«أرض الأحلام» و«يوم مر يوم حلو».. تجربتان مختلفتان لفاتن تعاونت فيهما مع داود عبدالسيد وخيرى بشارة اللذين ينتميان إلى ما سمى «الموجة الجديدة» فى فترة الثمانينيات بعد تجاربها مع مخرجى جيل الوسط أمثال سعيد مرزوق، وهما آخر ما قدمته على شاشة السينما حتى الآن. وكان تعاون فاتن معهما أمرا ليس سهلا لنجمة اعتادت الوقوف أمام كاميرات كبار المخرجين بدءا من محمد كريم مرورا بفطين عبد الوهاب وحسن الإمام وعز الدين ذو الفقار وكمال الشيخ وصلاح أبو سيف وهنرى بركات وغيرهم، إلا أن العملين استقبلا جيدا من النقاد. فيلم «يوم مر يوم حلو» أخرجه خيرى بشارة عام 1988، وكان قد عرض السيناريو عليها فوافقت لتعود بذلك للسينما بعد توقف 4 سنوات منذ «ليلة القبض على فاطمة»، وجسدت فاتن خلاله دور أرملة وأم لخمسة أبناء بينهم أربع بنات، يعيشون فى فقر مدقع، فى عصر الانفتاح والمبادئ المتقلبة، تتحمل الكثير من الأعباء دون أن تشكو، لكن الأمل يحدوها دائما فى الوصول إلى يوم حلو يمسح ذكريات الأيام المرة التى عاشتها. وقد ناقش الفيلم تداعيات الانفتاح فى الثمانينيات وانتشار العشوائيات والبطالة والفقر. أما فيلم «أرض الأحلام» 1993 فقد قدمت من خلاله شخصية «نرجس» التى تستعد للهجرة إلى أمريكا لتلحق بأولادها، لكنها تفقد جواز سفرها قبل السفر بساعات وعليها أن تعثر عليه فى الأماكن التى ذهبت إليها، أو لدى الأشخاص الذين قابلتهم، فتلتقى بساحر يجوب ملاهى المدينة وتتعرض لمجموعة من المتاعب فى ليل القاهرة. وعندما تعثر على جواز السفر تكون قد غيرت رأيها، لكى تبقى للأبد فى بلدها. الفيلم لا يحمل قضية سياسية مباشرة، لكنه يرصد التغييرات التى طرأت وقتها على الناس من سلوكيات مختلفة وسيطرة فكرة الهجرة على الشباب وهيمنة الحلم الأمريكى على الشعوب خاصة فى العالم الثالث، وتشير جمل حوارية على لسان فاتن داخل الفيلم إلى ذلك المضمون حيث تقول باستنكار وسخرية: «أمريكا أمريكا... أمريكا أمريكا» أو على لسان الابن هشام سليم: «يادى أمريكا اللى قرفتنا فى عيشتنا». وقد بدت فاتن خلال الفيلم متحررة من ضبط «اللثغة» التى كانت قد نجحت فى التخلص منها فى أفلامها، تماشيا مع الشخصية التى تقدمها، بل بدت تلقائية، مع طابع كوميدى للشخصية وحيرة تنتابها لضيق الوقت قبل إتمام إجراءات السفر، متحررة أيضا من قيود الإحساس بتقدم العمر وذلك عبر سيناريو يناسب المرحلة العمرية التى وصلت إليها، وهو أمر يصعب حدوثه فى السينما المصرية التى طالما ركزت على مرحلة الشباب فى تقديم أبطالها.