إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي في عيد العمال    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    وزير المالية: الخزانة تدعم مرتبات العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بنحو 3 مليارات جنيه    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    بحضور السيسي.. إطلاق 8 وحدات تدريب مهني متنقلة بقرى حياة كريمة| فيديووصور    الرئيس السيسى يشهد عبر الفيديو كونفرانس بعض مشروعات مبادرة "ابدأ"    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    وزير الإسكان: جار تنفيذ 64 برجاً سكنياً بها 3068 وحدةو310 فيلات بالتجمع العمراني "صوارى" بالإسكندرية    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    إصدار 40 مواصفة قياسية مصرية في مجال نوعية وإعادة استخدام وإدارة المياه    الإمام الأكبر ينعي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    رحلة التنازلات الإسرائيلية في المفاوضات.. هل سيتم التوصل لاتفاق هذه المرة؟    أوكرانيا: الضربات الروسية دمرت 50% من قطاع إنتاج الطاقة في أوكرانيا    غرق عشرات الإسرائيليين في البحر الميت وطائرات إنقاذ تبحث عن مفقودين    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريق محور أيالون بتل أبيب    محاضرة فنية أخيرة من جوميز للاعبي الزمالك استعداداً للقاء البنك الأهلي    الفشل الثالث.. رانجنيك يرفض عرض بايرن ويستمر مع النمسا    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    هل سيجدد تعاقده؟.. محمد صلاح يتصدر الإعلان عن قميص ليفربول للموسم المقبل    ماذا يحتاج ريال مدريد للتتويج بالدوري الإسباني؟    بسبب معاكسة فتاة.. نشوب مشاجرة بين طلاب داخل جامعة خاصة في أكتوبر    احذروا الطقس خلال الأيام القادمة.. ماذا سيحدث في الأسبوع الأخير من برمودة؟    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 25 طن دقيق    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل مخزن ملابس في العجوزة    "فى ظروف غامضة".. أب يذبح نجلته بعزبة التحرير بمركز ديروط بأسيوط    حركات استعراضية بالموتسيكلات.. ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر في القاهرة    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    بلاش الدلع الزيادة.. نصائح مهمة لتربية الطفل بطريقة صحيحة    عزة أبواليزيد: مهرجان بردية يسعى لاستقطاب الشباب لميادين الإبداع |صور    الإفتاء: الاحتفال بشم النسيم غير مخالف للشرع وتلوين البيض مباح شرعا    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    أحمد كمال ل«صدى البلد» عن مصطفى درويش: معطاء وكان وهيفضل حاضر معانا    الأحد.. «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع    تحرك برلماني بشأن الآثار الجانبية للقاح أسترازينيكا    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    نشاط الرئيس السيسي وأخبار الشأن المحلي يتصدران اهتمامات صحف القاهرة    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنبيه الغافلين بأهمية قضاء الدين (2)


الوقفة الرابعة
الترغيب في قضاء الديون
رغب الشرع المدينين في قضاء ديونهم ، وجعل من يبادر إلى ذلك من :
1- خيار الناس في الدنيا :-
عن أسلم القبطي أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استسلفَ من رجلٍ بِكرًا . فقدَمِتْ عليهِ إبلٌ من إبلِ الصدقةِ . فأمر أبا رافعٍ أن يَقضي الرجلُ بكرهٍ . فرجع إليهِ أبو رافعٍ فقال : لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًّا . فقال : أعطِه إياهُ . إنَّ خيارَ الناسِ أحسنُهم قضاءً } ( رواه مسلم )
قال النووي – رحمه الله – في شرحه لصحيح مسلم : { أما البكر من الإبل : فبفتح الباء وهو الصغير كالغلام من الآدميين ، والأنثى بكرة وقلوص ، وهي الصغيرة كالجارية ، فإذا استكمل ست سنين ودخل في السابعة ، وألقى رباعية بتخفيف الياء فهو رباع ، والأنثى رباعية ، بتخفيف الياء ، وأعطاه رباعيا بتخفيفها .
وقوله صلى الله عليه وسلم : خياركم محاسنكم قضاء قالوا : معناه ذوو المحاسن ، سماهم بالصفة ، قال القاضي : وقيل : هو جمع محسن بفتح الميم وأكثر ما يجيء : أحاسنكم جمع أحسن .
وفي هذا الحديث : جواز الاقتراض والاستدانة ، وإنما اقترض النبي صلى الله عليه وسلم للحاجة ، وكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من المغرم ، وهو الدين .
وفيه : جواز اقتراض الحيوان . وفيه ثلاثة مذاهب :
الشافعي ومالك وجماهير العلماء من السلف والخلف : أنه يجوز قرض جميع الحيوان إلا الجارية لمن يملك وطأها ، فإنه لا يجوز ، ويجوز إقراضها لمن لا يملك وطأها كمحارمها والمرأة والخنثى .
والمذهب الثاني : مذهب المزني وابن جرير وداود أنه يجوز قرض الجارية وسائر الحيوان لكل واحد .
والثالث : مذهب أبي حنيفة والكوفيين أنه لا يجوز قرض شيء من الحيوان .
وهذه الأحاديث ترد عليهم ولا تقبل دعواهم النسخ بغير دليل .
وفي هذه الأحاديث جواز السلم في الحيوان ، وحكمه حكم القرض . وفيها : أنه يستحب لمن عليه دين من قرض وغيره أن يرد أجود من الذي عليه ، وهذا من السنة ومكارم الأخلاق ، وليس هو من قرض جر منفعة فإنه منهي عنه ; لأن المنهي عنه ما كان مشروطا في عقد القرض ، ومذهبنا أنه يستحب الزيادة في الأداء عما عليه . ويجوز للمقرض أخذها سواء زاد في الصفة أو في العدد بأن أقرضه عشرة فأعطاه أحد عشر ، ومذهب مالك : أن الزيادة في العدد منهي عنها ، وحجة أصحابنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم : خيركم أحسنكم قضاء .
قوله : ( فقدمت عليه إبل الصدقة ) إلى آخره هذا مما يستشكل فيقال : فكيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم مع أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرعه منها ؟ والجواب أنه صلى الله عليه وسلم اقترض لنفسه ، فلما جاءت إبل الصدقة اشترى منها بعيرا رباعيا ممن استحقه ، فملكه النبي صلى الله عليه وسلم بثمنه ، وأوفاه متبرعا بالزيادة من ماله ، ويدل على ما ذكرناه رواية أبي هريرة التي قدمناها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اشتروا له سنا ) فهذا هو الجواب المعتمد . وقد قيل فيه أجوبة غيره ، منها : أن المقترض كان بعض المحتاجين اقترض لنفسه فأعطاه من الصدقة حين جاءت وأمره بالقضاء .} أه .
2- خيار عباد الله يوم القيامة :-
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ دَيْناً كَانَ عَلَيْهِ ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ، حَتَّى قَالَ لَهُ : أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِي ، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا : وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ ؟ قَالَ : إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " هَلاَّ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ ؟ " ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا : " إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ " فَقَالَتْ : نَعَمْ ، بِأَبِي أَنْتَ وأمي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَأَقْرَضَتْهُ ، فَقَضَى? الأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ ، فَقَالَ : أَوْفَيْتَ أَوْفَى? اللَّهُ لَكَ ، فَقَالَ : " أُوْل?ئِكَ خِيَارُ النَّاسُ ، إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ " [ أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني ] .
كما جعل الشرع قضاء الدين :
3- سبب لتفريج الكربات :-
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : " انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبِيتُ إلَى غَارٍ ، فَدَخَلُوا فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ ، فَقَالُوا : إنَّهُ لاَ يُنَجِّيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ ، إلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ ، فذكر قصة البار لوالديه ( ففرج لهم فرجة ) ، ثم قصة الرجل مع ابنة عمه ( ففرج لهم فرجة ) ثم ذكر قول الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ ، وَأَعْطَيْتُهُمْ أُجْرَتَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ ، حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ ، فقَالَ لِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إلَيَّ أَجْرِي ؟ فَقُلْتُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِىءُ بِي ؟ فَقُلْتُ : إنِّي لاَ أَسْتَهْزِىءُ بِكَ ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَسَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئاً : اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ } ( متفق عليه )
4- سبب لرحمة الله :-
عن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال : قال رسول الله : { رحم الله رجلاً ،سمحاً إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى } ( رواه البخارى )
و جعل البراءة من الدين :
5- سبب من أسباب دخول الجنة :-
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من فارقَ الرُّوحُ الجسدَ وَهوَ بريءٌ من ثلاثٍ، دخلَ الجنَّةَ : منَ الْكبرِ، والغُلولِ، والدَّينِ } ( رواه إبن ماجه وصححه الألبانى .

الوقفة الخامسة
الترهيب من الديون وعدم قضائها
وبالرغم من جواز الإقتراض ، إلا أن الشرع قد رهب منه ، ومن عدم قضائه بذكر بعض مثالبه ومنها :
1- الدين مذلة :-
قال الشيخ محمد المنجد في محاضرته " ذم الدين وعاقبة الاستدانة " والمنشورة على موقع " إسلام ويب " : { والدين مذلة - أيها الإخوة - من عدة جهات : فإنه يضطر المستدين كثيراً للوقع في آفات عظيمة ومنها : الكذب إذا حدث ، ومنها : خلف الوعد إذا وعد ، ومنها : الحلف إذا اقسم للدائن على أن يرد إليه الدين في أجل معين ، ثم أخلف وعده ، فحنث في يمينه ، وأقسم فعليه الكفارة ، وقد يضطره إلى دخول السجن ، فتسوء سمعته وسمعة أولاده وأهله بين الناس ، ويحرج فيضطر إلى الكذب وربما علم أولاده الكذب ، فإذا جاء الدائن إلى بيت المدين فطرق الباب أو اتصل بالهاتف ، فيلجأ بعض المستدينين إلى الكذب فيقول : لولده ، قل له إنه غير موجود ، ثم يضطر للتخفي ، ويتحرج من مواجهة الناس الذين يطالبونه ، فيتوارى عن الأنظار والمجالس ، ويحرم المعيشة الطبيعية ، ومعاشرة الخلق ، ولذلك يقول عليه السلام ، في الحديث الصحيح : (لا تخيفوا أنفسكم بالدين) .ثم انظر إلى تلك الصفة الشنيعة من صفات النفاق العملي : وإذا وعد أخلف كما تتكرر اليوم من المستدينين؟ كم مرة يخلفون؟ وما لإثم النفاق العملي العظيم وآثاره على قلوبهم ، وقد يضطر المستدين للوقوع في الربا ، فيقترض من مرابٍ ليسدد لمن يطالبه ، أو يطلب محاكمته ، وربما استدان من مرابٍ ليوفي مرابياً آخر، والدين يزداد ، والحرام يعظم حتى يهلكه في الدنيا والآخرة . وإياكم ثم إياكم يا معشر المستدينين ! أن تلجئوا إلى البنوك الربوية للاقتراض منها ، فإن من فعل منكم ذلك ، فقد وقع في لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مهما كانت الحاجة لا تلجأ إلى البنك الحرام المحرم ، لكي تقترض منه ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لعن في الحديث الصحيح آكل الربا وموكله ، لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم معطي الربا ولعن آخذ الربا ، وهذه الآفات العظيمة في الدين ، تجعل بعض المستدينين قد يخرج من دينه بسبب الدين ، ولهذا يقول بعض السلف : لأن تلقى الله وعليك دَيْن ولك دِين ، خيرٌ لك من أن تلقاه وقد قضيت دينك وذهب دِينُك . وهو مذلة ؛ لأن فيه شغل القلب والبال والتذلل للغريم عند لقائه ، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه وربما مات فصار مرتهناً بدينه ( نسمة المؤمن معلقة بدينه ) وقد يجعل المستدين ذليلاً من جهة أنه يحس في قرارة نفسه أنه صاحب حاجة ، وأنه محتاج إلى غيره ، وقد يجر على نفسه تسلط غيره عليه إذا كان الدائن لا يراعي حقوق الأخوة ، فيبدأ الدائن بالتدخل في شئون المدين الداخلية الخاصة ، فيتكلم من منطلق الدين الذي له عند صاحبه ، مما يؤذي المدين في أهله وشخصه ، وقد يتدخل الدائن في تجارة المدين ، ويقول له : بع كذا، ولا تشتر كذا ، والمدين المسكين يحرج ولا يستطيع أن يخالف حتى وجهة نظر الدائن . وهو مذلة أيضا ً؛ لأنه سيسمع من الدائن كلاماً قاسياً بشعاً في حقه لا يليق ، ولكنه يضطر إلى السكوت على مضض ولا يجد ولا جواباً ولا يستطيع رداً . } أه .
2- الدين خوف للنفس بعد أمنها :-
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تُخِيفوا أنفسَكم بعد أمْنِها . قالوا : وما ذاك يا رسولَ اللهِ ؟ قال : الدَّيْنُ .} ( أخرجه المنذرى في الترغيب والترهيب وصححه الألبانى )
3- الكذب وخلف الوعد :-
عن عائشة رضى الله عنها : أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يدعو في الصلاةِ { اللهمَّ ! إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ . وأعوذُ بك من فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ . وأعوذُ بك من فتنةِ المحيا والمماتِ . وأعوذُ بك من المأثمِ والمغرمِ ، قالت : فقال له قائلٌ : ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرمِ يا رسولَ اللهِ ! فقال " إنَّ الرجلَ إذا غرِم ، حدَّث فكذَب . ووعد فأخلَفَ } ( رواه مسلم )
4- إستعاذته من الدين :-
عن عائشة رضى الله عنها : أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يدعو في الصلاةِ { اللهمَّ ! إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ . وأعوذُ بك من فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ . وأعوذُ بك من فتنةِ المحيا والمماتِ . وأعوذُ بك من المأثمِ والمغرمِ ، قالت : فقال له قائلٌ : ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرمِ يا رسولَ اللهِ ! فقال " إنَّ الرجلَ إذا غرِم ، حدَّث فكذَب . ووعد فأخلَفَ } ( رواه مسلم )
5- عدم صلاته على المدين :-
في بداية عصر الإسلام ، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُصلي على من مات وعليه دين ، جزاءً لتهاونه ، وحفظاً لمال غيره ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : { كَانَ يُؤْتَى? بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، فَيَسْأَلُ : هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ ؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى? عَلَيْهِ ، وَإِلاَّ قَالَ : صَلُّوا عَلَى? صَاحِبِكُمْ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ : أَنَا أَوْلَى? بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ } ( متفق عليه )
6- تعذيبه في قبره :-
عن جابر رضي الله عنه قال : { توُفِّي رجلٌ فغسَّلْناه وحنَّطناه وكفنَّاه ثم أتينا به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُصلِّي عليه فقلنا تُصلِّي عليه ، فخطا خُطًى ثم قال أعليه دَينٌ قلنا دينارانِ فانصرف فتحمَّلها أبو قَتادةَ فأتيناه فقال أبو قَتادةَ الدينارانِ عليَّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أُحِقَّ الغريمُ وبرئَ منهما الميِّتُ قال نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك بيومٍ ما فعل الدينارانِ ، فقال إنما مات أمسِ فقال فعاد إليه من الغدِ فقال قد قضيتُهما فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الآن برَدَتْ جلدتُه } وفى رواية : الآنَ بَرَّدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَهُ " ( أخرجه أحمد وحسنه الألبانى )
فهذا الحديث يدل على أن من مات وعليه دين ، فإن نفسه تبقى معلقة بدينه ، ويشعر بالعذاب الجسدي والنفسي حتى يؤدى عنه دينه ، فيبقى في هذا العذاب حتى يُقضى عنه دينه .
7- حبس المدين عن دخول الجنة :-
فعلى المسلم أن يبادر إلى قضاء دينه في الدنيا ، وعلى ورثته المسارعة إلى ذلك حتى لا يحبس عن دخول الجنة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { نفس المؤمن معلقة ، ما كان عليه دين } ( أخرجه الترمذى وصححه الألبانى )
قال المباركفورى – رحمه الله – في " تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذى " : { قوله : ( نفس المؤمن معلقة ) قال السيوطي أي : محبوسة عن مقامها الكريم ، وقال العراقي أي : أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ، ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا . انتهى ، وسواء ترك الميت وفاء أم لا كما صرح به جمهور أصحابنا ، وشذ الماوردي فقال : إن الحديث محمول على من يخلف وفاء ، كذا في قوت المغتذي ، وقال الشوكاني في النيل : فيه الحث للورثة على قضاء دين الميت ، والإخبار لهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه } أه .
وبالرغم مما للشهيد من خصال حميدة ، ذكرها المِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ ، عن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال : { للشَّهيدِ عِندَ اللَّهِ ستُّ خصالٍ : يُغفَرُ لَه في أوَّلِ دَفعةٍ ، ويَرى مقعدَه منَ الجنَّةِ ، ويُجارُ مِن عذابِ القبرِ ، ويأمنُ منَ الفَزعِ الأكبرِ ، ويُوضعُ علَى رأسِه تاجُ الوقارِ الياقوتةُ مِنها خيرٌ منَ الدُّنيا وما فِيها ، ويزوَّجُ اثنتَينِ وسبعينَ زَوجةً منَ الحورِ العينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ مِن أقاربِه } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) ويغفر له بشهادته كل ذنب ، إلا أنه سيسأل عن الدين ، فعَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ ، إلاَّ الدَّيْنَ } ( أخرجه مسلم ) .
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَاعِداً حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ قِبَلَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ خَفَضَ بَصَرَهُ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَقَالَ : { سُبحان اللهِ ! سُبحان اللهِ ما أُنْزِلَ من التَّشديدِ ! . قال : ففرَقْنا وسكَتْنا ، حتَّى إذا كان الغَدُ ؛ سأَلتُ رسولَ اللهِ فقُلنا : ما التَّشديدُ الَّذي نُزِّلَ ؟ قال : في الدَّيْنِ ، والَّذي نفسي بيدِه لَو قُتِلَ رجلٌ في سبيلِ اللهِ ثمَّ عاشَ ، ثمَّ قُتِلَ ثمَّ عاشَ ، ثمَّ قُتِلَ وعليهِ دَيْنٌ ما دخل الجنَّةَ حتَّى يَقضيَ دَيْنَه .} ( أخرجه النسائى وحسنه الألبانى )
7- عدم تكفير ذنوب المدين :-
ولعظم دين المؤمن ، وكثرة آثاره السيئة ، نظر الإسلام لذلك نظرة عظيمة ، حتى استثناه الله عز وجل من قاعدة المكفرات ، وأصول الماحيات ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { خطبنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم ، فقال : هاهنا أَحَدٌ ، من بني فلانٍ ؟ فلم يجبْهُ أحدٌ ، ثمَّ قال : هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ ؟ فلم يجبْهُ أحدٌ ، ثمَّ قال : هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ ؟ فقامَ رجلٌ ، فقال : أنا يا رسولَ اللَّه ، فقالَ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم : ما منعَكَ أن تُجيبَني في المرَّتينِ الأولَيين ؟ إنِّي لم أنوِّه بِكم إلَّا خيرًا ، إنَّ صاحبَكُم مأسورٌ بدَينِه ، فلقد رأيتُهُ أدَّى عنْهُ حتَّى ما بقيَ أحدٌ يطلبُهُ بشيءٍ } ( أخرجه أبو داود ، والنسائي ، والحاكم إلا أنه قال : { إنَّ صَاحِبَكُمْ حُبِسَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ }.
زَادَ فِي رِوَايَةٍ : { فَإنْ شِئْتُمْ فَافْدُوهُ ، وَإنْ شِئْتُمْ فَأَسْلِمُوهُ إلَى عَذَابِ اللَّهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : عَلَيَّ دَيْنُهُ ، فَقَضَاهُ } ( قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين وصححه الألباني رحمه الله تعالى ) . وزاد الإمام أحمد : قال : { لقد رأيت أهله ومن يتحزن له قضوا عنه حتى ما جاء أحد يطلبه بشيء } .
قال الشيخ أحمد حطيبة – حفظه الله – في شرحه للترغيب والترهيب : { يعني : كأن فلان هذا ميت ، فلما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يسأل هل أحد من أهله موجود ؟ خاف الرجل أن تكون هناك مصيبة على هذا الإنسان أو شيء آخر، وفعلاً كان هناك شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أُنوه بكم إلا خيراً ، إن صاحبكم مأسور بدينه ) ، كان عليه دين فحبس به ، ( قال : فلقد رأيته أدى عنه حتى ما أحد يطلبه بشيء ).
وفي رواية أخرى قال : ( إن صاحبكم حبس على باب الجنة بدين كان عليه ) يعني : هذا الرجل كان يستحق دخول الجنة ولكن الدين منعه من دخوله الجنة.
وفي رواية أخرى : ( فإن شئتم فافدوه ، وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله ) ، أي : إن شئتم فافدوا هذا الإنسان الذي يستحق الجنة ، ( وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله فقاموا ودفعوا ما كان عليه من دين ).
والله سبحانه رحم هذا الإنسان بأن أعلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذلك ، فيا ترى كيف سيعلم أحد منا بهذا الشيء؟! فيموت الإنسان وعليه دين وأهله لا يدفعون ما عليه من الدين ، ويقولون : مات وليس لنا دخل في دينه ، ويتقاسمون المواريث والديون ولا أحد يسأل عن دين هذا الإنسان ، وكم رأينا من ذلك ! فتجد إنساناً يموت وهو مليونير وعليه ديون للناس ، فقد كان يتاجر للناس في أموال فأخذ أموالهم ، فلما يموت هذا الإنسان يجيء أصحاب الديون يطلبون أموالهم فيماطلهم الورثة ، والورثة يتنازعون في الميراث وليس مهماً دين هذا الإنسان ، والمهم أن يصل إليهم إرثه ، لذلك لا يحافظ على أداء الدين إلا صاحب الدين الذي يخاف من الله سبحانه وتعالى ، وأما أن يبقى عليك دين وتنتظر من أهلك بعد وفاتك أن يقضوه فالغالب أنه لا يحدث هذا الشيء ، ولا ينظر أحد في ذلك ، ويجدون من رفقاء وأصدقاء وجيران السوء من يقول لهم : لا تدفع عنه دينه فعنده عيال لما يكبروا سيسددون عنه هذا الدين ، وهو يحبس عن الجنة ويعذب في النار مدة ذلك . } أه .
8- أقوال السلف في الترهيب من الدَّيون :-
روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال : { رآني عمر وأنا متقنع ، - أخفي وجهي بالقناع – فقال : يا أبا خالد إن لقمان كان يقول : القناع بالليل ريبة وبالنهار مذلة ، فقلت: إن لقمان لم يكن عليه دين } أه . فهذا الرجل كان عليه دين ، فلذلك كان يخفي وجهه .
وقال عياض بن عبد الله : الدَّين راية الله في أرضه ، فإذا أراد أن يذل عبداً جعلها طوقاً في عنقه . ومن أمثال العرب : لا هم إلا هم الدَّين ، ولا وجع إلا وجع العين .
ويروى عن عمر أنه قال : { إياكم والدَّين ، فإن أوله هم وآخره حرب } . وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : { الدين وكر طالما حمله الكرام } .ومن أمثال العرب مما كان يقال : الدَّين رق استعباد ، فلينظر أحدكم أين يضع رقه ، ولمن يسلم نفسه ، وساير بعض الوجهاء رجلاً وهو يحادثه ، ففجأة قطع حديثه واصفر لونه ، فقال الرجل لهذا الوجيه : ما هذا الذي رأيت منك ؟ قال : رأيت غريماً لي ، فهذا من أثر الدَّين ، ونفس بعض المدينين عن نفسه في هذين البيتين : ألا ليت النهار يعود ليلاً فإن الصبح يأتي بالهموم
حوائج ما نطيق لها قضاءً ولا دفعاً وروعات الغريم
الغريم : صاحب الدين ، يروع : يخيف .
وقال بعضهم نثرا ً: الدين هم بالليل وذل بالنهار . يتمنى هذا القائل الشاعر أن يعود الزمن إلى الوراء حتى لا يأتي غداً ، لأنه إذا جاء الغد فإنه سيضطر إلى مواجهة الغريم .

الوقفة السادسة
أنواع المدينين
والمدينون ليسوا سواء ، فمنهم الموسر ، ومنهم المعسر ، ومنهم المماطل ، ولكل منهم حكمه وأحكامه :
أولا : المدين الموسر:-
تعريفه :-
جاء في معجم المعانى : { مدين موسر : مدين مليء وقادر على سداد ديونه في حينها } ، ولحث الموسرين على سرعة قضاء ديونهم فقد خصهم الشرع ببعض الخصائص منها :
أ- معية الله للدائن :-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : { إِنَّ اللهَ مع الدَّائِنِ حتى يَقْضِيَ دَيْنَهُ ما لمْ يكنْ فيما يكرهُهُ اللهُ . قال : وكان عبدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ يقولُ لِخَازِنِهِ : اذْهَبْ فَخُذْ لي بِدَيْن ؛ فإني أَكْرَهُ أنْ أبيتَ ليلةً إلَّا واللهُ مَعِي ؛ بعدَ إذ سمعْتُهُ من رسولِ اللهِ . } ( رواه المنذرى في الترغيب والترهيب وصححه الألبانى )
ب – أداء الله عنه :-
عن رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما من أحدٍ يدَّان دينًا يعلم اللهُ منه أنه يريد قضاءه إلا أدَّاه اللهُ عنه في الدنيا } ( رواه النسائي وابن ماجة وابن حبان ، وصححه الألباني )
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : {مَن أخَذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها أدّى اللهُ عنه ، ومَن أخَذَها يُريدُ إتلافَها أتْلَفَهُ الله } ( أخرجه البخاري ) .
ومن القصص العجيبة الدالة على ذلك ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَقَالَ : ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ ، فَقَالَ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ، قَالَ : فَائْتِنِي بِالْكَفِيلِ ، قَالَ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً ، قَالَ : صَدَقْتَ ، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَباً يَرْكَبُهُ ، وَيَقْدُمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَباً ، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا ، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إلَى صَاحِبِهَا ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ، ثُمَّ أَتَى بِهَا الْبَحْرَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي تَسَلَّفْتُ فُلاَناً أَلْفَ دِينَارٍ ، فَسَأَلَنِي كَفِيلاً فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً ، فَرَضِيَ بِكَ ، فَسَأَلَنِي شَهِيداً ، فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ، فَرَضِيَ بِكَ ، وَإنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَباً أَبْعَثُ إلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ ، وَإنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ ، حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَباً يَخْرُجُ إلَى بَلَدِهِ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَباً قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ ، فَإذَا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ ، فَأَخَذَهَا لاًّهْلِهِ حَطَباً ، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ ، وَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِداً فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَباً قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ ، قَالَ : هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إلَيَّ بِشَيْءٍ ، قَالَ : أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَباً قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ ، قَالَ : فَإنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَهُ فِي الْخَشَبَةِ ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِداً } ( أخرجه البخاري معلقاً مجزوماً ، والنسائي وغيره مسنداً ، وصححه الألباني ) ومعنى زجَّج : أي طلى نقر الخشبة بما يمنع سقوط شيء منه .
فسبحان الله ، الذى حفظ المال في لجج البحر ، حتى أوصله لصاحبه ، وأدى عن المدين الصادق الملتزم بالسداد في ميعاده .
* نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.