من بينها «السرية» و«التجاهل الروسي».. هكذا استطاع الأوكرانيون اختراق الأراضي الروسية

في تطور مفاجئ، نفذت القوات الأوكرانية، اختراقا جريئا داخل الأراضي الروسية، شكّل تحولا لافتا منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، حيث ساعدت عدة عوامل الجنود الأوكرانيين في نجاح عمليتهم في التوغل إلى «كورسك»، فوفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، كانت السرية عاملا أساسيًا، إضافة للخداع، إلى جانب عدم تحصين المنطقة بشكل كافي، وعدم الاهتمام الروسي بالتحركات الأوكرانية في نجاح العملية.
وأشار صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى تقدم القوات الأوكرانية لمسافة تصل إلى 11 كيلومتر داخل الأراضي الروسية على جبهة يبلغ طولها 40.2 كيلومتر.
وبحسب الصحيفة، فقد فاجأ هذا التوغل الذي تم التخطيط له وتنفيذه في سرية، حتى أقرب حلفاء «كييف» الساعية لقلب آليات الحرب بدا وكأنها تخسرها، مع تقدم القوات الروسية في الشرق.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن الهجوم الذي شنه الأوكرانيون، أصاب «موسكو» بالصدمة، فبالنسبة لروسيا، كان الهجوم الأوكراني «لحظة صادمة»، بسبب فشلها في مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية مواطنيها.
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن الجنود الأوكرانيين، قالوا إنهم لم يكونوا على علم بالخطة مسبقا، فيما قال المحللون العسكريون الذين يقضون أيامهم في تتبع الحرب إن الخطوة فاجئتهم.
ولكن الصحيفة الأمريكية اعتبرت أيضًا التوغل الأوكراني بمثابة «مجازفة كبيرة»، خاصة في ظل سيطرة روسيا على معظم خط المواجهة في أوكرانيا وتحقيقها تقدم كبير في الشرق، مشيرة إلى أنه في حالة احتفظت «كييف» بالأراضي الروسية، قد تتمكن من إرهاق قدرة الجيش الروسي، ووضع فلاديمير بوتين في «حرج كبير»، علاوة على حصول الأوكرانيين على ورقة مساومة لأي مفاوضات سلام.
على النقيض، في حال نجاح روسيا في دفع القوات الأوكرانية خارج كورسك والتقدم في الوقت نفسه في شرق أوكرانيا، فسينقلب السحر على الساحر، ويلقى باللوم على القادة العسكريين الأوكرانيين لمنحهم الروس فرصة لكسب المزيد من الأراضي، خاصة في منطقة «دونيتسك».
وتظهر خرائط ساحة المعركة التي جمعها محللون مستقلون أن الجنود من الألوية التي كانت تقاتل منذ فترة طويلة في الشرق قد انتقلوا بشكل سري إلى منطقة «سومي» الأوكرانية، عبر الحدود مباشرة من «كورسك» بالرغم من ملاحظة الروس لهذه التحركات.
وفي هذا السياق، عبر أندريه جوروليوف، العضو البارز في البرلمان الروسي والضابط السابق الرفيع في الجيش الروسي، عن أسفه على التلفزيون الوطني، قائلا: «القوات قد تم رصدها، وأن المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى الاستعدادات لهجوم، لكن جاء الأمر من الأعلى بعدم الذعر، وأن أولئك الذين في الأعلى يعرفون أفضل».
ووفقا لنائب قائد إحدى الألوية، المقدم أرتيم، الذي طلب تحديد هويته باسمه الأول ورتبته فقط، تماشيًا مع البروتوكول العسكري، فإن أوكرانيا نقلت أجزاء من الألوية إلى منطقة «سومي» تحت ذريعة التدريب واستلام معدات جديدة.
ونقلت أسلحة ثقيلة، وتكدس الجنود في المنازل، وأخبر الضباط بتجنب ارتداء الزي العسكري عند دخول البلدات والمدن حتى لا يلفتوا الانتباه، كما قال أحد الضباط، الذي عرّف نفسه بالاسم الحركي «تيخي».
وأشار «تيخي» إنه حتى داخل الجيش، لم يتم إطلاع الكثيرين بالعملية، كاشفا أن بعض الوحدات أخبرت بمهمتها فقط في اللحظة الأخيرة.
وبحسب «نيويورك تايمز»، فقد شكلت منطقة كورسك هدفا أسهل من أماكن أخرى على طول الجبهة البالغ طولها 600 ميل في شرق وجنوب أوكرانيا، حيث كان بها عدد أقل من الخنادق المضادة للمركبات المدرعة، وعدد أقل من العوائق الهرمية المضادة للدبابات، وعدد أقل من مواقع القتال المأهولة، كما قال برادي أفريك، وهو محلل أمريكي يرسم خرائط للدفاعات الروسية.
واندفعت المئات من القوات الأوكرانية الإضافية إلى الأمام، مخترقة نقاط التفتيش الحدودية ومخترقة خطين دفاعيين، مع وجود ألغام أقل وعوائق أقل ضد العسكريين، تحركت الألوية الأوكرانية الآلية بسرعة.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فقد عبر المسؤولون الأمريكيون، عن مفاجئتهم بمدى نجاح العملية حتى الآن، لكنهم كانوا متشككين في قدرة الأوكرانيين على الاحتفاظ بمكاسبهم.