عملاً بمنطق المثل الدارج "اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش"، أبدى اثنان من مشايخ الطرق الصوفية عدم تحمسهما إزاء ترشح الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر، مؤكدين أنه لا يوجد من يصلح لخلافة الرئيس حسني مبارك في هذا المنصب، لكن هناك من أبدى رأيا مغايرا داعيا إلى تحقيق التغيير في قيادة البلاد. فمن جانبه، أكد الشيخ علاء ماضي أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية وأحد المتنازعين على رئاسة مشيخة الطرق الصوفية أنه يؤيد استمرار الرئيس مبارك في الحكم لما بعد انتهاء فترة ولايته الحالية من منطلق: "اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش"، ولا يوجد شخص أفضل منه قادر على ملء الفراغ الذي سيخلفه، خاصة بعد أن فشلت أحزاب المعارضة في إبراز شخصية سياسية قادرة على خلافته وتفرغت فقط لمهاجمة الحكومة. ودلل أبو العزائم على حالة الضعف الراهنة على الساحة السياسية في مصر برؤساء وزعماء الأحزاب المعارضة الذين خاضوا أول انتخابات رئاسية تعددية في مصر عام 2005، حيث ترشح تسعة أشخاص مجهولين ليس لديهم تاريخ- على حد تعبير- متسائلا: ما هو تاريخ أيمن نور زعيم حزب "الغد" أو تاريخ نعمان جمعة رئيس حزب "الوفد" السابق، وماذا قدمت المعارضة وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين" لمصر؟. وفي الوقت الذي انتقد فيه هشاشة أحزاب المعارضة في مصر، أعرب أبو العزائم عن أمله في أن يأتي يوم يكون هناك حزبان سياسيان كبيران يتنافسان على الحكم في مصر مثلما الحال بالولايات المتحدة حيث يوجد الحزبان الجمهوري والديمقراطي، أو بريطانيا حيث هناك حزبا "العمال" والمحافظين"، حيث يضفي ذلك أجواء من السخونة الانتخابية تصب في النهاية لصالح الشعب واختيار المرشح الذي يحظى باختيار الأغلبية ليكون رئيسًا. وحث أبو العزائم، البرادعي الذي كشف عن رغبته في الترشح للرئاسة على الانضمام إلى أي من الأحزاب السياسية القائمة، أو أن يقوم بتأسيس حزب ينافس به الحزب "الوطني" ويخوض من خلاله الانتخابات الرئاسية إذا كان جادا في ترشحه للانتخابات المقررة العام المقبل أمام المرشح الذي سيختاره الحزب الحاكم. وتهرب أبو العزائم من الرد صراحة حول ما إذا كان يؤيد ترشيح جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب "الوطني" خلفا لوالده، قائلا إنه يؤيد أي شخص يسعى للإصلاح، متهما صحف وقوى المعارضة بالترويج لنجل الرئيس خلفا لولده من خلال الحديث الدائم والمستمر عن ملف توريث الحكم ونقل السلطة إلى جمال مبارك حتى أصبح التوريث واقعًا. واتفق معه في الرأي الشيخ علي زين العابدين السطوحي شيخ الطريقة السطوحية مؤيدا التمديد للرئيس مبارك، رافضا تأييد ترشح البرادعي ليكون خلفا له، بدعوى أنه ليس رجل سياسية وكان مجال عمله الطاقة النووية، فضلا عن أنه عاش خارج مصر لمدة 27 عاما، ولا يمتلك- من وجهة نظره- الخبرة السياسية بخلاف الرئيس مبارك الذي يتمتع بالخبرة السياسية، ويعد الشخص الوحيد المؤهل لمنصب رئيس الجمهورية. في المقابل، شن السطوحي هجوما على أحزاب المعارضة واصفا إياها بالأحزاب الديكورية، قائلا إنها لا تسعى إلا إلى تحقيق مصالحها الذاتية والشخصية بعيدا عن مصالح الجماهير، رافضا التعليق على سيناريو التوريث وخلافة جمال مبارك المحتملة لوالده، مبررا ذلك بقوله: "ما حدش ضامن عمره". على النقيض من سابقيه، أبدى الشيخ محمد عبد المجيد الشرنوبي شيخ الطريقة البرهمية رفضه لاستمرار الرئيس مبارك في السلطة لأكثر من ذلك، مؤيدا التغيير والتجديد الذي هو سنة الحياة، ومطالبا بتعديل المادة 76 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية وإلغاء القيود والشروط التي وضعتها حتى تتمكن شخصيات سياسية مرموقة مثل الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى غيرها من الترشيح على منصب رئاسة الجمهورية. وأشار إلى الركود والجمود السياسي الراهن في مصر إلا أنه يرفض استغلالها ذريعة في احتكار السلطة، وقال إنه يرفض أن يكون المنصب حكرا على شخص بعينه، لأنه من غير المعقول القول بأنه لا يوجد شخص في مصر لا يصلح لرئاسة الجمهورية من بين 80 مليون مواطن يعيشون على أرض مصر، لافتا إلى أحقية أي شخص يرغب في الترشح لرئاسة الجمهورية في إطار انتخابات حرة ونزيهة. وقال إنه يرى الكثير من الشخصيات السياسية القادرة على تقلد هذا المنصب المهم، متهما النظام الحاكم بأنه لا يعطي الفرصة لأي شخصية لها شعبية حقيقية للمنافسة في الانتخابات الرئاسية وسيسمح لشخصيات تكون مجرد ديكور خلال هذه الانتخابات.