صرح السياسى الأمريكى اليهودى العجوز والمخضرم هنرى كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق وأحد دهاة السياسة فى العالم تصريحًا مفاده أن الحرب العالمية الثالثة سوف تندلع قريبًا فى الشرق الأوسط ودعا أمريكا لاحتلال ست دول نفطية بالشرق الأوسط هكذا بكل وضوح وصراحة ودون مواربة، وأخذت أعدد الدول النفطية بالشرق الأوسط فوجدتها كالتالى السعودية والإمارات وقطر والكويت والعراق وإيران وهى كلها بلدان عربية باستثناء إيران لكن إيران رغم خلافنا السياسى والمذهبى معها فهى دولة إسلامية، ويمكن أن نضيف للقائمة ليبيا باعتبارها دولة عربية نفطية ولكنها توجد بإفريقيا، هذا التصريح كان عبارة عن حوار أجراه كيسنجر مع صحيفة محلية أمريكية وتناقلته وكالات الأنباء ونشرته الصحف المصرية فى صدر صفحاتها وانتظرت بعد نشر المقال عدة أيام لعلى أجد تعليقًا أو تكذيبًا من الإدارة الأمريكية للخبر فلم أجد كما انتظرت تعليقًا أو ردًا من الدول المعنية أيضًا، فلم أجد كما انتظرت ردًا صحفيًا من المعلقين السياسيين الذين يصدعون رؤسنا ليل نهار فلم أجد، فهالنى الأمر وأخذت أفكر مليًا لماذا هذا الصمت الرهيب عن كلام كيسنجر وهو ليس شخصًا هينا حتى يمر كلامه مرور الكرام؟!. وبغض النظر عن هذا الصمت المريب من كافة الأطراف المعنية بالأمر من حيث صحته أو عدمه بما فيهم كيسنجر نفسه الذى كنت أنتظر منه تكذيبًا للصحيفة بتهمة تفسير كلامه خطأً، إلا أن الأمر يجب أن نتوقف أمامه مليًا لأنه يحمل فى مضمونه تصريحات خطيرة خصوصًا فى هذه المرحلة الحاسمة فى خضم اشتعال المنافسة بين الرئيس الأمريكى باراك أوباما المرشح الديمقراطى ومنافسه الجمهوري ميت رومنى الذى تؤكد استطلاعات الرأي أنه ينافس بشراسة وأنه ند قوي لأوباما. نعرف جيدًا أن أوباما يعارض الصقور فى أمريكا وإسرائيل ممن يؤيدون ضربة إسرائيلية لإيران تنهى حلم مشروع إيران النووي، الذى ترتعد فرائص إسرائيل خوفًا منه وتعلن منذ فترة عن نيتها توجيه ضربة جوية تقضى عليه لأنه سيعيد توازن القوى فى المنطقة نوويًا، فلن تكون الكفة الراجحة لصالح إسرائيل وسيفتح الباب أمام دول عربية أخرى للقدوم على نفس الحلم وهو ما صرحت به العديد من الدول فى المنطقة باعتباره حقًا مشروعًا يساهم فى التنمية وتوليد الكهرباء بتكلفة أقل. وهنرى كيسنجر أولاً وأخيرًا يهودي الهوى، صحيح أن كثيرًا من كبار رجال التفكير الإستراتيجي فى أمريكا يحذرون الإدارة الحالية من أفكاره كما فعل زابونسكى مستشار الأمن القومى الأسبق حين تولى أوباما الرئاسة لكن كيسنجر صاحب مدرسة وله اتباع كثيرون فى مراكز البحوث والفكر الإستراتيجي وهى مراكز مؤثرة وذات نفوذ فعال فى أمريكا على كافة المستويات الفكرية والإعلامية وهم الذين مهدوا للاحتلال الأمريكى للعراق ودعوا لقرن أمريكي جديد وكانت لهم الغلبة والسيطرة فى فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قليل الخبرة ومحدود العقل والفكر الذى ورط أمريكا فى حرب كلفتها أكثر من ثلاثة تريليونات دولار قضت تمامًا على الاقتصاد الأمريكي الذى يعانى من ركود شديد ولا تشير المؤشرات لتعافيه فى القريب العاجل وربما هذا ما يطمئنا إلى أن تصريح العجوز كيسنجر ليست سوى أمنية أو حجر يلقيه في مياه السياسة الأمريكية المتدفقة هذه الأيام فى ظل المنافسة الانتخابية للرئاسة فيداعب خيال الجمهوريين الذى يضم حزبهم عدد لاباس به من صقور الحرب من أنصار إسرائيل، ونحن نقول للعجوز هيهات لأمانيك أن تتحقق فالشعوب العربية والإسلامية امتلكت قرارها وتستطيع الدفاع عن أوطانها بدمائها، وأظن أن العقلاء فى أمريكا يعلمون تمامًا أن تصريحاتك هذه عن الحرب العالمية الثالثة ليست سوى أضغاث أحلام أو تخاريف شيخوخة لرجل يحاول أن تكون له موطئ قدم حتى لو بتصريحا عنترية واستفزازية. [email protected]