وجدت تفسيراً للحالة البرادعية فى الشارع السياسى عند عالم «نوبل» الدكتور أحمد زويل.. صحيح أن الدكتور زويل لم يكن بصدد تحليل ما يجرى الآن من حراك أحدثته عودة البرادعى إلى القاهرة، ولكنه كان يتحدث عن نظرية علمية، من حيث هى علم فى الأصل.. ثم راح يشرح كيف يتكون الثلج فى الواقع.. وكيف أنه لا يمكن أن يتراكم أو يتكون على الأسطح الملساء.. وبقدر ما كان الشرح سهلاً ومبسطاً، بقدر ما وقع فى نفسى بشكل يبعث على التفاؤل، حين وضعت ما أحدثه البرادعى موضع التطبيق! فما هى العلاقة بين الحالة البرادعية ونظرية تكوين الثلج، أو الجليد؟.. وما دلالة ذلك عند المصريين.. وهل يعنى هذا أن نطمئن ونتفاءل بأن التغيير قادم.. أم أننا نجرى وراء سراب؟.. لابد أن نؤكد أولاً أن التغيير لن يهبط علينا من السماء، وقد علمتم بأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.. ولا حتى رؤساء جمهورية.. الأصل هو النضال.. وقد حدث ذلك بقدر خلال السنوات الأخيرة، مستفيداً من التطور التكنولوجى.. هذا القدر هو الذى جعل السطح يسمح بالتراكم ويتكون عليه الثلج.. وبالتالى بدا الحراك هائلاً فى وقت محدود! واللافت للنظر أن كرة الثلج تكبر كل يوم.. وتتدحرج من مكان لآخر، وتجد لها عشاقها، وتثير أشواق التغيير فى النفوس.. سواء ذهب البرادعى إلى جامع، أو ذهب إلى كنيسة.. حتى أصبحت تحركات البرادعى حديث المدينة، تملأ صفحات الصحف التى تتعامل مع الخبر من حيث هو خبر فقط، كما تملأ الفضائيات والمنتديات، لدرجة أزعجت المراقبين على مستوى رسمى.. وأظن أن الخطاب السياسى قد تغير بدرجة أو بأخرى.. وأحيلكم هنا إلى ما قاله د. عبدالمنعم سعيد، حين أكد ضرورة التعامل معه بجدية كاملة! لا أحد ينكر على الرجل مكانته ولا احترامه.. ولا أحد ينكر عليه جديته ووطنيته.. ولا أحد يشك لحظة أنه يريد أن يخدم وطنه فعلاً، مهما لقى فى سبيل ذلك.. ولا أحد يقلل من قيمة الفكرة التى يحملها.. وقد قال إنه لا يحمل إلا فكرة، وليس معه حكومة، ولا جيش.. وأظن أن الفكرة قد لقيت من يؤمن بها ويدافع عنها.. والعدد يتزايد كل يوم.. لأن البرادعى حلم، ولأن البرادعى تحول إلى رمز للتغيير.. يذكر المصريين بنضالهم القديم أيام سعد زغلول.. سواء وهم يطلبون الجلاء، أو وهم يطلبون تغيير الدستور.. صورة بالكربون! وكما يقولون، على قدر أهل العزم تأتى العزائم.. والأعمال العظيمة تقوم على شيئين.. أحدهما أو كلاهما.. إما الشخص الذى يلتف حوله الناس أو الفكرة.. وقد تحقق الشيئان مع البرادعى شخصاً وفكرة.. وكان طبيعياً أن يلقى مقاومة، لأنهم يعرفون الفكرة والشخص.. وليس كثيراً علينا أن يظهر البرادعى فى هذا التوقيت، فقد تغيرت تركيا بفكرة، وتغيرت على يد أردوجان وجول وأوجلو.. ودبت الحياة فى شرايين الدولة التركية، فسمعنا عن العثمانية الجديدة مرة أخرى.. والسبب حيوية الأشخاص وحيوية الأفكار! ولا أستبعد أن يحدث شىء فى الأفق، ولا أستبعد أن تكون مصر على موعد مع حدث كبير فى الوقت القريب، فلا يليق بمصر أبداً أن تجرى انتخاباتها البرلمانية تحت الطوارئ، ولا يليق بمصر أبداً أن تخصم واحداً بقيمة البرادعى.. وما أظن أن الذين قيدوا فكرة الترشح للرئاسة كانوا يريدون، حين تجرى الانتخابات أن يستبعدوا مرشحاً مثل البرادعى، بينما يسمحون لآخرين معتمدين من أمن الدولة!