على امتداد قرابة 30 ساعة متواصلة، عاشت البلدة القديمة فى مدينة نابلس واحدة من أعنف عمليات الاقتحام الإسرائيلية وأطولها منذ سنوات، بدأت عند الساعة 12:30 من منتصف ليلة أمس الأول، حين اجتاحت قوات كبيرة من جيش الاحتلال أزقة المدينة التاريخية، وسط إطلاق نار كثيف وقنابل الغاز المسيل للدموع. وبدت مشاهد الدمار وتخريب الممتلكات داخل البلدة القديمة تتكشف مع ساعات صباح أمس، بعد انسحاب جيش الاحتلال، حيث يظهر جليًا أن العملية العسكرية لم تحمل غاية ملاحقة مطاردين فقط، بل بدت ساعات الاقتحام الطويلة وكأنها تنفيذ لخطة تدمير شاملة استهدفت مقومات الحياة فى قلب نابلس القديمة، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا». واقتحمت قوات الاحتلال المنازل عنوة، وطردت العائلات بالقوة من منازلها، ونهبت المحلات التجارية ودمّرتها، وحوّلت مبانٍ تاريخية إلى ثكنات عسكرية كما جرى مع خان الوكالة، حتى صور الشهداء لم تسلم من حقد الجنود. فى قلب الاعتداء، كان خان الوكالة، المعلم التاريخى الذى يعود إلى أكثر من 400 عام، شاهدًا على الاقتحام، حسبما أكدت مديرة فندق ومطعم خان الوكالة، سيرين التيتى. وقالت: «حوّل الاحتلال الخان إلى ثكنة عسكرية حتى ساعات فجر اليوم، وفجّر غرفة التحكم بالكامل، ودمّر غرفة الاستقبال و22 مدخلًا للغرف الفندقية، وسرق الأموال من خزنة الفندق، ولم يكن يوجد أحد داخل المكان أثناء الاقتحام». وأضافت: «كل شيء دمروه: الأثاث، والوثائق، والأوراق الرسمية، حتى كاميرات المراقبة وغرفة التحكم، والغرف التى كانت مخصصة للنزلاء باتت مأوى للجنود». وفى السوق القديم، لم يكن حال المحلات التجارية أفضل؛ فقد تعرضت عشرات المحلات للتخريب والنهب وخلع الأبواب، خاصة فى منطقة دخلة جروان المؤدية إلى البلدة القديمة، والتى تعرض فيها الشقيقان نضال ووليد مهدى عميرة للإعدام بدم بارد على يد جنود الاحتلال.