك الفرص يتوقّف على مدى قدرة كلّ طرف من أطراف اللُّعبة استخدام التكتيكات والإستراتيجيات، التي من شأنها أن تحقِّق له أكبر قدر من المكاسِب في مربّع النزال والمنافسة أو إبقاء الأمور على حالها من المراوحة.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.