خلال ظهوره في أول تجمع كبير له منذ فوزه بالرئاسة في الخامس من نوفمبر، كشف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن بعض ملامح سياسته الخارجية التي تعطي الأولوية لبلاده على بقية دول العالم، مستغلًا زخم مؤيديه من الحزب الجمهوري وهتافاتهم الحماسية لاقتراب عودته إلى السلطة بشكل رسمي، ليصرح بأمور فاجأت حلفاء الولاياتالمتحدة قبل منافسيها، من ذلك ما يتعلق بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية التي تمثل نقطة تصادم المصالح بين أمريكاوالصين. التهديد باستعادة السيطرة على قناة بنما «أستطيع الإعلان بفخر أن العصر الذهبي لأمريكا قد بدأ».. روح جديدة ظهرت في خطاب ترامب أمام أنصاره وهو يخترق بحديثه سيادة بعض الدول في الشرق الأوسط متمشيًا على حدود روسيا وأوكرانيا وعابراً منها إلى بنما، إذ قال إنه سيعمل على وقف الحرب الطويلة على الأراضي الأوكرانية ويحل النزاع بين إسرائيل والفصائل المدعومة من إيران بما لا يسمح باندلاع حربٍ عالمية ثالثة، وغيرها من الوعود التي تكرر ذكرها خلال حملته الانتخابية لكن الجديد هذه المرة هو أنه ألمح إلى تحدي المصالح الاقتصادية لغريمته التقليدية الصين، من خلال التهديد بسيطرته على قناة بنما التي تعد الولاياتالمتحدة أكبر عميل لديها، وهي المسؤولة عن حوالي ثلاثة أرباع الشحنات التي تمر عبرها كل عام، بما يسهم بإدخال حوالي 2 مليار دولار إلى خزانة بنما، ومع ذلك تمثل الصين ثاني الدول المستفيدة من القناة، الأمر الذي انتبه ترامب إلى خطورته خلال كلمته يوم السبت فقال إنه لن يسمح بأن تقع القناة في «الأيدي الخطأ» مهدداً الصين من أي تأثير محتمل على الممر المائي الذي يصل بين الأمريكتين الشمالية والجنوبية. رد رئيس بنما على تهديدات ترامب واتهم ترامب إدارة قناة بنما بفرض رسوم باهظة على الولاياتالمتحدة مقابل استخدام مياهها في نقل البضائع والمعدات العسكرية، ملوحاً باستعادة سيطرة الولاياتالمتحدة على القناة إذا لم تدرها بنما بطريقة «مقبولة»، ليظهر رئيس بنما «خوسيه راؤول مولينو» في مقطع فيديو معبراً عن رفضه لتهديدات ترامب قائلاً إن القناة لا تسيطر عليها الصين أو المجموعة الأوروبية أو الولاياتالمتحدة أو أي قوة أخرى، لا بشكل مباشر أو غير مباشر، وبصفته بنمياً فإنه يرفض بشدة أي تعبير يشوه هذه الحقيقة، وأضاف: «كل متر مربع من قناة بنما والمناطق المتاخمة لها هو ملك لبنما وسيظل تابعا لها»، وفقاً لما نقلته صحيفة «جورنال تايمز». توتر دبلوماسي مقابل تحالف قديم لم يغفل الرئيس البنمي الذي يعتبر حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة عن الإشارة إلى تطلعالته فيما يخص مستقبل العلاقات بينها وبين بلاده في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، معبراً عن أمله في «علاقة جيدة ومحترمة» مع معالجة موضوعات مثل الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات، لكن سيادة بلده واستقلاله أمر غير قابل للتفاوض، لكن من الواضح أن ترامب ينوي التصعيد بعد الذي نشره يوم السبت في منصته الخاصة بالتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، إذ قال إن بلاده تنازلت عن السيطرة على الممر المائي «بحماقة» بينما يدفعون اليوم الثمن باهظاً، مشيراً إلى أن سيادة القناة «لم يتم منحها من أجل مصلحة الآخرين، بل كرمز للتعاون مع بنما»، وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه «البادرة الكريمة»، فإنه سيطالب بإعادة ملكية قناة بنما إلى أمريكا بالكامل دون تردد. تاريخ التحالف بين أمريكاوبنما من جانبها أشارت وكالة «رويترز» إلى أن منشور ترامب يعتبر «مثالاً نادراً» لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراض تابعة لها، وهو ما يسلط الضوء على التحول المتوقع في الدبلوماسية الأميركية في ظل الولاية الثانية لترامب الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام «الخطاب العدواني». ويذكر أن الولاياتالمتحدة كانت مسؤولة عن بناء قناة بنما وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن، لكنها سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة، وذلك بموجب معاهدة وُقعت عام 1977 في عهد الرئيس الأسبق «جيمي كارتر»، وبحسب شبكة «msn» الإخبارية تُعد القناة مصدراً حيوياً لاقتصاد بنما يدر نحو خُمس إيراداتها السنوية.