رغم اقترابه من سن التسعين إلا أن ذاكرته لم تنس حرفًا واحدًا من حياته، أخلص لتلاميذه فلقبوه ب"معلم الأجيال"، وأتخذ الكنيسة كتابًا لحفظ القرآن والإنجيل، ولم ينتقده أحد من الناس، رفض تعيينه مدرسًا من أجل أولاد بلده، أحب القرآن فأحبه تلاميذه ومريدوه. كان يشترى جزءًا من القرآن بقروش معدودة حبًا فى تعليم أبناء القرية، ما زال يواظب على القراءة فى المصحف وتحفيظ القرآن، واتخذ من منزله الريفى مدرسة يعلم فيها تلاميذه المسلم قبل المسيحي، مثله الأعلى الدكتور طه حسين، ودائما ما يسأل على تلاميذه إذا غاب عنه أحد منهم. "المصريون" التقت معلم الأجيال القبطى عياد شاكر العريف، البالغ من العمر 85 عامًا، تخرج فى مدرسة المعلمين عام 1957، وصدر قرار تعيينه بمدرسة الروضة بمركز ملوى، لكن والده رفض تعيينه مدرسًا من أجل أبناء قريته طهنا الجبل، والتى كانت فقيرة ليس بها معلمون أو مدرسة فى ذلك الوقت بعد أن حصل على الابتدائية الإلزامية الإجبارية، ليلتحق بمدرسة المعلمين بمدينة المنيا فى ذلك الوقت، وتخرج مدرسًا ابتدائيًا وعاد إلى قريته ليكمل مشوار والده الذى كان يعلم أبناء القرية القراءة والكتابة وعلوم الدين المسيحى والإسلامى. وأضاف أنه يقوم بتعليم الأولاد من سن الحضانة حتى المرحلة الإعدادية مرتين يوميًا لمدة 5 أيام، بواقع فترتين فترة صباحية وأخرى مسائية أيام الصيف، وفى الشتاء يدرس للطلاب عقب انتهاء اليوم الدراسى. وأوضح أنه يمسك العصا لأنها الآلة التى تعلم الطلاب، وبها يخاف التلميذ فيذاكر ويحفظ دروسه، مقابل أجر رمزى لا يتعدى 10 جنيهات شهريًا لكل تلميذ. وأكد أنه علم أكثر من 1700 طالب وطالبة من الابتدائى والحضانة والإعدادى، واتخذ حتى وقت قريب من الكنيسة بالقرية، كتابا لتعليم الطلاب كل الدروس القراءة والكتابة واللغة العربية والحساب والإنجليزية بطلاقة. وأشار إلى أن حفظ القرآن الكريم كان بتشجيع من والده المقدس شاكر العريف الذى شجعه على حفظ القرآن، لدرجة أنه كان يشترى للطالب الفقير أجزاء من القرآن، الجزء ثمنه قرشان فقط حتى يستطيع الطالب أن يحفظ القرآن. وتابع أنه ما زال يقرأ فى المصحف الذى أهداه له تلاميذه من أولاد الشيخ عبد العال الجرجاوى، بعد أن تخرج أولاده، منهم الأطباء والمهندسون على يديه، كما أهداه الشيخ عبده السنى مصحفاً من الحجم الصغير ما زال يقرأ فيه. وأكد أنه لم يجد أى متاعب من أولياء الأمور فى تعلم أولادهم القرآن داخل الكنيسة، لافتًا إلى أنه خرّج أجيالا على مدار 58 عاما، وأنا أدرس القرآن والعلوم المدرسية والإنجيل، لأبناء القرية بل إن الكنيسة أعطته مكانا اتخذه كتابا، قبل أن يكبر فى السن، وكان يعلم فيه أبناء القرية من المسلمين القرآن والمسيحيين. وأوضح أنه كان يعلم المسلمين حفظ القرآن وتلاوته وتجويده، رغم أنه مسيحى، لأنها رسالة يجب أن يؤديها حتى الموت، ورفض المال من أجل التعليم، ورفض الوظيفة من أجل أبناء قريته، مضيفًا: "كيف أهجر نعمة أعطانى ربى إياها". عمدة القرية عمرو حسن رياض أكد ل"المصريون" أن والده وأجداده وعائلته تعلموا على يد والد معلم الأجيال، متابعًا: "أنا تعلمت على يدى المعلم عياد حتى وفقت وحصلت على الدكتوراه فى القانون، قبل أن أعين عمدة للقرية". وقال: "عمى عياد ابن بلد ومصرى صميم، لا يفرق بين مسلم ومسيحى، كان يصر على تعلمينا حفظ وقراءة القرآن ،إنه نابغة لم تعوض، خرج أجيالاً منهم المستشارون، والمهندسون، والمحامون، والمعلمون وغيرهم، ولولا كبر سنه لواصل ذهابه إلى الكتاب بالكنيسة". ناجح النجل الأكبر ل عياد العريف قال: "تعلمت على يد والدي، وكان لا يميزنى عن باقى زملائي، وإذا أخطأت فى العلوم أو الإنجليزى أو الدين المسيحى كن بيضربنى ضربا مبرحا، حتى أكون تلميذا شاطرا وبالفعل تعلم الكثيرون حتى أصبحوا اليوم رموزا بالقرية ومشاهير بين الناس". شاهد الفيديو