استطاعت الصين أن تفرض عملتها المحلية على مستوى العالم بعد تحقيقها لأعلى ثالث دولة مصدرة، مما أجبر صندوق النقد الدولي على إدراج اليوان الصيني ضمن سلة العملات الرئيسية المعتمدة كاحتياطي نقدي عالمي، في تغيير هو الأكبر منذ 36 عامًا، في خريطة الاقتصاد العالمي، وسيبدأ التعامل الدولي رسميا بداية من الشهر الجاري، ومن ثم فهناك اتجاه قوي لاستبداله بالدولار في المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومن ثم حل الأزمات التي تواجه هذه الدول، بسبب ربط عملتها بالدولار بشكل كبير. وتبحث الصين مع البنك المركزي المصري اعتماد اليوان كعملة تبادل تجاري بينهما مع الجنيه المصري بدلاً من الدولار الأمريكي، وذلك بعد أيام من توقيعها اتفاقًا مع المملكة السعودية يتيح شراء واردات الصين من السلع والخدمات بالريال السعودي، ما يمهّد لتعزيز العلاقة التجارية بين البلدين مستقبلاً، على أن يكون الدولار خارجاً تماماً من هذه التعاملات، وإلغاء تداوله في علاقات البلدين ومن ثم تتبعها مصر في هذا. واتفقت بكين مؤخرًا مع الرياض على تأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين عملتيهما، ودخل حيز التنفيذ في 26 من سبتمبر الماضي. ويعني الاتفاق تسوية المعاملات التجارية بينهما، وذلك من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية، في إطار نظام لمعدلات صرف بين العملتين يتم تحديده بصورة مباشرة دون استخدام عملة دولية وسيطة كالدولار الأمريكي. ويرتبط الريال السعودي بالدولار الأمريكي منذ أكثر من 30 عامًا، ويبلغ سعر صرفه 3.75 ريال/دولار واحد، فيما يبلغ سعر الدولار في البنك المركزي المصري نحو 8.85 جنيه، فيما سجل في السوق السوداء نحو 13.55 جنيه. وتعد الصين أكبر مستورد للنفط السعودي في العالم، بما يتجاوز 1.1 مليون برميل يوميًا، بنسبة تقترب من 15% من صادرات النفط السعودية للعالم إجمالاً، ويبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 24 مليار دولار، فيما بلغت نحو 11 مليار دولار مع مصر. ويعد ضم اليوان هو أول تغيير كبير يطرأ على سلة العملات العالمية، منذ عام 1980، حيث تم وقتها تخفيض سلة العملات من 16 عملة إلى 5 عملات، هى "الدولار الأمريكى والجنيه الاسترلينى والين اليابانى"، بالإضافة إلى "المارك الألمانى والفرنك الفرنسى"، غير أن العملتين الأخيرتين حل محلهما اليورو عام 1999. قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إنه في ظل تدني الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر وضعف موارده من الأنشطة الاقتصادية المدرة له ولجوء الدولة إلى المساعدات والمنح والقروض لتعويض انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي وتمويل الفجوة في الميزان التجاري بين الصادرات والواردات والتي تصل تقريبا إلى 40 مليار دولار، ومن ثم فإن استخدام اليوان للاستيراد من الصين سوف ينهي أزمة الدولار نهائيا من مصر. وأضاف، في تصريح خاص ل"المصريون"، أن حجم المعروض النقدي من اليوان في العالم وصل إلى ما يزيد على 150 تريليون يوان، ما يعادل 200٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، ونحو22 من البنوك المركزية في العالم تحتفظ باليوان كعملة "احتياطي نقدي" في حين بلغت حجم المبادلات بين الصين والاتحاد الأوروبي باليوان إلى 400 مليار يوان. وأشار إلى أن التجارة الدولية للصين تحتل 11٪ من حجم التجارة العالمية بإجمالي صادرات بلغ 4 تريليونات دولار سنويًا، في حين يبلغ إجمالي الاحتياطي النقدي الأجنبي 3.5 تريليون دولار (60٪ فقط حجم الدولار) ومن ثم يجب أن تستخدم مصر اليوان كعملة احتياطي نقدي بجانب الدولار واليورو والاسترليني في الوقت الذي يصل فيه حجم التبادل التجاري بين مصر والصين إلى 12 مليار دولار بما يعادل 75 مليار يوان صيني. ولفت إلى أن الاستيراد من الصين باليوان سيخفض الطلب على الدولار ويزيد المعروض منه في السوق، ومن ثم يتم بيعه والتخلص منه من المضاربين وتجار العملة وينهار سعره إلى أدنى ما يمكن. وتابع: "في حالة أن سارت الكويت والإمارات والبحرين وعمان على مسار السعودية في تجنيب الدولار في التبادل التجاري واتجهوا إلى فك الارتباط بين بيع البترول بالدولار ستخسر أمريكا في سوق النقد ما لا يقل عن 6 تريليونات دولار تقريبًا سنويًا، وينخفض الطلب على الدولار إلى أدنى مستوى عالميًا". وفي السياق نفسه، يرى محمد الدشناوي، خبير أسواق المال، أن اتفاق السعودية مع الصين والمرتقب مع مصر لتنحية الدولار هو أمر جيد من ناحية زيادة التنوع والانفتاح على العالم بدلا من وضع "البيض كله في سلة واحدة" لكنه لن يسقط الدولار أو يقلل تداوله في الوطن العربي وإن تكاتفت جميع الدول. وأوضح في تصريح خاص ل"المصريون"، أن استخدام اليوان هو استبدال وسيلة معاملة بوسيلة أخرى، لكنها لن تضيف شيئًا للاقتصادات العربية، إلا إذا زاد للتعاون في حجم التبادل التجاري مع الصين لأخذ حصة من سلع أمريكا قائمة.