أحيانًا يكون المراقب البعيد عن الصورة أكثر قدرة على قراءة تفاصيلها.. وقد فوجئت بقدرة كاتب هذا المقال المهم جدًّا على تلخيص ما حدث واستشراف ما سيحدث وارتأيت أن في نشر ترجمته ما قد يفيد، ويجيب على الكثير من الأسئلة، ويفسر ألغازاً عديدة في الثورة المصرية. كاتب هذا المقال هو أستاذ جامعي أمريكي متقاعد اسمه نيكوس رستسوس من شيكاغو بالولاياتالمتحدةالأمريكية.. وهذه هي الترجمة شبه الكاملة لمقاله المنشور بتاريخ الخميس 24 مايو الماضي في جريدة "تلغراف" البريطانية الرصينة. يقول الكاتب: "شارك المصريون في الربيع العربي الذي تحوَّل إلى ثورة واعتقدوا أنهم انتصروا وفازوا بالثورة ! ، شعروا بنشوة الانتصار واحتفلوا ! ، ولكن فجأة اختفت الثورة ! مثل الألعاب السحرية ، في لحظة ترى الثورة ، وفي لحظة تختفي ! ، ماذا حدث ؟ حسنًا.. لقد تم اختطاف الثورة بناءً على طلب من الولاياتالمتحدة لاحتواء الأذى الذي لحق بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. فالرئيس السابق حسني مبارك رفض الاستقالة خلال المظاهرات الاحتجاجية الهائلة ضده ، وشعرت الولاياتالمتحدة بالخوف من وقوع انقلاب عسكري ، مثلما حدث عام 1952. ولمنع ذلك طلبت أمريكا من الجنرالات في مصر الإطاحة بمبارك. وظهر مبارك على شاشات التلفزيون غاضبًا ، وهو يتم اصطحابه إلى مِروحية "هليكوبتر" عسكرية ، ويوضع تحت الإقامة الجبرية في مقر إجازاته في سيناء ، ثم يذهب نائبه عمر سليمان إلى التلفزيون ليبلغ المصريين أن مبارك استقال، وهذا لم يحدث ، والمجلس العسكري طالب مبارك بأن يلتزم الصمت ، وإلا سيذهب إلى السجن لقضاء بقية عمره، وبالفعل صمت مبارك ، ثم جاءت المحاكمة الهزلية ومازال مبارك يعيش بدون أن يمسه أذى. ولكن لماذا قَبِلَ المجلس العسكري الأوامر من الولاياتالمتحدة؟: 1 - لأنه بدون إمدادات الأسلحة الأمريكية والتمويل وقطع الغيار سيصبح الجيش المصري عاريًا تمامًا. 2 - المساعدات الأمريكية ساعدت الجنرالات على السيطرة على أنواع متعددة من الصناعات التي يقدرها الخبراء بحوالي 20 % من الاقتصاد المصري. وهذا ما جعلهم أغنياء بسبب علاقاتهم وخدماتهم للولايات المتحدة. هل يستطيعون الاستمرار بدون الأسلحة والأموال الأمريكية؟، لا ، إنهم يمتلكون القليل من البترول والغاز الطبيعي، إنهم يعتمدون على الولاياتالمتحدة مثلهم مثل حكومة "قَرَضَاي" الأفغانية ، باستثناء أنهم ليس لديهم مشكلة تنظيم "طالبان". وعندما أصدرت الولاياتالمتحدة للجنرالات أوامر الإطاحة بمبارك، أطلقت أمريكا الخطط الأخرى لإعادة الاستقرار إلى مصر - كناية عن قمع الثورة والحفاظ على الوضع القائم- وفورًا وافق الكونجرس الأمريكي على ملايين الدولارات لتمويل المنظمات غير الحكومية، مثل المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي وفريدم هاوس ، وبالتوافق مع المنظمات غير الحكومية الأوروبية، بدأ إعداد المسرح لمحاصرة الثورة المصرية. وعندما بدأ بعض المصريين التساؤل عن أسباب عدم قيام المنظمات غير الحكومية الأجنبية بدعم الديمقراطية خلال 30 عامًا من حكم مبارك القمعي، ثم تدفقت هذه المنظمات على مصر بعد الثورة، قام الجنرالات بالقبض على سام لحود ابن وزير التجارة الأمريكي - في شبورة دُخَان - للادعاء أن الأجانب لن يشكلوا مستقبل مصر!!، ولكنهم سيفعلون. فبفضل الكثير من الأموال الأمريكية والمنظمات غير الحكومية وبدعم كامل من المجلس العسكري ، صعد أحمد شفيق رئيس وزراء مبارك السابق إلى القمة، أمريكا "قلبت" الثورة المصرية بالضبط ، مثلما ترمي بقطعة نقود في الهواء: الوجه الذي يحمل صورة مبارك أصبح في الأسفل ، والوجه الذي يحمل صورة شفيق في الأعلى. والهدف الأساسي والرئيسي هو منع مصر من التحول إلى دولة إسلامية مثل إيران. أما الهدف الثاني فهو اختطاف الثورة المصرية ، مثلما حدث مع الثورة الليبية عن طريق إجبار المجلس الانتقالي الليبي على تعيين محمود جبريل رئيسًا للوزراء وخليفة هيفتار قائدًا أعلى للجيش الليبي الجديد. وقد تم التخلص منهما بعد ذلك. في مصر لا يوجد قائد للثوار لإنقاذ الثورة. ورغم أن الشعب المصري يغلي ضد المجلس العسكري إلا أن الجنرالات سيسحقون الرؤوس تحت أحذيتهم بحجة الاستقرار. والخيار الأمريكي لرئاسة مصر هو أحمد شفيق. ومنذ سنوات قال السيناتور جون ماكين - خلال حرب صربيا/ كوسوفو: "الولاياتالمتحدة قوة عظمى.. لا يمكن أن نخسر". والآن أمريكا لا يمكن أن تخسر في مصر أيضًا ؛ فهي تُمسِك بخِناق العسكر، والعسكر يمسكون بخناق الثورة".(انتهى) ، وهذا هو الرابط، والعنوان الأصلي للمقال لمَن يود التأكد والاستزادة: EGYPT: AHMED SHAFIK، THE CIA'S MAN FOR PRESIDENT! وحفظ الله مصر وثورتها وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66