نكشف تفاصيل علاقة «سيد قطب» بإرساء مبادئ ثورة 1952 "الإخوان" و"عبدالناصر".. هل تحالفَ الطرفان ضد الملك بثورة «يوليو»؟! الناصريون في مواجهة «الإخوان».. وقائع حقيقية أم مغالطات تاريخية؟! ناصريون: علاقة عبدالناصر بجماعة الإخوان أكذوبة.. ولو كان إخوانيًّا لسيطر عليها بعد الرئاسة عمار علي حسن: 3 دلائل تؤكد انتماء ناصر للإخوان.. وواقعة المنشية سبب الانشقاق الكتاتني: سيد قطب كان عمادًا رئيسيًّا للثورة.. و5 أخطاء وقع فيها جعلته خِصمًا لناصر لا تزال علاقة مجلس قيادة ثورة 52 وعلى رأسها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بجماعة الإخوان المسلمين، محلَّ جدالٍ ونقاشٍ لكثيرٍ من المفكرين والساسة، وقد عاد هذا الجدال مرّة أخرى هذا العام على الساحة من خلال مسلسل "الجماعة" للكاتب الكبير وحيد حامد؛ ليطرح تساؤلات عديدة ومهمة لعلّ أبرزها، هل كان «سيد قطب» المحرك الأساسي لثورة يوليو 1952، ووضع المبادئ التي سار عليها الضباط الأحرار في ذلك الوقت للانقلاب على حكم الملك فاروق، والسيطرة على السلطة؟، وما العلاقة الخفيّة التي كانت تجمع قطب مع عبدالناصر، وهل كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عضوًا سابقًا بجماعة الإخوان وتحالف معها؛ لتحقيق مصالح مشتركة بين الطرفين؟!، أسئلةٌ كثيرةٌ لاحت في الأفق، بين تأكيدات على وجود علاقة قوية بين الطرفين المتمثلين في المنتمين للفكر الناصري والإخوان في هذه الحقبة من الزمن، في الوقت الذي ينفي فيه الناصريون هذا التحالف شكلًا وموضوعًا، بالمقابل يؤكد عدد من الخبراء في شئون العلاقات الإسلامية، وجود تحالف ناصري إخواني لتحقيق المصالح، ولكن قد افترقا نظرًا لعددٍ من الأسباب السياسية التي عجّلت بتنافرهما تحقيقًا لمبادئ وأهداف سعى إليها قيادات تلك التنظيمات. عبدالناصر والإخوان كشف مسلسل الجماعة، الستار الخفي حول علاقة جمال عبدالناصر بالإخوان؛ حيث أكد صناع المسلسل أن جمال عبدالناصر كان عضوًا بجماعة الإخوان المسلمين، وكان يحمل اسمًا حركيًا يدعى "زغلول"، ووفقًا للكتب التاريخية، فقد أكدوا وجود اتصال وثيق بين عدد من المجموعات المختلفة من الضباط الأحرار وجماعة الإخوان باعتبارهم أعضًاء بالجماعة وكان على رأسهم "خالد محيي الدين وجمال عبدالناصر وثروت عكاشة". واستندت هذه الكتب على وجود اشتراك بين الضباط والإخوان في حركات الانضباط ورفض الحزبية والإيمان بالغيبيات، بالإضافة إلى كون سيد قطب عنصرًا أساسيًا في وضع الخطة التي سار عليها الضباط خلال ثورة يوليو 1952، ولكن مع نهاية حرب فلسطين، انفصل الطرفان لعدم قدرة الإخوان على تحضير مشروع ثابت لمستقبل مصر أمام الضباط، حتى غادرها عبدالناصر في عام 1949، وظلت العلاقات بينهم متصلة ولكن غير منتظمة؛ حيث كان عبدالناصر يدعم أي توجهات سياسية داعمة للثورة على الملك، حتى ظل عبدالناصر متصلًا بالإخوان المسلمين بشكل رسمي، وتم الاتفاق معهم على الثورة بداية من عام 1950 وكسب دعمهم هو والفئات اليسارية والشيوعية في ذلك الوقت. وأكد على ذلك، عمار علي حسن، الكاتب والمفكر السياسي؛ حيث قال إن جمال عبدالناصر حلف اليمين للانتماء إلى جماعة الإخوان فعليًا أمام المرشد العام لجماعة الإخوان حينها "حسن البنا"، وكان على اتصال قوي معهم حتى ثورة يوليو، مشيرًا إلى أن الدليل على ذلك هو ما كتبه الإخوان نفسهم في مذكراتهم وما قاله حسين الشافعي أحد الضباط الأحرار، في شهادته على عصر عبدالناصر. وأضاف حسن ل"المصريون" أن عبدالناصر وضع ضمن أهدافه بعد قيام الثورة، القبض على قتلة حسن البنا، وهو ما حدث فعلاً وتلقى شكرَ كلٍ من الشيخ عبدالرحمن البنا، والد حسن البنا، وجمال البنا، شقيقه الأصغر، وكان ذلك عام 1953، قبل بداية الصدام بين الإخوان وعبدالناصر. وعن وضع المبادئ لثورة يوليو قال حسن، إن مسألة مشاركة سيد قطب في وضع أسس ومبادئ ثورة يوليو، أمر مؤكد؛ نظرًا لأن المنهج الذي كان يسير عليه الإخوان في ذلك الوقت هو المصلحة كما هو الحال منذ بداية نشأة الجماعة، ومن ضمن الدلائل التي تؤكد وضع قطب لهذه الأسس هو الاتفاق بين الطرفين على مواجهة المجتمع والسيطرة على المعارضين لهم في تلك الفترة، وترسيخًا للدكتاتورية التي كان يريد تنفيذها قطب في المجتمع لسيطرة الإخوان فيما بعد على موازين الأمور. وأكد عمار أن اختلاف أوجه النظر فيما بين الإخوان وعبدالناصر كان سببًا في بداية افتراقهما، مشيرًا إلى أن الانفصال بدأ في عام 1954، بعد حادثة المنشية الذي اعتقل على إثرها الرئيس جمال عبدالناصر حينها آلاف الشباب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وأعدم من بينهم 6 أشخاص لتورطهم في تلك الواقعة، ومن بعدها اعتبرت الإخوان أن الضباط الأحرار مجرد مجموعة عسكرية في الواجهة. 5 أخطاء لسيد قطب في يوليو وعن علاقة الإخوان المسلمين ممثلة في سيد قطب بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ووضعه أسس ومبادئ ثورة 23 يوليو، قال إسلام الكتاتني، الباحث في الحركات الإسلامية، والمنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، إن سيد قطب شارك فعليًا في وضع مبادئ وأسلوب الثورة مع الضباط الأحرار، وكانوا على اتفاق بأن يقوموا بالانقلاب على الحكم الملكي للملك فاروق، رغبة في إرساء مبادئ الديمقراطية وإلغاء البشاوية والإقطاع والمنهج الذي كان يسير عليه الحاكم في ذلك الوقت. وأضاف الكتاتني ل"المصريون"، أن هناك عددًا من الأخطاء التي وقعت فيها الإخوان، بهذا التحالف وهو الإيمان بأفكار الضباط الأحرار بشكل مطلق دون تفكير؛ حيث استخدمهم واستغلهم في تنفيذ الانقلاب على الملك، في إطار خطوة لحشد شعبي كبير نظرًا لكبر حجم اعضاء الجماعة في ذلك الوقت، وحينما انتهى دورهم تحجج جمال عبدالناصر بصفته رئيسًا للجمهورية في التخلص منهم بعد الثورة بحادثة المنشية الشهرية وأقدم على اعتقال كل المنتمين إلى الجماعة وإعدام بعضهم. وأوضح الكتاتني أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه قطب والإخوان، هو الرغبة في التخلص من الاحتلال البريطاني، لتنفيذ الحكم الإسلامي بشكل مطلق، وهو ما رفضه جمال عبدالناصر والقيادات العسكرية رغبة منهم في السيطرة على السلطة حينذاك، بالإضافة إلى نظرية المؤامرة التي كان يعيش فيها عبدالناصر بعد قيامه باعتقال "قطب" بزعم أنه يخطط لقلب نظام الحكم في عام 1965. وتابع خبير الشئون الإسلامية: "سيد قطب كان بالنسبة للضباط الأحرار مفكرًا وقامة كبيرة جدًا وكان عمادًا رئيسيًا للثورة في شهر يوليو، مشيرًا إلى أن سلوك قطب الصعب في توصيل أفكاره جعله يقع في أخطاء غير مقصودة نظرًا لعدم فهم قيادات الضباط الأحرار لهذا الفكر، وهي الأفكار التي كان يسير عليها قطب والممثلة في "الحاكمية والجاهلية والاستعلاء بالإيمان والعزلة والطلعية"، وهي المبادئ التي رفضها قيادات الضباط الأحرار وعبدالناصر فيما بعد. ناصريون: علاقتنا بالإخوان أكذوبة على الجانب الآخر، اعترض الناصريون على مسألة وجود اتصال وثيق بين جمال عبدالناصر وجماعة الإخوان المسلمين خلال ثورة يوليو، أو ما بعدها أو قبلها من أحداث، مؤكدين أن عبدالناصر لم يكن ولم يفكر يومًا في أن يكون عضوًا بالجماعة كما يزعم البعض من المؤرخين والكتّاب. من جانبه، قال هشام حبارير، عضو المكتب السياسى للحزب الناصري، إن العديد من المغالطات التاريخية التي وردت في بعض الكتب التي استندت عليها الأعمال الدرامية بالتأكيد على وجود تحالف ناصري إخواني في تلك الفترة بالأخص في مجلس قيادة ثورة يوليو 1952، وعلاقة سيد قطب بها، والمغالطة الكبرى بشأن انتماء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لجماعة الإخوان كعضو فيها، مشيرًا إلى أنه كان يجب على كاتب العمل الدرامي خاصة التاريخي، أن يقرأ كل الكتب والمراجع الخاصة بالتوقيت الذي يتم العمل عليه لعدم الخروج بمثل هذه المغالطات. وأضاف حبارير ل"المصريون"، أن علاقة سيد قطب بثورة يوليو غير صحيحة بالمرة، مشيرًا إلى أن الراحل محمد نجيب، رئيس الجمهورية الأسبق نفسه لم يكن يعلم بموعد قيامها أو الخروج بها، فكيف يقوم مجلس قيادة الثورة بالاجتماع بسيد قطب، للتخطيط للثورة، وهو لم يكن عضوًا من الأساس في المجلس أو تابعًا للجيش في ذلك الوقت. وأشار القيادي الناصري، إلى أنه لو كان فعليًا عبدالناصر عضوًا في جماعة الإخوان وقياديًا بها كما يزعمون، أو أشرك سيد قطب في الثورة، لكان من باب أولى أن ينتهز الفرصة عندما أصبح رئيسًا وسيطر على الجماعة سيطرة كاملة وتخلص من قياداتها، قبل وجود حالة العداء بينه وبين جماعة الإخوان. وفى سياق متصل، عبّر محمد سامي، رئيس حزب تيار الكرامة الناصري، عن صدمته من السياق الذي يسير عليه مسلسل الجماعة في إطار انتماء عبدالناصر للإخوان، أو مشاركة سيد قطب فى ثورة يوليو، مشيرًا إلى أنه لم يقرأ لأى من المؤرخين أو الكتاب الذين دونوا عن هذه الفترة أو الحقبة التاريخية عن كون قطب مدرسًا لأعضاء مجلس قيادة الثورة. وأضاف سامي ل"المصريون"، أن هناك حالة من الالتباس على الأمر في شئون علاقة جماعة الإخوان بمجلس قيادة الثورة، وما ينشر ويقومون بعرضه عبر شاشات التليفزيون يعد اجتهادات من الكاتب، وكان يجب أن يتشاور مع المؤرخين المعنيين بالأمر قبل كتابة العمل الدرامي وعرضه. بدوره، قال سامح عيد، الباحث في شئون التيارات الإسلامية والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إن سيد قطب شارك في إرساء مبادئ ثورة يوليو؛ حيث إنه لا توجد مراجع تؤكد علاقة قطب بالثورة قبلها ولكن هناك ما يؤكد العلاقة بعدها، حيث نصحهم بالعنف بشكل واضح، وقام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالأخذ بنصيحته . وأضاف عيد ل"المصريون" أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان عضوًا في الإخوان المسلمين، وقام بالمبايعة أمام الصباغ لنظام الوحدات؛ حيث كان تنظيم الإخوان داخل الجيش تحت مسمى نظام الوحدات، مشيرًا إلى أن العلاقة امتدت بعد الثورة بين عبدالناصر وقطب كأحد المثقفين الذي يقوم عبدالناصر باستشارته . وعما كان يمثله قطب للضباط الأحرار، قال عيد إن قطب لم يكن في تلك الفترة منتميًا للإخوان المسلمين بشكل حقيقي؛ حيث إنه في ذلك التوقيت كان ناقدًا أدبيًّا ثم بعد ذلك تحول إلى كاتب إسلامي فجأة، وتعامل معه عبدالناصر ككاتب فى الإسلاميات بشكل عام، مستقل عن تنظيم الإخوان، معين وداعم للثورة، خاصة أنه سوف يصنف ككاتب إسلامي ومدعم للثورة . وأشار عيد إلى أنه في أقل من شهرين من الثورة حدث شد وجذب بين عبدالناصر والإخوان؛ حيث أراد الإخوان اتخاذ القرارات وقيام عبدالناصر بتنفيذها والتزامه بالسمع والطاعة وقرارات مكتب الإرشاد، أما كانت الفرقة الحقيقية في مارس 53 وكانت بشكل صريح بالقيام بالمظاهرات وعزل محمد نجيب .