تتجه العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إلى مزيد من التأزم والتعقيد ويبدو أن شهر العسل بين الجانبين على وشك الانتهاء فى ظل موجة الانتقادات العنيفة وغير المسبوقة التى أطلقها كبار المسؤولين فى الإدارة الأمريكية ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إثر الإعلان عن عزم تل أبيب إنشاء 1600وحدة استيطانية جديدة فى القدسالشرقية بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن لتل أبيب، وهو ما اعتبرته واشنطن إهانة لها ويقوض جهودها لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال السفير الإسرائيلى فى واشنطن مايكل أورن إن العلاقات بين بلاده والولاياتالمتحدة تدهورت إلى أدنى مستوياتها منذ 35 عاما، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن أورن قوله لدبلوماسيين إسرائيليين «إن علاقات إسرائيل مع الولاياتالمتحدة تمر بأخطر أزمة تشهدها منذ عام 1975وهى أزمة ذات أبعاد تاريخية» ولم تصدر وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليقا فورياً على تصريحات السفير التى يراها مسؤولون أمريكيون متناقضة مع ما أعلنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن الأزمة التى تفجرت مع واشنطن تحت السيطرة، وقالت صحيفة هاآرتس إن البعض فى الإدارة الأمريكية اعتبر اعتذار نتنياهو، أمس الأول، بداية لكسر الآثار السلبية لإعلان البناء فى القدس، وأن زيارته المقبلة لواشنطن لن تتأثر بتلك الأزمة، بينما اعتبر مسؤولون ومراقبون أمريكيون أن ما أعلنه نتنياهو غير كاف، وأن على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ موقف واضح ونهائى من الاستيطان وإلغاء القرار. وقالت «هاآرتس» إن أورن كان يتحدث إلى قناصل إسرائيل فى الولاياتالمتحدة، بينما واصل نتنياهو التشاور مع مجلس وزرائه المصغر بشأن قائمة تضم 4 مطالب، لاستعادة الثقة فى العلاقات، تقدمت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون أثناء توبيخها لنتنياهو فى اتصال هاتفى الجمعة الماضى، وتشمل المطالب التحقيق فى توقيت إعلان المساكن الجديدة، وما إذا كان يمثل خطأ بيروقراطيا أو عملا متعمدا تم تنفيذه لأسباب سياسية، ثم إلغاء القرار ويشمل المطلب الثالث القيام بتلميح جوهرى حيال تمكين الفلسطيينين من استئناف محادثات السلام وتلميح الأمريكيين بأن يتم الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وأن تنسحب قوات الجيش الإسرائيلى من مناطق إضافية بالضفة ونقلها إلى السيطرة الفلسطينية، بينما لم يلمح نتنياهو خلال اجتماع حكومته، أمس الأول، أنه سيستجيب للمطالب الفلسطينية والأمريكية بإلغاء مشروع لبناء 1600 منزل فى القدس، وهو ما اعتبره الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة غير كاف لتلبية مطالب الفلسطينيين باستئناف المفاوضات. وفى الوقت نفسه، سعى إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلى، لاحتواء الآثار السلبية الناجمة عن تزامن قرار البناء مع زيارة بايدن، وقال غنه مجرد خطأ فنى ولم يكن بالأمر المتعمد، بينما استجاب النائب الليكودى دانى دانون لطلب نتنياهو تأجيل جلسة الخميس المقبل، لبحث تجميد بناء المستوطنات نظرا للضغوط التى يواجهها رئيس الوزراء حاليا. وفى هذا السياق ذكر موقع «قضايا مركزية» العبرى أن نتنياهو كثف اتصالاته مع المنظمات اليهودية الأمريكية لتجنيد موقف أوسع ضد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لتقليل الضغوط والأضرار الأمريكية على إسرائيل، ويبدو أن تلك الاتصالات بدأت تؤتى ثمارها، إذ شنت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك إحدى أقوى جماعات الضغط الإسرائيلية فى الولاياتالمتحدة هجوما شديدا على إدارة أوباما وطالبتها بنزع فتيل التوتر مع الدولة «اليهودية».