سيادة القاضي حضرات السادة المستشارين إن هذا الشخص الماثل أمامكم والذي يفترض أن يكون متهما ليس له من ذنب أو جريرة سوى أنه رجل صدح بالحق وقبض على دينه في مجتمع ابتعد عن الإسلام إلى أقصى درجة فكان كالغريب بين أناس لم تعد سوى المصلحة والاستمتاع بملذات الحياة هما سبيلهما في الدنيا . إن هذا الرجل الذي قضى سنوات طويلة من حياته خلف القضبان برئ من كل تهمة نسبت إليه زورا وبهتانا فهو ضحية صراع بين باطل وحق كان وسيظل إلى يوم القيامة .. وإنني أناشد عدالتكم سرعة الإفراج عنه وإلزام وزارة الداخلية بعدم تجديد اعتقاله مرة أخرى . هذه الكلمات كان يحلم ناصر إسماعيل طالب كلية الحقوق الذي أكمل عقده الثالث منذ عامين داخل معتقلات وسجون مصر أن يرددها بعد تخرجه في الدفاع عن الفقراء والمساكين و عن هؤلاء الذين غيبوا ولسنوات طويلة دون أية تهمة ثبتت عليهم ... ولم يكن ليتخيل ناصر أن يكون هو نفسه ذات يوم مسلوب الحرية والإرادة و يبحث عن من يدافع عنه وعن حريته . استيقظ كعادته كل يوم قبل الفجر بساعة أو ساعتين ليتوضأ ويصلي ويستغفر الله على ما اقترفت يداه عسى أن يتقبله الله في الصالحين ثم استعد لصلاة الفجر في ذلك المسجد الملاصق لمنزله وما أن أذن المؤذن حتى كان ناصر من المهرولين للصلاة. عاد ناصر هادئ مطمئن فقد أدى صلاة الفجر التي بها تنشرح الصدور وتنفتح النفوس على الحياة الصالحة وما أن لامس جسد الشاب مضجعه حتى انقضت عليه عشرات الرجال المتشحين من رجال الأمن المركزي ومباحث أمن الدولة بعد أن اقتحموا عليه غرفته بكسرهم لبابها المطل على حديقة صغيرة خلف المنزل . وفي لحظات أصبح ناصر الحر الطليق الحالم سجينا تتلقفه رجال الداخلية لتنقله من مكان إلى مكان دون أن يدري إلى أين هو ذاهب أو لماذا جاءوا به . كل ما يذكره ناصر إسماعيل - مشروع المحامي الذي لم يكتمل - أن أحد الضباط قال له أنت متهم بأنك عضو بالجماعة الإسلامية التي تستخدم السلاح لإسقاط نظام الحكم كما يذكر أنه قال لهم أنه لم يفكر يوما أن يكون من الذين يحملون السلاح . اعتقل ناصر عام 1993وهو طالب بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق وقد حصل ناصر على الكثير من أحكام البراءة دون أن يحصل على حريته. ظل أهل ناصر الذين بلغوا من العمر عتيا يجرون خلفه من سجن إلى سجن ومن معتقل إلى آخر حتى أضناهم التعب ولم يعودوا قادرين على الهرولة خلفه لدرجة أنهم لم يعد باستطاعتهم زيارته .. فهل ترفق وزارة الداخلية وتفرج عن ناصر بعد أن قضى زهرة عمره وشبابه مغيبا في ظلمات السجن ؟ .