توفى في نفس شهر ميلاد رفيق رحلته عاطف الطيب.. وداعا بشير الديك

عاطف الطيب وبشير الديك من أهم الثنائيات الفنية في تاريخنا الفني، صنعا سويا أهم الأعمال في تاريخ السينما، نتحدث عن سواق الأتوبيس وضد الحكومة وضربة معلم وليلة ساخنة وأعمال أخرى.
وهما لم يكن ثنائيا فنيا فقط بل شكلا ثنائيا إنسانيا كذلك، فكانا لا يفترقان تقريبا، واشتركا سويا في تجربة انتاجية بعنوان الصحبة، ومعهما المونتيرة نادية شكري، وأنتجا أهم وأعذب أعمال السينما المصرية فيلم الحريف
بشير الديك تعرف على عاطف الطيب، عندما شاهده بالصدفة وهو يقوم بتصوير فيلم الغيرة القاتلة في أوائل الثمانينات لكن تعرفا على بعض بشكل جاد عن طريق المخرج محمد خان أثناء صناعة فيلم سواق الأتوبيس.
محمد خان جاءته فكرة سواق تاكسي يضجر من ثرثرة راكب معه، فيقوم بحرق التاكسي بالبنزين فقط هكذا جاءت الفكرة لمحمد خان عرضها على بشير الديك لكتابته فأضفى على الفيلم روح جديدة حيث استحضر شخصيات دمياطية عاصرها أثناء معيشته هناك منهم الحاج سلطان أبوالعلا صاحب ورشة النجارة الميكانيكية والذي جسد شخصيته الفنان عماد حمدي وهو شخصية حقيقية كما أنه كتب شخصية حسن التي تمثل جيل شباب 1973 والذي يمتاز بالدم الحامي وكان معروفا عنهم حرصهم على تجميل كابينة الأتوبيس الذي يقودونه.
محمد خان لم يجد نفسه في هذا السيناريو فقدمه لعاطف الطيب وهو من أبناء منطقة شعبية وهي بولاق الدكرور وأدى خدمته في الجيش، مما جعله أبرز من يستطيع التعبير عن السيناريو، ومن خلال سواق الأتوبيس تعرف الثنائي على بعضهما البعض وبدأت رحلتهما الفنية والإنسانية.
اقرأ أيضا :
«كل أصحابي ماتوا».. آخر كلمات بشير الديك وسبب غيابه عن السينما
وفاة السيناريست بشير الديك عن عمر يناهز 80 عامًا
خلال فترة توهجهما الفني في فترة الثمانينات من القرن الماضي، كانا سعداء للغاية فأهم نجوم مصر كانا يريدان العمل معهما، فاتن حمامة طلبتهما بعد سواق الأتوبيس وكانا سيقدما مشروعا سينمائيا معها لكنه توقف لأسباب إنتاجية، وكانا سيقدما مسرحية ميوزيكال مع نادية الجندي لكن المشروع توقف بسبب مرض عاطف الطيب، عادل إمام كان كلما شاهدهما في مناسبة ما، كان يقول لهما :«يا جاعة كل زمايلكم بيكسبوا من ورايا أنتوا مش عايزين تكسبوا ليه؟!».
الثنائي كان «شغيلة» يعشقا العمل، الطيب كان يعمل لمدة 16 ساعة رغم مرضه بالقلب، وأخفى مرضه على الجميع وأولهم بشير الديك لمدة أربع سنوات حتى يتمكن من العمل ولا يستبعده المنتجون بسبب مرضه، ورغم كل هذا الاحتفاء والتحقق كانا يشعرا أنها فترة مؤقتة ولو لم ينفذا كل مشاريعهما التي يحلما بها في تلك الفترة، لن تتاح لهما الفرصة لكي ينفذوها مستقبلا.
من شدة قرب الثنائي سويا، كان بشير الديك مستشار عاطف الطيب الفني، يعرض عليه كل السيناريوهات التي ينفذها مع مؤلفون آخرون، وكان بشير الديك يتدخل بالرأي والنصيحة كما حدث في فيلم دماء على الأسفلت لأسامة أنور عكاشة حيث نصح الديك بحذف 50 مشهد للحفاظ على إيقاع الفيلم.
وفاة عاطف الطيب بلورت علاقته مع الموت فالموت خطف ابن بشير الديك وهو لم يتجاوز الثالثة من عمره، وكانت وفاته مفاجأة شديدة وقاسية بالنسبة له، ونفس الأمر تكرر مع عاطف، ففي اليوم السابق لوفاته، كان يجلسا مع منتج للاتفاق على تفاصيل فيلم نزوة، وأخبره أنه سيسافر في رحلة عمل وسيعود بعدها لحضور تصوير الفيلم، وأخذا يضحكان سويا، وطلب منه إحضار هدايا له من الخارج وطمأنه على العملية التي سيجريها في قلبه وأكد له أنها ستنهي أزمة قلبه نهائيا وكان في قمة إنسجامه وتألقه يومها.
يأتي يوم العملية ويفاجأ أثناء جلوسه في الطيارة بخبر وفاته، علم بوفاته مثل بقية أفراد الشعب وأغلبهم عرف بخبر وفاته قبله بالتأكيد، لم يكن بجواره في لحظاته الأخيرة كما كانا دائما.
منذ لحظة علمه بوفاة الطيب، تأكد أن الموت يحبه بشدة وأنه ضيف مفاجئ لو لم يفاجئه ويخطفه شخصيا، فسيفاجئه بأخذ أقرب المقربين إليه، كما حدث مع إبنه وصديقه مهندس الديكور الراحل رشدي حامد.
بعد وفاة عاطف الطيب، افتقد الونس، فليس من السهل أن يجد صديقا مثل عاطف الطيب، كما أنه حزن منه بسبب لم يفي بوعده له، فقد كانا متعاهدين على أن «اللي يموت الأول لازم يزور اللي عايش» لكنه لم يزره وظل الديك سنوات ينتظره كل يوم، ويمنى نفسه بالزيارة علها تخفف من وحشة فراقه.