أثار رفض عدد من نواب التيار الإسلامى داخل مجلس الشعب من حزبى الحرية والعدالة والنور، خلال المناقشات التى دارت أمس الأول للحصول على قرض من البنك الدولى لتمويل مشروع البنية الأساسية للصرف الصحى، والبالغ قيمته 300 مليون دولار، جدلاً سياسيًا واقتصاديًا واسعًا، بعد أن استند النواب الرافضون إلى اعتبار القرض حرام شرعا لوجود شبهة الربا فى مضمونه. وهاجم الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، موقف البرلمان، وكتب على حسابه الشخصي على "تويتر"، مساء الأحد: "جدل في البرلمان حول اتساق قرض البنك الدولي الخاص بالصرف الصحي مع أحكام الشريعة الإسلامية في تحريم الربا، عن أي شريعة تتحدثون؟". ورفض الدكتور عبد الرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمين"، التعليق على المسألة الاقتصادية للقرض بدعوى أنه ليس مختصًا فى المسائل الاقتصادية حتى يفتى فيها, لكنه أكد أن القرآن الكريم حرم الربا نصًا فى آياته، مضيفًا: "لا البرادعى ولا غيره يستطيعون القول إن الربا حرام أو حلال", "والأمر متروك لأهل الاختصاص من الاقتصاديين والفقهاء". من جانبه، انتقد الخبير الاقتصادى رضا عيسى، مبررات رفض النواب للقرض من صندوق النقد الدولى، مشيرًا إلى أن مجلس الشعب ليس جهة اختصاص فى ذلك وأن من الأولوية أن يعلق الأزهر كجهة ومؤسسة دينية لها مرجعيتها، لافتًا إلى أن مجلس الشعب يتعدى اختصاصاته بهذا الشأن، وأن من باب أولى أن يتم الرفض بناءً على المصلحة الوطنية وليس للمصالح الشخصية التى هدفها إثبات الوجود فقط. وأوضح عيسى أن القرض فى حد ذاته يشوبه شبهة الإضرار بالبلاد مستقبلاً لسنوات قادمة، بخلاف ما سبق اقتراضه فى سنوات حكم مبارك والتى يستمر دفع أقساطها حتى عام 2039، فى الوقت الذى نبحث فيه عن مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وأشار إلى أن سياسة الاقتراض سياسة فاشلة وأن الدول لن تبنى نهضتها بالقروض، مطالبًا بأهمية حصر موارد الدولة وعمل خطة لترتيب الأولويات وتخفيض الإنفاق وضم جميع موارد الدولة لميزانية الدولة بما فها الصناديق الخاصة لتجنب مثل هذه القروض. فيما أبدى الدكتور حمدى عبد العظيم، عميد أكاديمية السادات الأسبق، ترحيبه بالقرض، مشيرًا إلى أن البلاد فى حاجة إلى ذلك القرض، لافتًا إلى أنه قرض تنموى يمول مشروعات أساسية فى الصرف الصحى والاعتراض عليه من النواب يرجع إلى سعر الفائدة، لكنه أشار إلى أن سعر الفائدة فى البنك الدولى تعادل أى فائدة أخرى ولا يوجد فيها شبهة استغلال أو ادعاء بالربا، لاسيما أنه البنك الأرخص على مستوى الاقتراض فى دفع الفوائد. ودعا إلى التراضى بين الجهات دون إكراه أو استغلال، مؤكدًا أن قرض البنك الدولى لا يهدف إلى الربح فى معاملاته وليس لمصلحة شخص معين، وأن هذه المشروعات لها عائد اجتماعى ولا توافق كل هذه الادعاءات بحرمانية القرض، مشيرًا إلى أن البديل لحل أزمة القروض ليس متوافرًا وأن ضرورة الاقتراض تقتضى أحكام الشريعة طبقًا للقول: "الضرورات تبيح المحظورات"، معتبرًا أن هذا القرض من الضرورات إذا سلمنا بأحكام الشريعة.