من المحكمة العليا إلى تعريفة ترامب: لماذا لا يزال تصنيف الطماطم «فاكهة» أم «خضروات» مثيرًا للجدل؟

تُعتبر الطماطم من أكثر المكونات الغذائية استخدامًا حول العالم، لكنها أيضًا مصدر جدل كبير: هل هي فاكهة أم خضار؟ ورغم أن هذا السؤال الذي يبدو بسيطًا إلا أنه أثار نقاشات علمية وقانونية وسياسية على مدى قرون، بل وصل إلى المحكمة العليا الأمريكية في القرن التاسع عشر؛ واليوم، مع التغيرات في السياسات التجارية والتعريفات الجمركية التي يفرضها ترامب، يعود هذا الجدل إلى الواجهة مرة أخرى.
الجانب العلمي: الطماطم فاكهة
من الناحية العلمية، تُصنَّف الطماطم كفاكهة لأنها تحتوي على بذور وتنمو من مبيض الزهرة، تمامًا مثل التفاح، والبطيخ، والقرع؛ وبما أن الطماطم تحتوي على بذور وتنمو من زهرة النبات، فهي فاكهة من الناحية الفنية، هذا التصنيف يشمل أيضًا خضروات أخرى مثل الخيار والقرع والفلفل.
القانون يقلب الموازين: الطماطم خضار بحكم المحكمة العليا
على الرغم من التصنيف العلمي، فإن الجدل القانوني حول الطماطم بلغ ذروته في قضية نيكس ضد هيدن (1893)، التي نظرت فيها المحكمة العليا الأمريكية، ففي ذلك الوقت، فرضت الحكومة الأمريكية تعريفة جمركية بنسبة 10% على الخضروات المستوردة، بينما كانت الفواكه مستثناة من هذه الرسوم.
وعندما تم فرض الضرائب على شحنة من الطماطم المستوردة، طعن تاجر الجملة جون نيكس في القرار بحجة أن الطماطم فاكهة، وبالتالي لا ينبغي أن تخضع للتعريفة الجمركية، لكن المحكمة العليا حكمت بالإجماع بأن الطماطم يجب أن تُعامل كخضار، نظرًا لأنها تُستهلك عادة كجزء من الوجبات الرئيسية وليس كتحلية، وبالتالي فإن التصنيف العملي الذي يتبعه المستهلكون أهم من التصنيف النباتي. القاضي هوراس جراي كتب في حيثيات الحكم: «من الناحية النباتية، الطماطم ثمرة، لكنها في العُرف التجاري والمستهلكين تُعتبر خضروات.»
هذا الحكم التاريخي لم يكن مجرد رأي قانوني، بل أثَّر على تصنيفات المنتجات الزراعية عالميًا، فعلى سبيل المثال، تبنَّت منظمة الجمارك العالمية لاحقًا تصنيف الطماطم كخضار ضمن أنظمة التعريفات الجمركية الدولية.
التعريفة الجمركية والسياسات التجارية
قضية نيكس ضد هيدن لم تكن مجرد نقاش علمي، بل كانت مرتبطة بشكل وثيق بالسياسات التجارية، في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تحمي منتجاتها الزراعية من خلال فرض رسوم جمركية على الواردات، واليوم، مع التغيرات في السياسات التجارية، مثل التعريفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الواردات، قد يعود الجدل حول تصنيف الطماطم إلى الظهور.
فإذا كانت الطماطم تُعتبر فاكهة، فقد تكون معفاة من بعض الرسوم الجمركية، بينما إذا كانت خضارًا، فقد تخضع لضرائب أعلى، وهذا الأمر يؤثر على تجارة الطماطم بين الولايات المتحدة ودول مثل المكسيك وكندا، خاصة في إطار اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) أو الاتفاقيات الجديدة التي تحل محلها.
الطماطم في الثقافة والسياسة
لا يقتصر الجدل على الجوانب العلمية والقانونية فقط، بل امتد إلى الثقافة والسياسة، ففي عام 2005، أعلنت ولاية نيوجيرسي الطماطم كخضار الولاية الرسمي، مستشهدة بقضية نيكس ضد هيدن.
وفي المقابل، أعلنت ولايات أخرى مثل تينيسي وأوهايو الطماطم كفاكهة الولاية، حتى الاتحاد الأوروبي أصدر توجيهًا في عام 2001 يصنف الطماطم كفاكهة، إلى جانب خضروات أخرى مثل الجزر والبطاطس.
الخلاصة: الطماطم فاكهة وخضار في آن واحد
في النهاية، يعتمد تصنيف الطماطم على السياق، فمن الناحية العلمية، هي فاكهة لأنها تحتوي على بذور، ولكن من الناحية القانونية والثقافية، غالبًا ما تُعتبر خضارًا بسبب طريقة استهلاكها واستخدامها في الطهي.
مع التغيرات في السياسات التجارية والتعريفات الجمركية، مثل تلك التي يفرضها ترامب، قد يعود هذا الجدل إلى الواجهة مرة أخرى، فتصنيف الطماطم ليس مجرد مسألة علمية أو ثقافية، بل قد يكون له تأثير اقتصادي كبير على تجارة المنتجات الزراعية بين الدول.
لذا، سواء كنت تعتبر الطماطم فاكهة أو خضارًا، فإنها تظل واحدة من أكثر المكونات تنوعًا واستخدامًا في المطابخ حول العالم، والجدل حولها يذكرنا بأن التصنيفات ليست دائمًا واضحة، بل تعتمد على السياق والاستخدام.