علقت الصحف الأمريكية على إعلان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق نيته خوض انتخابات الرئاسة القادمة، باعتبارها ردًا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد على قرار جماعة "الإخوان المسلمين" بترشيح المهندس خيرت الشاطر في الانتخابات المقبلة. وقالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن قرار سليمان يثير احتمال أن يكون الشخص الذي يتولى رئاسة مصر بعد الثورة التي قامت ضد القمع والتعذيب والوحشية، هو نفسه أحد أركان نظام حسني مبارك القمعي. وأضافت أن البعض يرى أن ترشح سليمان جاء ردًا من المجلس العسكري الحاكم على تراجع "الإخوان المسلمين" عن تعهداتهم السابقة بعدم الدفع بمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ونقلت الصحيفة عن عمر عاشور، الباحث بمركز "بروكينجز"، قوله، إن ترشح سليمان يثير احتمال قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتزوير الانتخابات الرئاسية القادمة لصالح رئيس المخابرات السابق، مشيرًا إلى أن الخلاف بين الإخوان والمجلس العسكري قد يكون أكبر من توقعات الجميع. بدورها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن تفكير سليمان في العودة إلى السلطة كان من شأنه أن يكون أمرًا مضحكاً قبل عام، لكن صعود الإسلاميين الكبير على الساحة السياسية والذي أثار مخاوف الغرب والعلمانيين، بالإضافة إلى الانفلات الأمني الخطير الذي دفع المصريين للبحث عمن يعيد الأمن للبلاد، كل ذلك يضعه ضمن المرشحين في صدارة السباق الرئاسي. ويرى محللون سياسيون أن دخول سليمان سباق الرئاسة بعد أيام قليلة من رفضه دعوات أنصاره للترشح، قد يعني أن المجلس العسكري اختاره للرد قرار الإخوان الدفع بخيرت الشاطر في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأشارت إلى أنه على الرغم من ضلوع سليمان في عمليات تعذيب لمتهمين بالإرهاب، إلا أنه على عكس الرئيس المخلوع ومعاونيه لم يتم تقديمه للمحاكمة، كما لم يبد المجلس العسكري الحاكم أي مؤشر على وجود نية لمحاسبته على أي من انتهاكات النظام السابق. وقال شادي حامد، مدير الأبحاث بمركز "بروكينجز"، للصحيفة، إن سليمان قد يبرز كمرشح قوي إذا تمكن المجلس العسكري الذي لا يزال يحظى بدعم شعبي كبير من حشد الدعم له في أوساط المصريين الموالين للجيش والمتخوفين من صعود الإسلاميين، وتابع: "علينا أن ننتظر لنرى حجم التنسيق بين المجلس العسكري وعمر سليمان". وأضافت الصحيفة، أنه إذا كان ترشح عمر سليمان للرئاسة هو بالفعل من صنيع المجلس العسكري، فإنها قد تكون مغامرة محفوفة بالمخاطر، وقد تجعل رجل مبارك الغامض أكثر عرضة للتمحيص عن قرب. ونقلت عن حسام بهجت، الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان، تفاؤله بترشح سليمان الذي سيضع كل الجرائم التي ارتكبها على مدى سنوات تحت المجهر خلال الشهرين المقبلين، وقال "إنه الشخص الوحيد في دائرة المقربين من مبارك الذي ليس فقط لم يتم توجيه اتهامات له، ولكن لم يتم حتى استجوابه بشأن أي شيء". من جانبها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن دخول سليمان الموالي لنظام المخلوع بشكل مفاجئ سباق الرئاسة ، وقبول اللجنة العليا للانتخابات أوراق ترشح الشاطر رسميًا قد قلب التوقعات بشأن من له الهيمنة على سباق الانتخابات الرئاسية المصرية. ونسبت الصحيفة إلى الليبراليين والإسلاميين القول، إن هذا التحرك يشير إلى أن المجلس العسكري قد وجد المرشح الجدير بثقته وتراجع عن تعهده بعدم التدخل في انتخابات الرئاسة. ورأت أن ترشح سليمان هو بمثابة "رد" من المجلس العسكري على ترشيح جماعة "الإخوان" للشاطر المحتمل فوزه. ونقلت في هذا الإطار عن خالد فهمي المحلل السياسي وأستاذ التاريخ بجامعة القاهرة قوله: "إن ما نشاهده الآن، هو استعراض عضلات ما بين المجلس العسكري، وجماعة الإخوان المسلمين". وأشارت الصحيفة إلى مواقف الإخوان الصدامية مع المجلس العسكري بعد تعاون دام عامًا تقريبًا؛ إذ هيمنت الجماعة على اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وطالبت بسحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري المعينة من قبل المجلس العسكري، وتراجعت عن عهدها بعدم الدفع بمرشح من بين صفوفها لخوض الانتخابات الرئاسية وقامت بتسمية خيرت الشاطر. وقالت إن سليمان ينظر إليه باعتباره الخليفة المحتمل للرئيس المخلوع حسني مبارك؛ لكونه المرشح المؤيد للاستقرار؛ في الوقت الذي باتت تخيم فيه حالة من الفوضى على الشارع المصري بعد عام من قيام ثورة 25 من يناير. وذكرت أنه لا يزال العديد من النشطاء يتذكرون مقولة سليمان خلال الثورة بأن "المصريين ليسوا مؤهلين لممارسة الديموقراطية". بينما رأت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، أن تراجع سليمان السريع عن قراره بعدم خوض الانتخابات الرئاسية أضاف المزيد من "التآمر" إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو. فيما رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الشاطر مرشح جماعة "الإخوان" أكبر قوة سياسية سيكون الخصم الرئيسي أمام عمر سليمان في انتخابات الرئاسة التي من المحتمل فوز الأخير فيها لتمتعه بنفوذ داخلي. واعتبرت أن إعلان سليمان الحليف السابق للمخلوع دخوله سباق الرئاسة صعد من الاضطرابات المحيطة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة. وقالت إن قرار سليمان دفع العديد من المصريين للخروج احتجاجًا على ترشحه خوفًا من احتمالية حياكة "مؤامرة" ضد المرشحين الآخرين. وتساءلت الصحيفة عما إذا كان سليمان سيستطيع جمع توكيلات الترشح والتي تقدر بنحو 30 ألف توكيل في الوقت الذي لم يبق فيه سوى ساعات على غلق باب تقديم أوراق الترشح.