وقعت غزوة بدر، في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة، وكانت بين المسلمين بقيادة رسول الإسلام، محمد صلى الله عليه وسلم، وقبيلة قريش، ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي. وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكةوالمدينةالمنورة. وقد تعددت الأسماء التي أطلقت على هذه الغزوة الحاسمة في تاريخ غزوات المسلمين، فهي تُسمى غزوة بدر الكبرى، وبدر القتال، ويوم الفرقان. بدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولم يكن صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة في نيته قتال، وإنما كان قصده عيرَ قريشٍ التي كانت فيها أموالٌ كان جزء كبير منها للمهاجرين المسلمين من أهل مكة، وقد استولت عليها قريش ظلمًا وعدوانًا. ولكن أبا سفيان قد تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولًا إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين. كان عددُ المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، معهم فَرَسان وسبعون جملًا، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبًا. وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش، وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلًا وأُسر منهم سبعون آخرون. أما المسلمون فقد استشهد منهم أربعة عشر رجلًا، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار. خلفت غزوة بدر، عدة نتائج نافعةٍ بالنسبة للمسلمين، أهمها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها، وأصبح لدولتهم مصدرٌ جديدٌ للدخل، وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسّن حالُ المسلمين الماديّ والاقتصاديّ والمعنويّ. ولما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد النصر، إلى المدينةالمنورة فرَّق الأسرى بين أصحابه، وقال لهم: «استوصوا بهم خيرًا». وقد روي عن أبي عزيز بن عمير أخي مصعب بن عمير أنه قال: «كنت في الأسرى يوم بدر، فقال رسول الله «استوصوا بالأسارى خيرًا»، وكنت في نفر من الأنصار، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر، وأطعموني البُرَّ لوصية رسول الله. وقال أبو العاص بن الربيع: «كنت في رهط من الأنصار جزاهم الله خيرًا، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إن الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إليَّ». وبعثت قريش إلى الرسول محمد في فداء أسراهم، ففدى كلُّ قوم أسيرَهم بما رضوا. وكان ناس من الأسرى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل الرسول فداءهم أن يعلِّموا أولاد الأنصار الكتابة.