توقعت مجلة التايم الأمريكية أن يواجه الأنبا تواضروس مهمة صعبة بتوليه منصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية، وذلك بسبب الإرث الثقيل الذي تركه له البابا الراحل. وقالت أن الإرث الذي تركه البابا شنوده ينقسم لشقين: الأول هو أنه جعل من المستحيل تقريباً حصول الأقباط المتزوجين على حق الطلاق داخل الكنيسة، والثاني هو تحالف الكنيسة الإستراتيجي مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي قالت بأنه وضع البابا شنودة في مواقف محرجة بسبب أراؤه العامة المتكررة والمؤيدة لمبارك حتى في خضم الثورة المصرية التي أنهت حكم مبارك. وتابعت المجلة تقريرها قائلة أن الكنيسة المصرية تحت قيادة البابا شنودة عقدت صفقة شائعة في الشرق الأوسط تتحالف فيها الأقليات الدينية أو العرقية مع الحاكم الديكتاتور لحماية نفسها من الأغلبية المسلمة، مشيرة إلى أن مثل هذه الصفقات عفا عليها الزمن. وأضافت أن هذه الصفقات لم تعد قابلة للتطبيق الآن في مصر أو غيرها من دول المنطقة، حيث تم استبدال الطغاه العلمانيين أمثال مبارك، وأنه مع صعود رئيس إسلامي للسلطة وتولي لجنة ذات أغلبية إسلامية مهمة إعداد الدستور الجديد للبلاد، فإن أول التحديات التي ستواجه البابا الجديد ستكون إعادة تعريف العلاقة بين الكنيسة والدولة. وأكدت ان مهمة البابا تواضروس الثاني لن تكون سهلة، فحتى قبل إندلاع الثورة ظهر جيل من شباب الأقباط المسيس لم يعد يتوقع صدور أي مواقف قيادية أو شجاعة سياسية من الكنسية، وكانوا يرون أن سياسات البابا شنودة تصالحية بشكل مبالغ، حيث كرس كل جهده ليبقي الكنيسة في صف نظام مبارك بغض النظر عن ثمن ذلك. وأشار التقرير إلى أن الغموض النسبي المحيط بشخصية البابا تواضروس الثاني يثير العديد من التساؤلات حول سياساته وشخصيته السياسية. ونقل التقرير عن كيس هولسمان، عالم الإجتماع الهولندي والذي تخصص في دراسة الكنيسة القبطية لمدة 30 عاماً، قوله أن الناس لا يعرفون سوى القليل عن البابا الجديد حيث أنه لا يكاد يكون له أي حضور عام خارج محافظة البحيرة، مشيراً إلى أن مراقبي الكنيسة يعتقدون أن مثل هذه الشخصية البعيدة عن الأنظار هي بالضبط ما كان يريده زعماء الكنيسة القبطية في البابا الجديد. واعتبر التقرير أن كون عملية إختيار البابا قد تمت بشكل عشوائي من خلال صبي معصوب العينين لا يعني أنها لم تكن مسيسة جزئياً، مشيراً إلى أن قائمة المرشحين التي ضمت 17 اسماً تم خفضها إلى 5 أسماء عن طريق لجنة غير شفافة من قيادات الكنيسة. ويرى المحللون أن عملية التقديق الأولية تحمل دليلاً واضحاً على أن الكنيسة تعمدت التأثير على عملية إختيار البابا الجديد من خلال إختيار شخصيات غير جدلية وبعيدة عن الأضواء. ويقول هولسمان "كان هناك نوعاً معيناً من الأشخاص كانوا يريدونه بشكل واضح"، مشيراً إلى أن القائمة قبل النهائية كانت تحمل مرشحين بعيدين عن الأضواء لم يعرف عنهم إدلاءهم بتصريحات قوية حول القضايا الكبرى. واعتبر التقرير أن أحد ضحايا عملية التدقيق كان الأنبا بيشوي الذي كان ينظر إليه على نطاق واسع بإعتباره مرشح قوي لخلافة البابا شنودة، إلا أنه لم يتمكن من العبور للدور الثاني إلى جانب العديد من رجال الدين الأقباط الذين يحظون بقدر من الشهرة. وأشار إلى أن البابا الجديد حرص حتى الآن على الإدلاء بتصريحات "حميدة"، حيث تحدث للصحفيين عن رغبته في التركيز على قضايا الكنيسة الداخلية، أو على حد تعبيره، "تنظيم البيت من الداخل". وأضاف أن تصريحات تواضروس حول أهمية عودة الكنيسة لدورها الروحي، هي إشارة أخرى على رغبته في تخفيف تدخل الكنيسة في السياسة.