أثار مقتل بائع سمك بمدينة الحسيمة بالمغرب، حالة من الجدل خلال الأيام الماضية وشهدت مناطق شمال المغرب، تداعيات واحتجاجات لآلاف المغاربة استمرت لساعات طويلة، وسط دعوات إلى مزيد الاحتجاجات، وسط تأهب على المستويين السياسي والأمني يهدف إلى تطويق الأزمة. كانت دورية للسلطات المحلية بمدينة الحسيمة بالمغرب، حسب شهود عيان صادرت كمية من السمك تعود للبائع ويدعى محسن فكري، بدعوى أنها فاسدة وألقت بها في شاحنة لجمع القمامة، غير أن البائع قفز إلى داخل الشاحنة محاولا استعادة بضاعته، لكن أحد أفراد الدورية قام بتشغيل محرك آلة الفرم في الشاحنة التي ابتلعت البائع وسحقته داخلها. وفي الوقت الذي تباينت فيه الروايات بشأن الطريقة التي قضى بها محسن فكري، فإن وزير الداخلية المغربي محمد حصاد أمر بفتح تحقيق لمعرفة الملابسات وتحديد المسؤوليات بشأن وفاة الرجل. وقالت وزارة الداخلية في بيان لها إن الملك محمد السادس أصدر تعليماته لوزير الداخلية للتوجه أمس الأحد 30 أكتوبر 2016 لمدينة الحسيمة لتقديم التعازي والمواساة إلى عائلة المرحوم، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بين فكي آلة شفط النفايات، مساء الجمعة بالحسيمة، حينما صعد إلى مؤخرة شاحنة القمامة في محاولة لاسترجاع بضاعته من السمك التي صودرت من طرف عناصر من رجال الأمن والسلطة المحلية". وأشارت تقارير صحفية إلى احتمال أن يتحول بائع السمك القتيل، إلى رمز لحركة احتجاجية للمهمشين في المغرب على غرار التونسي محمد بوعزيزي، الذي أحرق نفسه احتجاجا على ممارسات مشابهة من قبل رجال الشرطة التونسية مؤديا إلى تفجر ثورة تونس على حكم بن علي. ويرى مراقبون أن هناك قطاعا كبيرا من المهمشين في المغرب ممن يعانون من البطالة والفقر، وأن ذلك يترافق مع تجاوزات من قبل رجال السلطة، يتحدث عنها كثير من المواطنين المغاربة خلال حياتهم اليومية خاصة ما يتعلق بإساءة قيادات الشرطة استغلال نفوذها في التعامل مع هؤلاء المواطنين، وأن حادثة فكري ربما تمثل رمزا احتجاجيا لمثل ذلك القطاع العريض. ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب للتقليص من حدة الفقر والفوارق الاجتماعية بين مواطنيه، إلا أن الإحصائيات الصادرة عن مؤسسات دولية لاتزال ترسم صورة قاتمة للفقر في البلاد مع تصدر المناطق الريفية للقائمة من حيث معدلات الفقر. من ناحية أخرى عم الغضب بشكل واضح الذي ظهر على تدوينات مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ، ليضاف هذا السخط والغضب إلى احتجاجات شهدتها مدينة الحسيمة بأقصى شمال المغرب منذ ليلة الجمعة الماضية بعد إعلان وفاة التاجر. ودشن مستخدمو مواقع "فيس بوك"حملة للتضامن مع بائع السمك بعنوان "طحن مو"، وتتداول المدونين، صورة يظهر فيها الرجل داخل الشاحنة وقد فارق الحياة، ودعا النشطاء إلى خروج مظاهرات فى عدة مناطق بالمغرب منها" طنجة، والقنيطرة، والدار البيضاء، ومراكش، وتطوان، وبني ملال، والقصر الكبير، وسيدي سليمان، ووجدة، وإمزورن، والصويرة، وبوكيدان، وأكادير، وبني بوعياش، والناضور. وكتب مروان لمحرزي: "عند العرب قديمًا، كان مثل إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، أما في المغرب، فالمثل يجب أن يكون إنما طحنت يوم طحن ولد الحسيمة لأن المسئولين إذا لم يتعلموا الدرس من هذه الحادثة، وأن حياة أيّ مواطن مغربي لديها قيمة، وإذا تعاملوا مع التحقيق باستهتار سيأتي يوم يطحنوننا فيه".
وعلق خالد الشريف على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك":"هكذا يطحن المواطن المغربي بكل بساطة بين منطق الفوضى ومنطق السلطة في غياب مفهوم العدالة الاجتماعية"، وكتب نجيب شوقي:" محسن شهيد لقمة العيش محسن شهيد معركة المغاربة اليومية من أجل طرف ديال الخبز المذلول محسن إعلان عن فشل سياسة فوضى دولاتية منظمة في تدبير ثروات الوطن محسن صرخة في بحر الذل الجماعي لبعث الروح في الضمير الجمعي واللاشعور الجماعي".