عبدالعزيز: تشابه كبير فى مضمون البرامج.. وعلم الدين: لازالت فى المقدمة.. والكلام عن «السوشيال ميديا» مجرد أوهام شهدت الخريطة الإعلامية فى مصر، مؤخرًا، حالة من التجديد والتبديل ما بين اختفاء أسماء لامعة فى سماء "التوك شو"، أو تغيير جلد البرنامج تمامًا، وتطليق السياسة بالثلاثة، حيث تحول البعض منها إلى الترفيه، والآخر ظل يبحث عن الإثارة، ما أصاب المشاهد والمتابع بارتباك، نظرًا لما طال الإعلام، خاصة برامج التوك شو من "غربلة"، وبسبب الكم الكبير من الأحداث والمواقف والتغيرات، فانصرف المشاهد عن تلك البرامج واتجه إلى "فيس بوك"، ليجد ضالته في الفضاء الأزرق، حتى مع الاستعانة بوجوه شعبية، كما هو الحال بالنسبة لتوفيق عكاشة، لكنه لم يحقق المطلوب أو المأمول من حيث نسبة المشاهدة، أو التأثير في الشارع كما كان الوضع قبل 30 يونيو2013. بينما كانت عودة الإعلامي محمود سعد بعد غياب عامين، من خلال برنامج "باب الخلق"، على قناة "النهار"، وعلى الرغم من أن رفض تصنيف البرنامج على أنه برنامج اجتماعي، لكن المواد الجادة فيه تكاد تكون نادرة، على عكس جرعة الثقافة والفن والاقتصاد، والدليل أن أولى الحلقات كانت مع الإعلامي جورج قرداحي، ورجل الأعمال أحمد حسنين هيكل، والفنان محمد فؤاد، إضافة إلى تقارير خارجية صورها محمود سعد بنفسه عن جامعة القاهرة، وقصر العيني، ومكتبة الإسكندرية. في حين اتجه عمرو أديب إلى الفن والقضايا المثيرة للجدل فيما يتعلق بالدين والفتوى، والرياضة، وابتعد كليًا عن القضايا الشائكة، من خلال إطلالته الجديدة، عبر قناة "mbc مصر"، ببرنامج "الحكاية". فيما انشغل وائل الإبراشى من خلال برنامجه على قناة "on " بالحوادث المثيرة والقضايا الجدلية البعيدة عن السياسة، وأصبحت الجرعة السياسية لا تذكر مقارنة بما كان عليه الحال فى برنامجه الشهير ال10 مساءً، الذى كان يذاع عبر شاشة "دريم". واختلف المحللون وخبراء الإعلام حول انصراف المتابعين عن برامج "التوك شو"، والاتجاه إلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها "فيس بوك". وقال الدكتور سامى عبدالعزيز، أستاذ الاتصال الشخصى بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن "السوشيال ميديا تتغلغل فى حياتنا، وأصبحت فى مقدمة مصادر شرائح كبيرو من المجتمع لا سيما الشباب، لسهولة الوصول وتنوع المصادر وتنوع الأساليب، ما يجعلها عناصر جذب وفخ فى الوقت نفسه". وأضاف: "وسائل الإعلام التقليدية سواء عن عمد أو غير قصد أعطت "السوشيال ميديا" قوة، باعتمادها عليها والرد عليها، على الرغم من أنه لا بد أن يكون الرد عليها من خلال "السوشيال ميديا" نفسها وليس بوسيلة إعلام تقليدية". مع ذلك، أكد أن "برامج التوك شو ما زالت هي المصدر الأساسى لذوي الأعمار الكبيرة ومتوسطى الدخل ومتوسطى التعليم، ولكن نتيجة تشابهها وتماثلها تتراجع مشاهدتها للغاية، فلم يعد هناك لأى برنامج هوية محددة أو شخصية ذاتية، والتغيير الذى حدث فى مضمونها فى الآونة الأخيرة أدى إلى تشابه نسبى بين البرامج، وانتقال المذيعين من قناة لأخرى أدى إلى ارتباك فى المشاهدة". واستدرك: "الأمر يتطلب وقتًا لكى يتعود المواطن مرة أخرى وتنتظم الصورة لديه، فالمشاهدة التليفزيونية نوع من العادة، حيث إن المواطنين يعتدون على مشاهدة برنامج معين على شاشة ما وعندما يحدث تغيير، لا بد من وقت لكى يستوعب ما حدث، والسبب الرئيسى وراء ذلك غياب أهم ضلع من أضلاع صناعة الإعلام وهو بحوث المشاهدة والتعرض لوسائل الإعلام". في حين رأى الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن "التوك شو ما زال محتفظًا بتأثيره بين الجمهور في مصر"، نافيًا انصراف المشاهدين إلى مواقع التواصل الاجتماعى. واعتبر الحديث عن تحول المصريين نو متابعة السوشيال ميديا "مجرد أحلام يرددها البعض لكى تكون السوشيال ميديا سلاحًا وواقعًا ضد المصريين، وللأسف الجميع يغيب عنه الوعى فى إصدار الأحكام على الإعلام، ولا بد من وجود دراسات علمية تفيد وتؤكد أى منهما نسب مشاهدته أعلى ورجع الصدى له أكثر، وقياسات للرأى العام، إذ أن "الانتشار لا يعنى التأثير". وتابع: "تظل برامج التوك شو لها تأثير عند المشاهد وغالبيتها جادة، ولن يحل "فيس بوك" محلها، لأنها قادرة على التطوير من ذاتها وأسلوبها، فهناك من يتابع عمرو عبدالحميد ونشأت الديهي، لكل منهما عنده طعم ومذاق وتوجه مختلف عن غيره، فعلى سبيل المثال وائل الإبراشى يختلف عن عمرو أديب وعن توفيق عكاشة وأحمد موسى، فلكل منهم له رؤية وتوجه وعنده آراء، ويجب احترامها جميعها دون إقصاء لأحد".