الحياة هبة الله وكلمته.. ونهايتها أيضا قضاء الله وقدره.. ونحن نعبد الله ولا نحمد سواه على أى قضاء قد يشقينا أو يحزننا ويبكينا.. ولهذا أتمنى ألا تبدأ مباراتا الدور قبل النهائى لكأس مصر اليوم.. بين الإسماعيلى وحرس الحدود، وبين الأهلى والإنتاج الحربى.. إلا بدقيقة حداداً على روح الشهيد هايل القاضى.. نجم كرة القدم الفلسطينى، مهاجم نادى القادسية فى رفح، الذى استشهد، أمس الأول، نتيجة قصف الطيران الإسرائيلى للأبرياء فى غزة.. لاعب كرة جديد.. فلسطينى عربى.. تقتله إسرائيل بوحشيتها غدرا وإثما وعدوانا.. ورغم جلال مشهد الموت وقدسيته واحترامه.. أتمنى أن تتحول لحظة استشهاد هايل القاضى إلى نقطة فاصلة لعلاقتنا نحن العرب مع كرة القدم.. فلا نحيلها مرة أخرى إلى قنبلة للحقد والكراهية تنفجر فى وجوهنا.. وإنما نتخذها سلاحا نحارب به الذين يكرهون العرب.. ويكرهون السلام والأمان والأطفال والورد وقامات المآذن وأجراس الكنائس.. وإذا كانت الغارة الإسرائيلية المتوحشة على أسطول الحرية يوم الاثنين الماضى أثارت غضب واستنكار العالم كله.. وبادرت السويد وقررت الاعتذار للاتحاد الأوروبى لكرة القدم عن لعب مباراتها فى تصفيات بطولة أوروبا للشباب مع إسرائيل، رفضا واحتجاجا على هذه الجريمة، وقررت تركيا سفر المنتخب التركى لشباب الكرة من إسرائيل دون لعب أى مباراة مع منتخبها.. فإن العرب حتى الآن لم يفكروا ولم يقرروا ولم يبدأوا أى خطوة لاستخدام كرة القدم لإدانة هذه الجريمة التى تخصهم أكثر من غيرهم اللهم إلا قرار الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم بإعلان الحداد ثلاثة أيام وتأجيل بطولة كأس غزة.. وبعد أربع وعشرين ساعة فقط على هذه الجريمة المتوحشة كانت إسرائيل ترتكب الجريمة التالية فتنطلق طائراتها تطارد أبرياء غزة بالدم والنار والموت.. فيموت هايل القاضى، نجم الكرة.. وكلى أمل أن يتحرك العرب، هذه المرة، وأن يغضبوا وأن يثوروا حتى ولو بكرة القدم.. فتقف الجماهير المصرية ومعها كل اللاعبين والنجوم، اليوم، دقيقة حداداً على روح هايل القاضى وكل ضحايا قصف أسطول الحرية.. ليس لمجرد إبداء عميق الحزن والأسى على سقوط لاعب كرة شهيدا للغدر الإسرائيلى.. ولكن لبدء تحرك عربى حقيقى لإدانة إسرائيل التى تحارب الحياة وتكرهها وتكره الرياضة وكرة القدم رغم إرادة وغرام العالم كله.. فتبدأ كل البرامج الرياضية وكل الصحف العربية وكل العرب فى كل مكان حملة للمطالبة بمعاقبة الفيفا والاتحاد الأوروبى لكرة القدم واللجنة الأوليمبية الدولية لإسرائيل.. لابد من عقاب إسرائيل التى من جرائمها وفضائحها هدم ملاعب الكرة وقتل نجومها.. لابد من طردها من بطولتى أوروبا المقبلتين للكبار وللشباب.. لابد من استبعادها من تصفيات المونديال بعد القادم واستبعادها من دورة لندن الأوليمبية بعد عامين.. ولست أهزل أو أطالب العرب بما هو فوق قدراتهم أو استطاعتهم.. فالسويد الآن معهم.. تركيا أيضا معهم.. إيران ودول كثيرة أوروبية وآسيوية وأفريقية.. وأرجو أن يتعلم العرب من الدرس الإيرانى حين رفضت إيران الاستسلام لقرار الفيفا بمنع لعب البنات الكرة بالحجاب.. وبقيت إيران تقاوم وترفض وتحارب حتى تغير قرار الفيفا.. وأمثلة أخرى كثيرة لابد أن نلتفت إليها الآن ونتعلم.. كيف نقول لا.. كيف نحزن ونغضب ونجبر العالم كله على أن يصغى لكلمتنا ويحترم حزننا وغضبنا. [email protected]
